السجن يلاحق مستصلحى الأراضى.. ومواطن: «لابيرحموا ولاعايزين رحمة ربنا تنزل» بعد قرابة 30 عاما على استصلاح الصحراء، أجبرت القرارات التعسفية الروتينية أهالى منطقة الوادى الأسيوطى، على تبوير أراضيهم، التى تبلغ مساحتها 3500 فدان، دفعوا لقاء استصلاحها كل ما يملكون، وهاجروا من ديارهم آملين فى تحويل لون الأرض الأصفر إلى أخضر. يقع الوادى الأسيوطى على بعد 22 كيلومترا من محافظة أسيوط، ويتبع إداريا جهاز مدينة أسيوط الجديدة، قام عدد من الأهالى فى عام 1986 باستصلاح قرابة 3500 فدان بالجهود الذاتية، تاركين ديارهم، وبدأوا فى تمهيد الطرقات وتسوية الأراضى، وحفروا الآبار، ومدوا شبكات رى متطورة، وزرعوا أعمدة كهرباء، وتحملوا تكلفة شراء محولات على نفقاتهم الخاصة، آملين فى استصلاح تلك البقعة الصحراوية على أطراف المحافظة. فى ذلك الوقت لم يكن قرار إنشاء مدينة أسيوط الجديدة قد صدر، لكن فى عام 2000 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 194 الذى يقضى بالبدء فى إنشاء مدينة أسيوط الجديدة، وتم تقسيم المدينة لثلاث مناطق هى: التجمع السكنى، والمنطقة الصناعية، والحزام الأخضر، ووقعت المنطقة المستصلحة (3500 فدان) بناءً على هذا التقسيم فى حيز الحزام الأخضر، بعدها بدأ الأهالى فى حفر قرابة 50 بئرا إرتوازية، ومهدوا أكثر من 66 طريقا، وشقوا المجارى، وقاموا بشراء سيارات لنقل المياه للأماكن التى لا تصلها مياه الآبار الإرتوازية، حتى أصبحت الآن من أجود الأراضى الزراعية، والتى تنتج أجود أنواع المحاصيل من قمح ورمان وبرسيم وأعلاف». يقول سيد عباس سالمان، مهندس زراعى: «تركت مدينة البدارى منذ 30 عاما، لأستقر بالوادى الأسيوطى، لاستصلاحها مع عدد من الأهالى بعد أن كانت صحراء»، مضيفا، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى رفض قرار المحافظة رقم 1109 لسنة 2006، الذى يقضى بتخصيص مساحة الأراضى المستصلحة (3500 فدان)، لإقامة مزرعة خشبية تخدم مشروع الصرف الصحى، لخدمة مراكز أبنوب والفتح وأسيوط الجديدة، وطالب المحافظة بالبحث عن مكان بديل، وعدم تبوير تلك الأراضى مرة أخرى، حتى لا يتم إهدار 200 مليون جنيه، أنفقت لاستصلاح تلك المساحة، وفى النهاية تم اختيار موقع بديل خارج كردون مدينة أسيوط الجديدة على بعد 17 كم من الموقع. وأكد السيد فرحان رويشد، أن المحافظة تعنتت مع مستصلحى تلك الأراضى، وطالبتهم بدفع مبالغ باهظة، ما تسبب فى بوار 55 فدانا استصلحها مع إخوته، بعد مطالبة المحافظة لهم بسداد 20 ألف جنيه تحت مسمى ممارسة كهرباء، بالمخالفة لما يطالب به الرئيس باستصلاح الأراضى. وأضاف: «عقب تسديد المبالغ المستحقة فوجئنا بشركة الكهرباء تحرر محاضر أخرى لنا، وتهددنا بالحبس، مطالبة لنا بسداد مبالغ مالية كبيرة لا نعرف عنها أى شيء، وفوجئنا بصدور أحكام علينا بالحبس، لا بيرحموا ولا بيخلوا رحمة ربنا تنزل، الأمر الذى دفعنى لخلع أعمدة الكهرباء والمحول وتبوير الأراضى لعلهم يتصالحون معى، ويسقطون الغرامات الكبيرة التى يطالبوننى بها». وتابع: «بصراحة أول مرة أجد حكومة تقف ضد استصلاح أراضى الصحراء الميتة، وترغب فى مشاهدتها صحراء صفراء بور». كان اللواء إبراهيم حماد، محافظ أسيوط السابق، قد وافق بتاريخ 14 أغسطس عام 2014، على حصر تلك المساحات ورفع الخرائط المساحية لتقنين أوضاع ملاكها بتحصيل مقابل انتفاع منهم، عن تلك المساحات لحساب الوحدات المحلية المختصة، حفاظا على المال العام، إلا أن المهندس ياسر الدسوقى، محافظ أسيوط الحالى، أوقف القرار، ما دفع الأهالى إلى الهروب من أراضيهم وتركها عرضة للبوار. وطالب مستصلحى الأراضى الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتدخل لحماية 3500 فدان من البوار، بعد التعنت الشديد من قبل المحافظة وشركة الكهرباء، ورغبتهم فى تبوير تلك الأراضى التى دفعوا مقابل استصلاحها أكثر من 200 مليون جنيه.