بالفيديو.. القسام تبث مشاهد لمحاولة أسر جندي إسرائيلي    عون يطالب بدعم الاتحاد الأوروبي للبنان من خلال استعادة أراضيه ودعم الجيش اللبناني    قصور الثقافة تطلق الملتقى الأول للعرائس التقليدية بالقليوبية وسط إقبال جماهيري    "تنظيم الاتصالات" يعلن عن كيفية تعويض المتضررين من انقطاع خدمات الاتصالات    غلق باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ في الغربية بعد تقدم 17 مرشحًا    محافظ الإسكندرية يتفقد مشروع توسعة الكورنيش بنطاق حي منتزه أول    يرغب في الانتقال لريال مدريد مجانا، كوناتي يرفض عرضين من ليفربول لتجديد عقده    محافظ الجيزة يشهد فعاليات إطلاق معسكر صحح مفاهيمك لأعضاء اتحاد بشبابها    بسبب زيزو.. نجم الأهلي يطالب بتعديل عقده أو مناقشة العروض الخليجية    شبورة كثيفة على هذه الطرق غدا    حجز شقق الإسكان الاجتماعي، تفاصيل التقديم في الطرح الجديد    نوال الزغبي تشوق جمهورها لحفلها المقبل في بيروت    - بعد فوزها بلقب إكس فاكتور.. حنين الشاطر تطرح أول ألبوماتها بعنوان "بياع كلام"    قصور الثقافة تُحيي التراث والمواطنة.. أنشطة فنية وموسيقية وتوعوية في الإسكندرية والغربية    نجاح إجراء جراحة نادرة لعلاج عيب خلقي لطفل بمستشفى المنيرة العام    علاج ارتجاع المريء بالأعشاب الطبيعية    الصور الأولى ل تارا عماد من «ما تراه ليس كما يبدو»    بعد تألقها بدور ريحانة.. إشادات واسعة لسارة التونسي في «مملكة الحرير»    استشارية أسرية: حفظ أسرار البيت واجب شرعي وأخلاقي    ملك إسماعيل ومحمد حسن يتوجان بذهبية المختلط للناشئين ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 229 صحفيًا    محو ألفى عام من التاريخ.. المسيحيون يختفون من سوريا بعد فرار الغالبية من البلاد    سعرها نصف مليار جنيه وتحتوي على «ساونا وسينما».. قصة فيلا محمد صلاح الفاخرة في تركيا    أول تحرك برلماني بعد حريق محطتي محولات العاشر من رمضان والورديان    صرف 1.1 مليون جنيه لأسرة المتوفي في حريق سنترال رمسيس    بينها «موقع ودير أبومينا».. «اليونسكو» تسحب 3 مواقع من قائمة الآثار المعرضة للخطر (صور)    «عضّ زميله في أذنه».. فتح تحقيق عاجل في مشاجرة بين محاميين داخل محكمة شبين الكوم بالمنوفية    خالد الجندي: بشاشة الوجه والضحك سُنة نبوية    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 دبلوم سياحة وفنادق.. الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    الحوثيون: استهدفنا إسرائيل بصواريخ باليستية ونواصل منع الملاحة نحو إيلات    إطلاق الدليل التدريبي لمبادرة "دوي" الوطنية بطريقة برايل    انتبه- 5 علامات مبكرة تكشف عن وجود ورم في معدتك    بن غفير يحمل الحكومة الإسرائيلية ومفاوضاتها مع "حماس" مسؤولية هجوم "غوش عتصيون"    مباحثات مصرية كندية للتعاون بمجال تطوير عمليات البحث والتنقيب عن البترول والغاز    آرسنال يضم الدنماركي كريستيان نورجارد كصفقة ثالثة في الميركاتو الصيفي    شيكابالا يوجه رسالة دعم لإبراهيم سعيد: "لا شماتة في الأزمات"    ميرتس يعلن اعتزام بلاده شراء أنظمة باتريوت من أمريكا لتقديمها إلى أوكرانيا    أوبك تخفض توقعات الطلب العالمي على النفط للسنوات الأربع المقبلة    وزير قطاع الأعمال العام يستقبل رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لبحث تعزيز التعاون المشترك    ضبط مصنع غير مرخص لتصنيع أجهزة بوتاجاز باستخدام خامات غير معتمدة ببني سويف    تعليم البحيرة تعلن بدء المرحلة الأولى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي الفني    تقارير تونسية: انتقال غربال إلى الزمالك يبدو صعبًا.. وأوروبا