مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 14 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السودان ببداية تعاملات الاثنين 14 يوليو 2025    الدولار ب49.43 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 14-7-2025    سعر السمك (بلطى وسردين) والجمبري في الأسواق اليوم الاثنين 14 يوليو 2025    ارتفاع حصيلة ضحايا اشتباكات السويداء في سوريا ل 114 قتيلا ومصابا    حركة الكرامة في السويداء: ما تشهده المحافظة من توتر لا يخدم مصلحة أي طرف    مطار "لندن ساوث إند" يعلق جميع الرحلات بعد تحطم طائرة ركاب صغيرة    95 شهيدا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة خلال 24 ساعة    شوبير يعلن عن تقدمه ببلاغ للنائب العام ضد لاعب الأهلي    كلاكيت ثالث مرة.. نتيجة تشيلسي تتكرر والبطل يظل أوروبي    محمد صلاح: المجلس الحالي لا يقدّر أبناء الزمالك وفاروق جعفر "أهلاوي"    شوبير سيتقدم ببلاغ للنائب العام ضد نجم الأهلي السابق.. ما السبب؟    ملف يلا كورة.. مستقبل وسام مع الأهلي.. مفاوضات الزمالك.. وتتويج تشيلسي    وزير الطوارئ السوري يعلن موعد السيطرة الكاملة على الحرائق في ريف اللاذقية    هيئة الأرصاد تحذر: حالة الطقس اليوم في مطروح الإثنين 14 يوليو 2025    "أنا شهاب من الجمعية" و"أحمد بخيت كوكب".. قصتان متناقضتان لسائقي توك توك في مصر    توقعات الأبراج اليوم الإثنين 14 يوليو 2025.. «السرطان» يواجه تقدم مهني وانسجام عاطفي    ضبط مستأجرين تعتدوا على مالكة شقة وابنتها بالدقهلية (صور)    السيسي في قمة الاتحاد الإفريقي: تعزيز التكامل القاري ودعم السلم والأمن أولويات مصر في إفريقيا    9 صور لتسليم ترامب جوائز نهائي بطولة كأس العالم للأندية للاعبين    ليسوا ريال مدريد أو إنتر ميامي بالفعل.. تشيلسي يكتسح سان جيرمان ويتوج ب كأس العالم للأندية    فقد أعصابه.. إنريكي يعتدي على جواو بيدرو بعد خسارة نهائي كأس العالم للأندية    إعلام إيراني: لا صحة لإغلاق المجال الجوي الإيراني مجددا    حزب المؤتمر: وضعنا خطط عمل مشتركة للوصول إلى أكبر شريحة من الناخبين    فؤاد أباظة: القائمة الوطنية داعمة لجهود الدولة المصرية    الطب الشرعي يُجري أعمال الصفة التشريحية لبيان سبب وفاة برلماني سابق    سر موتهم لا يزال مجهولًا.. دفن الجثة الرابعة للأشقاء المتوفين بالمنيا    الكهرباء: عودة 5 وحدات غازية للعمل بمحطة الشباب المركبة بالإسماعيلية    مع السقا وفهمي.. لاعب الأهلي يشاهد فيلم "أحمد وأحمد" (صورة)    حدث بالفن | عزاء المخرج سامح عبدالعزيز ونقل لطفي لبيب إلى المستشفى    "ليه ميدخلش بالجلابية؟".. رسالة غاضبة من وائل شيتوس إلى مسؤولي الأندية    ثروت عكاشة رئيسا لنادي أدب أسيوط    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    لا يحتاج لإنترنت ويعمل بال«بلوتوث».. مؤسس «تويتر» ينافس «واتساب» بتطبيق جديد    80 رحلة يوميا.. مواعيد قيام القطارات من محطة بنها إلى مختلف المحافظات الإثنين 14 يوليو    مساعد وزير الداخلية الأسبق: ترخيص «التوك توك» ضرورة أمنية (فيديو)    رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. شروط القبول والالتحاق بالكليات والمعاهد الحكومية    وزير الزراعة: أضفنا 3.5 مليون فدان خلال 3 سنوات.. والدورة الزراعية لا تصلح لكل المناطق    زاخاروفا: القضية الأوكرانية أولوية في الاجتماع بين لافروف وروبيو    الإكوادور تعرض مكافأة 100 ألف دولار للقبض على نائب متهم باغتصاب قاصر    نقيب الصحفيين: التدريب على القضايا الدينية مسئولية وطنية لمواجهة التشويه والتطرف    محمد على رزق يتحدث عن أول لقاء مع الراحل محمود عبدالعزيز.. ماذا قال؟    