■ تجديد الخطاب لا يكون بتعليمات أرشح «الأزهري» لقيادة المؤسسة الدينية أقول لياسر برهامى: أطلب من رجال الأعمال التبرع ل«تحيا مصر» الإخوان شوهوا الإسلام «أمن الدولة» حمى مصر من الإلحاد والتشيع وضع الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، المستشار الدينى للقوات المسلحة، يده على حقيقة غائبة عن كثيرين فى مجال تجديد الخطاب الدينى، وقال إن التجديد يجب أن يكون نابعًا من رغبة داخلية لدى القائمين على المؤسسة الدينية أنفسهم وليس بناء على تعليمات من السلطة السياسية الحاكمة، مشيرًا إلى أن القائمين على المؤسسة الدينية يفتقدون البوصلة فى محاولاتهم تجديد الخطاب الدينى، فهم يهتمون بعقد المؤتمرات مع النخبة، ويتركون الحلقة الأهم وهى الارتقاء بمستوى الدعاة ورفع درجة الوعى لديهم. انتقد عبدالجليل الصراع الدائر بين الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، والدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ووصف ذلك بقلة الأدب، أعرب وكيل الأوقاف الأسبق عن سعادته بنتيجة الثانوية الأزهرية (نسبة نجاح 28%) وقال إنها تعكس واقع مستوى الطلاب الملتحقين بالتعليم الأزهرى . ■ بعد مرور 8 أشهر على دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الدينى، كيف تقيم أداء المؤسسات الدينية فى هذا الملف؟ - القائمون على المؤسسة الدينية فى مصر سواء فى الأزهر أو وزارة الأوقاف يبذلون مجهودًا لا نستطيع أن ننكره، إلا أن ذلك المجهود لم يرق بعد إلى مستوى العمل المنشود، فلا تجديد للخطاب دون اهتمام بالأئمة فى المقام الأول.. وهو ما لم يحدث حتى الآن، بينما معظم المجهودات مقتصرة على مؤتمرات ونقاشات وما إلى ذلك. ■ معنى ذلك أن «الأئمة» هم الحلقة المفقودة التى لم تستطع بعد المؤسسة الدينية الإمساك بها؟ - بالضبط .. فالإمام هو أساس كل شيء، وحينما كنت مسئولا عن الدعوة بوزارة الأوقاف قبل عامين كان ذلك جل ما أركز عليه، أما الآن فاللقاءات تعقد مع المثقفين وغيرهم من قطاعات المجتمع، فى حين أن أولى الناس بالنقاش والاهتمام هم الأئمة. ■ تقصد أن الثمانية أشهر الماضية ذهب جهدهم هباءً؟ - لا أريد أن أقول هباءً.. ولكن فلنقل إن البوصلة لم تستطع تحديد مؤشرها الصحيح بعد، ليس فقط بل أكاد أجزم أنها لن تستطيع تحديدها طالما عملت المؤسسة كرد فعل، بمعنى أن تأتى تحركاتها بعد مطالب من القيادة السياسية، وأذكر أن مبارك لم يتحدث عن تجديد الخطاب الدينى إلا بعد تحدث بوش عنه فى 2001، بعدها تحركت الأوقاف وعملت مؤتمرًا، والآن الرئيس السيسى لديه نوايا حقيقية ويريد أن يواجه الأفكار الخاطئة، ويزيل كل ما التصق بالدين، ولكن المؤسسة الدينية مازالت غير قادرة على ذلك، لأن القناعة يجب أن تخرج منها نفسها، وأن تملك الإرادة لذلك، وإلى أن تحققه ستظل الاستجابة تدور فى فلك المؤتمرات واللقاءات وما إلى ذلك. ■ وماذا عن تنقيح التراث.. ومطالب البعض بهدم كتب ابن تيمية وغيره؟ - تنقيح التراث أمر مهم وضرورى من باب أن لكل عصر حاجاته وأساليبه، ولكن ذلك لا يعنى هدم التراث، بل التركيز على ما نحتاجه منه ويصلح لعصرنا، والاجتهاد عليه من قبل العلماء والمتخصصين، وبخصوص ابن تيمية وغيره من العلماء الأوائل فالمؤيدون والمعارضون على حد سواء أساءوا لهم، وكل منهم اجتزأ من نصوصهم ما يحقق أغراضه وأهمل الباقى، فابن تيمية مثلاً له حديث رائع فى التكفير، وهو عدم الأخذ على الجاهل والمخطئ إلى آخره، فلو أخذنا به لما كفرنا أحداً. ■ مَنْ أعضاء تلك اللجنة ومتى ستبدأ عملها؟ - أتمنى أن يشرف عليها ولو شرفياً الدكتور على جمعة، والدكتور أحمد عمر هاشم، بالإضافة إلى عدد من العلماء من الأزهر.. ولكنى لن أستطيع أن أفصح عن أسماء الآن كونها ما زالت فى طور التشكيل. ■ وكيف أثرت فترة حكم الإخوان على ملف تجديد الخطاب.. خاصة وأنك ذكرت عملك عليه منذ 2009؟ - لم يضر أحد تجديد الخطاب الدينى كما ضره الإخوان، فخلال العام الذى تولوا فيه الحكم أعدموا 11 كتابًا ومجلدًا لمواضيع لا تتفق مع رؤيتهم، كختان الإناث وغيره، فالإخوان هدموا تجديد الخطاب الدينى. ■ وماذا عن اختراقهم للأزهر؟ - اختراقهم للأزهر تم على مدى عصور، وليس الإخوان فقط بل الإخوان والسلفيون وحتى الجهاديين، ولقد كان لهم مخطط فى ذلك، فهم لا يهمهم الطالب بقدر ما يهمهم اختيار العناصر المتميزة، فما أن يعلموا أن أحداً صار معيدا فى كلية ما حتى يأخذوا فى التقرب منه، وعرض خدماتهم عليه، أو أن يدعموه فى انتخابات نادى هيئة التدريس، أو أن يدفعوا به فى المؤتمرات، وحتى إذا لم ينتم إليهم تنظيمياً، فيكفيهم أن يتعاطف معهم، ويصبح من المحسوب عليهم. ■ ننتقل إلى قضية الإلحاد.. لماذا انتشرت تلك الظاهرة مؤخراً؟ - دعونى أعترض مقدماً على كلمة ظاهرة، فالإلحاد ليس ظاهرة، ولا أحد لديه إحصائية على وجه الدقة عن عددهم، مصر سكانها 90 مليونًا، ولكى نطلق على شيء أنه أصبح ظاهرة فيجب أن يظهر فى 50 مليونًا مثلاً، أما بخصوص أسبابه فهى عديدة أولها تأثر جهاز أمن الدولة بعد الثورة، فالجميع يتحدث عن مساوئ الجهاز، لكن أنا يكفينى منه ميزة واحدة فى غاية الأهمية، نشعر بأثرها الآن، وهى حمايته للمجتمع من التفكك، فبفضله لم يكن يجرؤ أحد على إعلان إلحاده بالصورة الموجودة حالياً، كما أنه عندما يريد أحد أن يغير ديانته، يأتون بالشاب أو الفتاة بعيداً عن أى ضغط ويجلسوهم مع قس وشيخ، ليستخلصوا الأسباب التى أدت بهم إلى الرغبة فى تغيير الديانة. ■ وهل الأمر ذاته ينطبق على التشيع؟ - بالطبع.. فهل كان يجرؤ أحد من قبل على المطالبة بعمل حسينية أو أى من الشعائر الشيعية بصورة علنية، وإذا أخذنا بمبدأ الحرية فكل شخص له حرية اعتناق ما يريد ولكن لا يجوز لشيعى أن ينشر تشيعه فى بقعة سنية والعكس. ■ وماذا عن دعوات التقريب بين المذاهب؟ أنا أرفض ذلك المسمى، فلا يمكن التقريب بين المذاهب، فمثلاً إذا كان لديك حزب ليبرالى وآخر إسلامى هل من الممكن أن تقرب بين أفكارهم، بالطبع لا، فلا يمكن أن نطلب من قضيبى القطار المتوازيين أن يقتربا وإلا لانقلب القطار، فالمسمى الصحيح التعايش أو التقريب بين أهل المذاهب وليس المذاهب. ■ ونحن على أعتاب تغير وزارى محتمل .. هل ترى فى تغيير «جمعة» ضرورة؟ - لا أستطيع أن أتحدث فى ذلك، فشهادتى مجروحة، فقد كنت مرشحاً للوزارة قبل تولى جمعة، لذلك أفضل ألا أجيب. ■ معنى ذلك أنك تستبعد أن يكون تعديل قانون الهيئات المستقلة جاء ضد شيخ الأزهر؟ - لا أتمنى أن يحدث ذلك. ■ كيف نتحدث عن تجديد الخطاب ونسبة النجاح فى الثانوية الأزهرية لم تتجاوز 28٪؟ - أنا سعيد بتلك النتيجة جداً، وأتعجب ممن يغضبون بسببها، فتلك النتيجة هى مستوى الطلاب، الذين أدخلهم أولياء أمورهم الأزهر فقط لأنهم سيدخلون كلية بأى مجموع على عكس الثانوية العامة، فتلك النتيجة بداية الإصلاح، لأن هناك طلابًا لا يجيدون القراءة والكتابة، كما أننى أرى ضرورة فصل الطلاب الذين يدخلون الأزهر ويريدون أن يصبحوا أطباء أو مهندسين، حيث تظل دراستهم كما هى مع بعض التخفيف، أما الطلاب الذين يريدون أن يصبحوا علماء أو أساتذة فى الشريعة والقانون وغيرهم، فتكون لهم مناهج مخصصة موسعة يدرسون كل شيء بتمعن، والأفضل أن يكون ذلك الفصل من التعليم الأساسى. ■ ثار خلاف حول فوائد قناة السويس.. ما رأيك فى ذلك؟ - أرباح القناة ليست ربا. ■ يوسف القرضاوى .. كيف تراه الآن.. هل يسىء إلى الأزهر؟ - القرضاوى كعالم يجب ألا ننتقص من حقه، فهو له العديد من المؤلفات التى تكفى فى حد ذاتها لصناعة مكتبة، إلا أن رأيه السياسى أفسده.. فالسياسة تفسد علماء الدين، ولقد وجهت رسالة للإخوان خلال فترة حكمهم قلت فيها لا تهينوا الإسلام من خلالكم، واخلعوا انتماءكم السياسى فى الموضع الذى تخلعون فيه أحذيتكم - أى عند باب المسجد - إلا أنهم لم يستمعوا لأحد واستمروا فى عندهم وكبرهم. ■ كيف ترى الخلافات بين الدكتور محمد مختار جمعة والإمام أحمد الطيب؟ - لا اعتقد أن ثمة خلافًا، فلا يجوز من الأساس أن يكون هناك خلاف، فالطيب هو رأس المؤسسة الدينية وكل المؤسسات الأخرى بما فى ذلك وزارة الأوقاف والجامعة والجميع يعمل تحت إمرته ورايته، وأنا أتعجب مما يحدث، شيخ الأزهر شيخنا جميعاً وما يحدث الآن «تطاول». ■ وماذا عن الدكتور أسامة الأزهرى؟ - شخصياً سأكون سعيداً جداً إذا تولى الدكتور أسامة الأزهرى أى منصب، فأنا من أكثر المؤمنين به، فهو عالم جليل على درجة عالية من العلم، بالإضافة إلى تواضعه، وحججه التى يستطيع أن يتحاور بها حتى مع المخالفين، كما أنه تلميذ الشيخ على جمعة. ■ ولكن على الجهة الأخرى.. هناك مطالب بإقالة شيخ الأزهر لا سيما بعد تعديل قانون الهيئات المستقلة؟ - الإمام الطيب تولى قيادة الأزهر فى فترة عصيبة، ولم تزل مستمرة، ولقد قدم جهدًا يشكر عليه، وشخصية الإمام الأكبر شخصية اعتبارية لها مركزها فى العالم كله لا يجب النيل منها بالإقالة أو الاستقالة، وكل ما أطلبه من الإمام الأكبر التنوع فى حاشيته، حتى تصل إليه جميع الآراء والأفكار، بما يعود بالنفع على المؤسسة كلها.