أولوية اللاعب    «قصر العيني» تستقبل سفير كوت ديفوار لبحث التعاون في إطلاق البرنامج الفرنسي الطبي «KAF»    ضبط 43 قضية «أمن عام» وتنفيذ 347 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة (تفاصيل)    تحرير 521 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 943 رخصة خلال 24 ساعة    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب بالعاصمة الإدارية الجديدة    ضمن مهرجان «العالم علمين».. انطلاق مؤتمر القسطرة المخية في مستشفى العلمين    المفتي السابق يوضح حدود الاستمتاع بين الزوجين أثناء الحيض    لله درك يا ابن عباس.. الأوقاف تنشر خطبة الجمعة المقبلة    كامل الوزير يبحث مع نائب رئيس وزراء الكونغو تدعيم التعاون في مجالات النقل    الهيئة العليا للوفد تطالب عبد السند يمامة بالاستقالة    جمال شعبان يحذر من ألم البطن.. علامة خادعة تنذر بأزمة قلبية    أهالي القنطرة شرق ينتظرون تشييع جثمان الفنان محمد عواد وسط أجواء من الحزن    باريس سان جيرمان ينهي سجل ريال مدريد المثالي في كأس العالم للأندية    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 10 يوليو 2025    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 4 محافظات    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال حمدان في "عبقرية المكان" عن القناة: "نبض مصر"
نشر في البوابة يوم 07 - 08 - 2015


إعداد: أحمد صوان
إشراف: سامح قاسم
"إن ما تحتاجه مصر أساسًا إنما هو ثورة نفسية، بمعنى ثورة على نفسها أولًا، وعلي نفسيتها ثانيًا، أي تغيير جذري في العقلية والمثل وأيديولوجية الحياة قبل أي تغيير حقيقي في حياتها، وكيانها، ومصيرها.. ثورة في الشخصية المصرية، وعلى الشخصية المصرية.. ذلك هو الشرط المسبق لتغيير شخصية مصر، وكيان مصر، ومستقبل مصر".
دوّنها المفكر والعالم الجغرافي الراحل جمال حمدان في موسوعته الأشهر "شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان"، والتي مثّلت بأجزائها الأربعة قراءة عميقة في موقع مصر وتاريخها وحياة أهلها، وتحدث فيها عن المشكلات والتحديات التي تواجه بلدًا بحجم مصر وموقعها في المنطقة والعالم؛ والأمس، عاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في كلمته بمُناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة، ليُذّكر العالم بما قاله حمدان قبل عقود من الزمن حول مشروعات التنمية والتمدد الجغرافي وعمليات التنمية.
"ولقد قيل بحق أن التاريخ ظل الإنسان على الأرض بمثل ما إن الجغرافيا ظل الأرض على الزمان".
ولد جمال حمدان في الرابع من فبراير عام 1928 بقرية ناي بمحافظة القليوبية، وكان والده أزهريًا له من الأبناء سبعة، ويعمل مدرسا للغة العربية في مدرسة شبرا التي التحق بها ولده، وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1939، واهتم الوالد بتحفيظ أبنائه القرآن الكريم، وتجويده وتلاوته على يديه ؛ مما كان له أثر بالغ على شخصية جمال الذي حصل على شهادة الثقافة عام 1943، ثم التوجيهية الثانوية عام 1944، وكان ترتيبه السادس على القطر المصري، ثم التحق بكلية الآداب قسم الجغرافيا، وكان طالبًا ومتميزًا ليتخرج عام 1948، ويتم تعيينه معيدًا، ثم أوفدته الجامعة في بعثة إلى بريطانيا عام 1949 حصل خلالها على الدكتوراه في فلسفة الجغرافيا من جامعة "ريدنج" عام 1953، وكان موضوع رسالته "سكان وسط الدلتا قديمًا وحديثًا".
"كفانا إذن حديثًا عن مزاينا ومناقبنا، فهى مؤكدة ومقررة، وهى كفيلة بنفسها، ولنركز من الآن على عيوبنا، لننظر إلى عيوبنا في عيونها في مواجهة شجاعة، لا لننسحق بها، ولكن لنسحقها، لا لنسىء إلى أنفسنا ولكن لنطهر أنفسنا".