4 أبراج «عندهم بُعد نظر».. حكماء يفكرون خارج الصندوق وبارعون في فهم الناس    نائب محافظ الجيزة يتفقد الوحدة المحلية بقرية القبابات والقرى التابعة لها بمركز أطفيح    مواعيد وشروط التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي 2025–2026    طبيب مصري: أجريت 375 عملية في غزة.. وأدركت هناك قيمة جراحة الشبكية    قد تحميك من أمراض القلب والسرطان.. خبراء يستعرضون فوائد تناول الشمام في الصيف    ساعد في علاج حالة نادرة عانى منها الزوج.. الذكاء الاصطناعي يحقق حلم الأمومة لسيدة بعد انتظار 18 عاما    تعظيم سلام لوزارة الداخلية    عادات صحية واظبي عليها يوميا للحصول على جسم رشيق    "ستوديو إكسترا" يعرض استغاثة محمد شوقى.. ووزارة الصحة تستجيب بسرعة    رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش الحوكمة الإلكترونية لنظم الصيانة بالجامعة    ما حكم الصلاة ب«الهارد جل»؟.. أمينة الفتوى توضح    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    تنسيق الجامعات الأهلية 2025.. تفاصيل الدراسة في برنامج طب وجراحة حلوان    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    وزير الأوقاف: شراكة الإعلام والمؤسسات الدينية خطوة تاريخية لمواجهة تحديات العصر الرقمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين المَوضِع والمَوقِع

في مثل هذا الشهر (فبراير) سنة 1928 وُلِد العالِم المصري المُتفرّد الدكتور جمال حمدان، الذي أثري المكتبة الإنسانية بكنزٍ من الكُتُب والدراسات،
لعل أكثرها شُهرةً كتابُه (شخصية مصر - دراسةٌ في عبقرية المكان) وكان هو نفسه نموذجاً في عبقرية الإنسان الذي يعرف معني كرامة العِلم والعالِم.. يكفي أن هذا العالِم الجليل عندما زاحَمَه أحد الصغار علي استحقاقه في الجامعة، تَرَك له الجَمَلَ بما حَمَل.. بل خاصَم الدنيا كُلّها وعكف راهباً في صومعته ينهلُ من العِلم ويُضيفُ إليه ويُخرج لنا هذه الأسفار إلي أن غادر دنيانا قتيلاً في صومعته الصغيرة بحي العجوزة عن خمسةٍ وخمسين عاماً فقط .. فاز الصغار بالمناصب (كعادتهم دائماً) ولم تكسب مصرُ منهم شيئاً ولكنها فازت بجمال حمدان.
علي العكس من كثيرين، لا يُحبطني ما يحدث في مصر من تفاعلاتٍ بدأت من قبل خَلْع مُبارك وما زالت مستمرّةً رغم ما يُصاحبها أحياناً من شططٍ أو تعثّر.. كلما أعدتُ قراءة كتابات جمال حمدان وجدتُ تفسيراً لما حدث ويحدث فيزداد تفاؤلي.. إنه المارد يستيقظ بعد رقودٍ وركودٍ قسري امتد إلي ما يقترب من أربعين عاماً.. أنستكثر عليه أن يفرك عينيه وينتفض قائماً في خمس سنوات؟.. مصر تعود إلي موقعها وتلك إرهاصات العودة.. فهذا قَدَرُ مصر وقَدْرُها بين موضعٍ حباها الله به وبين موقعٍ تستحقه يُزاحمها عليه الآخرون ويتآمرون عليه وعليها.
