ساعتين تفصل بين الطفلة رنين عبد الله (7) أعوام وبين ممارسة هوايتها المفضلة “,”السباحة“,” في بحر قطاع غزة، على ساحل البحر المتوسط . تهرول “,”عبد الله“,” في ساعات الصباح الباكر لتحضّر حاجياتها التي تلزمها على شاطئ البحر، فتضع الحقيبة بجانب باب المنزل، وتساعد والدتها في المطبخ، حاملة الأطباق البلاستيكية وتدسّها بسرعةٍ في الأكياس لتقول: “,”هيا يا أمي، انتهيت، دعينا نذهب “,”. أسبوع انقضى على التخطيط لهذه “,”الرحلة“,”، تضمن العديد من النقاش حول المكان “,”الأفضل“,” و“,”الأكثر“,” نظافةً على الشاطئ، بشكل يمكّن الأطفال السباحة واللعب ب“,”أمان “,”. بعد طول انتظار، وصلت رنين إلى شاطئ “,”الشيخ عجلين“,”، على بحر غزة، التقت بأقاربها، ودعتهم للذهاب للسباحة قبل أي شيء . انطلق الأطفال نحو الشاطئ..أوقفتهم رنين قائلةً “,”انتظروا أليس لون الماء أسوداً؟“,”.. ضحك الأطفال قليلاً وقالوا: “,”أجل أسود، وأبيض، وأزرق.. ماء البحر لا لون له “,”. بعد تفكير قصير، بددت رنين مخاوفها، ونزلت للسباحة، لكن رائحة كريهة، تهب بين الفينة والأخرى، ولون المياه الداكن، جعلها تشعر أنها في مستنقع وليس في بحر مالح . قصة الرائحة الكريهة، كانت محل اجماع بين جميع أفراد الأسرة، حتى الذين لم يسبحوا منهم، فقد كانت تملأ المكان . قضت رنين ساعات رحلتها ما بين مياه البحر، ورمال الشاطئ، حتّى انقضى نهار الرحلة بسرعة، وودعت رنين عائلتها وهموا بالذهاب إلى منازلهم . لم تكن نهاية هذه الرحلة “,”جيدة“,” بالنسبة لرنين، فبعد ساعات من وصولها للمنزل ارتفعت درجة حرارتها، وتقيأت ما تناولته من طعام . وبعد أن ازدادت حالتها سوءاً في الليل، أخذتها والدتها إلى المستشفى لتصدم بأن ابنتها أصيبت ب“,”نزلة معوية“,” حادة . تقول “,”هبة عبد الله“,”، والدة رنين لمراسلة الأناضول للأنباء “,”أخبرتني رنين بعد ساعات طويلة قضتها في السباحة أن ماء البحر أسود اللون، فذهبت لاستكشف وصدمت بما رأيت، فقد كان واضحا أنها مخلوطة بمياه الصرف الصحي “,”. وأضافت “,”اكتشفنا الأمر بعد فوات الأوان، وأنا على يقين أن ابنتي أصيبت بالنزلة المعوية بسبب تلوث مياه البحر بمياه الصرف الصحي “,”. وأرجعت “,”أم رنين“,” تلوث المياه إلى ضخ مياه الصرف الصحي بشكل مباشر في بحر غزة دون تكريرها، بسبب نفاد كميات الوقود التي تعمل عليها محطات تكرير المياه . وفي ذات السياق، تعرب المواطنة هَيَا سالم (36) عاماً –ربة منزل- عن خيبة أملها من انسداد آخر المتنفسات في قطاع غزة في وجه الغزيين . وأشارت إلى أن “,”الحصار عاد بقوة، إلى الوضع الذي كان عليه في بدايات عام 2008 “,”. ولفتت سالم إلى أنها تمنع أطفالها من الذهاب لشاطئ البحر للاستجمام، بسبب تخوفاتها من إصابتهم بأمراض بالجهاز الهضمي والتنفسي، أو أمراض جلدية . من جانبه، أقرّ سعد الأسطل، مدير عام الصرف الصحي في بلدية غزة، بتلوث مياه البحر بمياه الصرف الصحي . وقال “,”نفاد كميات الوقود المصري بغزة أثر تأثيراً مباشراً على عمل بلدية غزة، حيث أصبحنا نعمل تحت الخط الأحمر “,”. وأشار الأسطل إلى أن “,”محطات معالجة مياه الصرف الصحي الممتدة على طول شاطئ بحر غزة تضخ مياهها مباشرة إلى البحر دون معالجة، وأما في حالة وجود التيار الكهربائي فإن المحطات تعمل على معالجة المياه “,”. وأوضح الأسطل أن “,”بلدية غزة توفر الوقود الاحتياطي لتشغيل محطات الصرف الصحي، الموجود في وسط مدينة غزة“,”، لافتاً إلى أنها “,”تضخ (20) ألف لتر مكعب من المياه العادمة يومياً في البحر “,”. وأضاف “,”لو توقفت المحطات داخل مدينة غزة لمدة ساعة واحدة، تغرق غزة بالمياه العادمة “,”. وهدد نفاد كميات الوقود بقطاع غزة بتعطيل الخدمات المقدمة للمواطنين مثل المياه والصرف الصحي وخدمات النظافة . ويعتمد تشغيل مضخات الصرف الصحي في غزة بدرجة أساسية على مولدات الكهرباء التي تعمل بالسولار . وأكدت مصادر في سلطة البيئة بالحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة –في وقت سابقٍ- أن “,”57 محطة لتجميع وضخ مياه الصرف الصحي مهددة بالتوقف “,”. وعقب عزل الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو الماضي، شنت الأجهزة الأمنية المصرية حملة موسعة لتدمير الأنفاق الحدودية بين قطاع غزة ومصر، والتي كانت تستخدم لتهريب البضائع للقطاع المحاصر منذ نحو 7 سنوات . الأناضول