عاد "حمدان" إلى القاهرة لينضم إلى هيئة تدريس قسم الجغرافيا في كلية الآداب جامعة القاهرة، ثم رُقيَّ أستاذًا مساعدًا، وأصدر في هذه الفترة "جغرافية المدن، المظاهر الجغرافية لمجموعة مدينة الخرطوم -المدينة المثلثة، ودراسات عن العالم العربى"، وحصل بها على جائزة الدولة التشجيعية عام 1959، ليلفت إليه أنظار الحركة الثقافية، وفى الوقت نفسه يكسب غيرة بعض زملائه وأساتذته داخل الجامعة؛ فحين تقدم لنيل درجة أستاذ مساعد، وأقرت اللجنة العلمية هذا الترشيح مع أستاذ جامعى آخر، كانت هناك درجتان تقدم لهما أربعة من العاملين بالتدريس بالجامعة، ولم يفز حمدان الأمر الذي جعله يرى في ذلك إهانة له، فتقدم باستقالته التي لم تقبلها الجامعة إلا بعد عامين كان خلالهما مسئولو قسم الجغرافيا يحاولون إثناؤه دون جدوى، ومنذ ذلك الحين فرض حمدان " على نفسه عزلة اختيارية عن الناس؛ فلم يكن يستقبل أحدًا في منزله، وتفرّغ لدراساته وأبحاثه؛ وعكف على كتابه الموسوعي الشهير "شخصية مصر- دراسة في عبقرية المكان" فأنجزه في أربع مجلدات مُعتمدًا على ألف مرجع بأربع لغات.
"غير أن هذا الاتجاه التعس إن دل إنما يدل على أن الاستعمار الصهيوني القمئ يأتي ضد كل تيار التاريخ، حتى التاريخ الرجعي، حتى تاريخ الاستعمار نفسه، وأنه من ثم محكوم عليه قبلًا، وبحتمية التاريخ، بأنه ولد ليموت".
في 17 أبريل عام 1993، أحضر بواب العمارة التي يسكنها جمال حمدان في الدقي عدة كرأسات بيضاء، وعلبة سجائر محلية، وبضع زجاجات مياه غازية. وبعد ساعات قليلة دوي صوت انفجار في شقته، واقتحمها البواب ليجده مُلقى فوق أرض المطبخ وقد تفحم نصفه الأسفل تمامًا إثر انفجار أنبوبة البوتاجاز؛ وكان المنزل يحتوي على المطبخ الذي يضم مائدة خشبية متهالكة مغطاه بصحيفة وفوقها طبقان من البلاستيك، وغرفة النوم من دولاب متهالك وسرير وطاولة مختفية تحت ركام الكتب، وعدة حقائب جلدية كبيرة قديمة؛ وعُثر على صورة فتاة شقراء كان على علاقة بها أثناء بعثته في انجلترا وراديو ترانزستور، ولم يكن هناك تليفون أو تليفزيون؛ كما اختفت مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الانتهاء من تأليفها، منها كتاب عن اليهودية والصهيونية كان يقع في ألف صفحة وكان من المفروض أن يأخذه ناشره يوم الأحد التالي للوفاة، وكتاب عن علم الجغرافيا، ولم تكن النار التي اندلعت في الشقة لتصل إلى الكتب والأوراق؛ وقد ذكر رئيس المخابرات الأسبق أمين هويدي أن لديه ما يثبت أن الموساد الإسرائيلي هو الذي قتل حمدان.
"ولذلك كله فلا شك أن مصير إسرائيل الصهيونية سيُحدِد في نهاية المطاف مصير الإمبرايالية العالمية، فما دامت إسرائيل باقية فإن الإمبريالية ستظل مُقيمة لا تريم في العالم الثالث، ولكن يوم تذهب إسرائيل فسوف تكون تلك بداية النهاية المطلقة للإمبريالية".