وليسمح لي القارئ الكريم بالعودة إلي بعض ما قاله جمال حمدان في هذا الشأن:
(كلما أمعَنّا تحليل شخصية مصر وتعمقناها استحال علينا أن نتحاشي هذا الانتهاء: وهي أنها فلتةٌ جغرافيةٌ لا تتكرر في أي ركنٍ من أركان الدنيا.. فالمكان «أي الجغرافيا» كالتاريخ لا يُعيد نفسه.. تلك هي حقيقة عبقريتها الإقليمية).
(تفسير هذه الشخصية الفلتة هو التفاعل ائتلافاً أو اختلافاً، بين بُعدين أساسيين في كيانها وهما المَوْضع Site والمَوْقِع Situation.. فالموضع نقصد به البيئة الطبيعية بخصائصها وحجمها ومواردها في ذاتها، أي البيئة النهرية الفيضية بطبيعتها الخاصة وجسم الوادي بشكله وتركيبه.. إلخ.. أما الموقع فهو صفةٌ نسبيةٌ تتحدد بالنسبة إلي توزيعات الأرض والناس والإنتاج حول إقليمنا، وتضبطه العلائق المكانية التي تربطه بها.. الموضع خاصيةٌ محليةٌ داخليةٌ ملموسةٌ، ولكن الموقع فكرةٌ هندسيةٌ غير منظورة).
(بهذين العنصرين الجوهريين والعلاقة المتغيرة بينهما نفسر شخصية مصرنا.. فهما يختلفان حين نجد أن حجم الموضع كان دائماً لا يتكافأ مع خطورة الموقع الحاسم علي ناصية العالم.. وحين نجد أن الأول «الموضع» ينتظم قدراً ما من العُزلة، والثاني «الموقع» يفرض فيضاً من الاحتكاك.. وهما يأتلفان في الأثر حين يدعوان إلي الوحدة السياسية والمركزية العنيفة، ومن حيث أن زمامهما ليس محلياً تماماً وإنما يرتبط بعوامل خارجيةٍ بعيدة.. وبين هذا الشد والجذب تخرج شخصية مصر الكامنة كَفَلتةٍ جغرافيةٍ نادرة).
(مصرُ بطريقةٍ ما تكاد تنتمي إلي كل مكانٍ دون أن تكون هناك تماماً .. فهي بالجغرافيا تقع في أفريقيا، ولكنها تَمُتّ أيضاً إلي آسيا بالتاريخ .. هي في الصحراء وليست منها، إنها واحةٌ ضد - صحراوية، بل ليست بواحةٍ وإنما شبه واحة.. هي فرعونيةٌ بالجد ولكنها عربيةٌ بالأب.. هي بجسمها النحيل تبدو مخلوقاً أقلّ من قوي، ولكنها برسالتها التاريخية الطموح تحمل رأساً أكثر من ضخم.. وهي بموقعها علي خط التقسيم التاريخي بين الشرق والغرب تقع في الأول، ولكنها تواجه الثاني وتكاد تراه عبر المتوسط).
(وإذا كان لهذا كله مغزي، فهو ليس أنها تجمع بين الأضداد والمتناقضات، وإنما أنها تجمع بين أطرافٍ متعددةٍ غنيةٍ وجوانب كثيرة خصبة وثرية.. بين أبعادٍ وآفاق واسعةٍ بصورةٍ تؤكد فيها مَلَكة الحد الأوسط وتجعلها سيدة الحلول الوسطي.. تجعلها أُمةً وَسَطاً بكل معني الكلمة .. بكل معني الوسط الذهبي.. ولكن ليس أُمةً نِصفاً.. وسطٌ في الموقع والدور الحضاري والتاريخي.. في الموارد والطاقة.. في السياسة والحرب.. في النظرة والتفكير.. إلخ).
رَحِم الله جمال حمدان رحمةً واسعةً ورَحِم مصر من الصِغار والأنصاف في الداخل والخارج.
لمزيد من مقالات م يحيى حسين عبد الهادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.