سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أسرة عريس السماء شهيد القناة الجديدة ل"البوابة نيوز": رهن هاتفه ب 400 جنيه عشان يسافر.. التضامن وفرت لأرملته وظيفة في "سوبر ماركت" ورفضتها.. ونطالب بعلاج رضيعته على نفقة الدولة
هو شاب في مقتبل العمر، ابن أسرة مصرية متوسطة الحال تلقى تعليمه حتى حصل على ليسانس الحقوق، بدأ رحلة العذاب مع مؤهله الذي لم يعينه على توفير وظيفة "ميري" تكفل له الأمان، ظل يعافر ويطرق كل الأبواب معتمدًا على نفسه رحمة بوالده المكلف بتربية وتعليم فريق آخر من الأخوة والأخوات، وبعد رحلة شقاء دامت ل9 سنوات تمكن من عقد قرانه وبناء عش صغير ثم أكرمه الله بأول طفلة له، غمرته السعادة وسارعه الطموح وزادت لديه الرغبة في تحسين وضعه من أجل "جنى" بنت العامين، وأثناء تصفحه لمواقع الإنترنت قرأ خبر عن الحاجة لعمال بمشروع القناة الجديدة ومن هنا كانت المواقف ومن هنا نحكي قصة بطولة حقيقية لشاب مصري رهن هاتفه من أجل السفر واللحاق بفريق المقاتلين حفار القناة، فاختارته السماء ليكون من سكانها ويشفع ل 70 من أهله أنه باسم محمد، عريس قناة السويس الجديدة شهيد الواجب. باسم محمد محمود عمار، الطالبية هرم –محافظة الجيزة، 30 عامًا، ليسانس حقوق، متزوج وله طفلتان رضيعتان، بطل من أبطال القناة الذين سطروا أسماءهم من دون معارك أو قتال، ليلقى ربه في شهر سبتمبر الماضي بعد 10 أيام من تلقيه عمله الجديد. جميل الخلق والخلقة، مهذب ومطيع، هادئ الطباع بار بأمه رجل تحمل المسئولية منذ صغره بعد أن توفي والده، "ملاحظ عداد"، ومراقب على عمل السائقين والناقلات، هذا هو العمل الجديد ل "الافوكاتو" ابن جامعة القاهرة، أما عمله القديم فكان بائعًا في مول العرب بالسادس من أكتوبر. بدأت قصة باسم البطولية حينما قرأ على إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عن بدء فتح التسجيل لأسماء الراغبين عن فرصة عمل بمشروع القناة الجديدة، وكان قد سمع وقرأ عن مغزي القناة الجديدة وأنه بمثابة مشروع قومي وإنجاز سيرفع من قدر مصر أمام العالم، ولأنه شاب ثوري تشبعت عروقه بحب مصر فلم يكن أمامه خيار آخر سوى التنازل عن عمله المستقر في المول قبل نهاية الشهر ب10 أيام متجهًا لمحافظة الإسماعيلية. بعدما تم قبول أوراق باسم، كانت أمامه أزمة حقيقية وهي توفير المال اللازم، فالشاب ترك عمله قبل أن يقبض راتبه وعليه أن يسافر ويترك لزوجته الحامل ما يكفيها لحين عودته، لذا قرر أن "يرهن" هاتفه المحمول مقابل مبلغ 400 جنيه، أخذ منها 100 جنيه وترك باقي المبلغ لزوجته التي تركها هي وابنته في بيت أهلها. مدام انشراح خالة باسم، وأمه بعد أمه وصديقته المقربة تحكي وتقول: شاب جميل طول بعرض وأخلاق، لا يترك فرض،عاقل ورصين من صغره، عمره ما كان سبب في مشكلة لأهله طول عمره "خفيف" وحساس، أصر على السفر رغم رفضنا كلنا عشان بنته وعشان مراته الحامل لكن هو أخد قراره وسافر من خلال شركة اسمها "أبو كستور ". وأضافت: بعد سفره اتصل وكان سعيدًا جدًا وكأنه يحارب وليس في مهمة عمل، كلمني بعد وصوله وقالي "أنا مبسوط أوي يا خالتو هو دا اللي كنت بدور عليه حاسس أن بقا ليا قيمة، وكل حاجه هنا تمام وبيعاملونا كويس وكلنا هنا بنكمل بعض وبنشتغل بحب مفيش رتبة وعامل كلنا بنخدم مصر، احنا حتى وقت الراحة بنرفض نأجز وبنكمل شغلنا عشان نسلم المشروع في وقته، انا مش ناقصني أي حاجه وهقبض 2500 جنيه هبعتهم أول ما اقبض على طول عشان تكاليف الولادة". اتصالاته كانت بتطمن قلوبنا الفرحانة بيه، لكن بعد 10 أيام بالظبط جالنا الخبر باستلام جثة باسم وورقة من المستشفي وأنه قابل رب كريم بعد انهيار تل رملي عليه فمات في وقتها. وبكثير من الدموع تابعت خالته قائلة: باسم قابل ربه صائم لأنه متعود يصوم العشر الأواخر من ذي القعدة، قبل العيد بيومين، ابننا شهيد. "تقدمت بطلب لوزارة القوى العاملة لتوفير فرصة عمل تساعدني على تربية ابنتي جني والمولودة الجديدة "جمانة" التي اتت للدنيا بعد وفاة أبيها ب أسبوع واحد، لأن معاش التضامن ضعيف، 400 جنيه فقط، وللأسف اتصلوا بي قالوا وفرنا لك وظيفة في" سوبر ماركت" من 6 صباحًا حتى 7 مساء، طبعا رفضتها صعب جدا اسيب بنتين منهم بنت بترضع والثانية مريضة بالقلب، "حسب ما قالته زوجة الشهيد باسم". وأضافت الزوجة: جني بنت باسم مريضة بالقلب ومطلوب لها عملية قلب مفتوح، لذا أطالب الرئيس عبدالفتاح السيسي بتوفير نفقات علاج جنى وعلاجها بمستشفيات القوات المسلحة، أما طلبي الآخر فهو إعطائي شهادة تفيد أن باسم مات شهيدًا، حتى تعلم طفلتاه أن أباهما عاش ومات فداء لوطنه. وبشئ من الوجع والمرارة أكدت خالته أنها لم تصرف لأسرة باسم أية تعويضات مالية حتى الآن، كما أنهم لم يدعوا لحفل افتتاح القناة وهو ما أوجع زوجته وأمه التي شعرت بأن ابنها لم ينل حظه من التكريم رغم ما قدمه لبلاده. أما الأم فاختتمت حديثها ب "ما تنسوش باسم يا ولاد وعالجوا جنى عند الجيش، مش زعلانة على باسم وكلنا فدا مصر بس الفراق وحش، وعزائي أنه شهيد عند ربه صائم قائم زي الملائكة".