لم تكن مصر في كتابات جمال حمدان قطعة أرض، أو تشكيلًا جغرافيًا مصمتًا على خارطة العالم، بل كانت كيانا حيا، له ماض وحاضر ويرنو إلى مستقبل؛ فجاءت موسوعة "شخصية مصر" أشبه بسيمفونية مُتناغمة من الخصائص والأحاسيس كما تبدت ملامح عديدة لمصر في مجمل كتاباته، فجاءت ذات شخصية متفردة تكمن فيها "عبقريتها الإقليمية" كما اسماها حمدان، وقدّم تفسيرًا للشخصية المصرية من خلالها هي التفاعل بين بعدين أساسيين في كيانها، وهما الموضع والموقع، فالموضع يقصد به البيئة بخصائصها وحجمها ومواردها في ذاتها، أي البيئة النهرية الفيضية بطبيعتها الخاصة وجسم الوادي بشكله وتركيبه؛ وهما يختلفان حين نجد أن حجم الموضع لا يتكافأ دائمًا مع خطورة الموقع الحاسم على ناصية العالم، وهما يتألفان في الأثر حين يدعوان إلى الوحدة السياسية والمركزية العنيفة، ومن حيث إن زمامها ليس محليًا تمامًا، وإنما يرتبط بعوامل خارجية بعيدة "وبين هذا الشد والجذب تخرج شخصية مصر الكامنة كفلتة جغرافية نادرة".
"والحقيقة أننا لا نعرف في أوقيانوغرافية العالم مائة ميل لها ما لقناة السويس من خطر ونتائج".
جاءت قناة السويس كدعامة رئيسية في عبقرية المكان لدى جمال حمدان، وخصص لها مؤلفًا مُستقلًا "قناة السويس نبض مصر" ليفرد فيه ما يلفت الأنظار إلى حيوية هذا الشريان الذي يضخ جانبًا كبيرًا من الحياة في أرض مصر ويربط المصريون به العالم.
"لا شك أن القناة التي اختزلت كل موقع مصر الجغرافي والإستراتيجي، أو جوهره في شريط مائي، حتى أصبح مرادفًا للقناة أو أوشك، لا شك أنها جددت شباب موقعنا؛ لكنها أصبحت بوابة ذهبية تجاريًا، فبالقناة لم يعد موقع مصر أخطر موقع إستراتيجي في العالم العربي وحده، وإنما في العالم القديم برمته على أرجح الظنون".
تحدّث حمدان عن أهمية قناة السويس وإضافتها لموقع مصر الجيوسياسي، كذلك تأثيرها في دفع الحركة التجارية بمصر وحركة النقل والبضائع وكل ما يترتب بالنسبة لمجرى ملاحي بدا كثقب زمني مُختصرًا الطريق بين أرجاء الأرض، وفي الوقت نفسه تجعل توثق ارتباط مصر بالعالم ولكنها تحتفظ بشخصيتها.
"فهي بطريقة ما تكاد تنتمي إلى كل مكان دون أن تكون هناك تمامًا، فهى بالجغرافيا تقع في أفريقيا، ولكنها تمت أيضا إلى آسيا بالتاريخ".
الإنسان هو الآخر كان واحدًا من أبطال جمال حمدان، رأه قادرًا على أن يُصبح الخليفة في هذه الأرض، إلا أن هناك العديد من المُشكلات التي يجب على هذا الإنسان أن يواجهها حتى يستطيع الوصول لغايته "وكما يصور بيتري شعب مصر فيقول: شعب مجد قوي، يعتريه الضعف كل بضع مئات من السنين -طبيعة الأشياء- فتتعرض بلاده للغزاة من الجنوب والغرب والشرق، فيتعرض هو لمؤثرات مختلفة، لكنه بالرغم منها ظل يحتفظ بطابعه وصفاته القومية وبشخصيته المتميزة بارزة المعالم".
دعا حمدان في مؤلفاته إلى الاهتمام بتعمير سيناء والتوسّع أفقيًا على ضفتي نهر النيل، مؤكدًا أن هذا التوسع لن يقضي فقط على أزمات التضخم السكاني وتوابعها، لكنه كذلك حماية للأمن القومي المصري من الأطماع التي تُثيرها المساحات الخالية في نفوس الأعداء "الفراغ العمراني هو وحده الذي يشجع الجشع، ويدعو الأطماع الحاقدة إلى ملء الفراغ، وهناك إجماع تام على ضرورة نقل الكثافة السكانية المكتظة في الوادي إلى أطراف الدولة وحدودها، بما فيها وعلى رأسها سيناء".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.