قال رئيس مجلس ال"دوما" الروسي (مجلس النواب) سيرجي ناريشكين، إن شبه جزيرة القرم انضمت سلميًا من قبل السلطات الأوكرانية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 وحتى ربيع 2014. وصرح ناريشكين -في لقاء في موسكو، اليوم الخميس، مع وفد للبرلمانيين الفرنسيين ينوي التوجه في زيارة إلى القرم قريبًا- بأن سكان هذه المنطقة كانوا يعتبرون أنفسهم خلال الفترة المذكورة كأنهم يعيشون في حالة الاغتراب وهم يحلمون بالعودة إلى الوطن الأم.. وفقا لما أوردته وكالة أنباء سبوتنيك الروسية. وأضاف أنه، خلال زياراته وقتذاك إلى القرم في مناسبات رسمية، كان يشاهد كل مرة أهالي الإقليم وهم يرفعون أعلام روسيا الاتحادية في الغالب أثناء فعاليات احتفالية مختلفة بدلا من الأعلام الأوكرانية. وأعاد ناريشكين إلى أذهان النواب الفرنسيين أن شبه جزيرة القرم بما في ذلك مدينة سيفاستوبول الواقعة على شاطئ البحر الأسود، كانت جزءا من جمهورية روسيا (إحدى الجمهوريات ال15 في الاتحاد السوفيتي) حتى أوعز الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف عام 1954 بنقلها إلى تبعية جمهورية أوكرانيا السوفيتية التفافا على الشرعية الدولية التي تتطلب إجراء عملية استفتاء عام في مثل هذه الحالات الحقوقية المصيرية. وقال ناريشكين إنه صحيح أن أهالي القرم قبلوا بهذا القرار، ولكن من منطلق أن أوكرانيا كانت مثل روسيا ضمن الدولة السوفيتية الموحدة. غير أن حالة الأمور تغيرت جذريا بعد إعلان استقلال أوكرانيا وتفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991، عندما أدرك هؤلاء أنهم أصبحوا مواطنين في دولة أجنبية لا ترتبط بوطنهم الروسي إلا بروابط رمزية لانتماء أوكرانياوروسيا إلى ما يسمى ب "رابطة الدول المستقلة" التي رأت النور في أواخر السنة نفسها. ويشار إلى أن الرئيسين الروسي بوريس يلتسين والأوكراني ليونيد كرافتشوك كانا يدركان، حسب اعترافاتهما، أن مصير شبه جزيرة القرم مع قاعدة سيفاستوبول الروسية الموجودة على أراضيها، تحتاج إلى حل شامل قانوني بين الدولتين، يأخذ بعين الاعتبار تطلعات سكانها الطبيعية التاريخية، إلا أنهما فضلا إبقاء المشكلة عالقة أمام كومة هائلة من المعضلات الأخرى التي نتجت عن تفكك الدولة السوفيتية العظمى وجسمها الاقتصادي. وأصبحت القرم مرة أخرى جزءا من دولة روسيا الاتحادية بعد الاستفتاء العام في مارس 2014، الذي أعرب أكثر من 90 بالمائة من سكان الإقليم خلاله عن رغبتهم في العودة إلى الوطن الروسي الأم. حدث ذلك على خلفية الإطاحة بالنظام في أوكرانيا في فبراير من العام الماضي في كييف، وهو ما تسبب في الإطاحة بالرئيس الشرعي فيكتور يانوكوفيتش ووصول قوى متطرفة من القوميين المتعصبين الأوكرانيين إلى السلطة، أعلنت معاداتها لكل ما هو روسي في أوكرانيا وبالدرجة الأولى في شبه جزيرة القرم، على حد قول رئيس مجلس الدوما الذي استحسن "القرار الشجاع" للبرلمانيين الفرنسيين العشرة بزيارة القرم للوقوف على الحقيقة. وقال نيكولا دويك، أحد أعضاء الوفد البرلماني الفرنسي بعد اللقاء مع ناريشكين في حديث ل "سبوتنيك"، إنه شخصيا مثل العديد من رجال السياسة والقانون والثقافة في فرنسا، يعتبر القرم وسيفاستوبول جزءا لا يتجزأ من روسيا الاتحادية انطلاقا من شرعية نتائج استفتاء مارس 2014 في الإقليم، مشددًا على أن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالموافقة على قبول القرم وسيفاستوبول في قوام روسيا الاتحادية أنقذ أهالي الإقليم من حرب إبادة بحقهم من قبل كتائب المتعصبين الأوكرانيين. وأضاف دويك أن الغاية من زيارة الوفد البرلماني الفرنسي القادمة إلى القرم يتمثل في جمع شهادات حية من خلال اتصالات النواب بأهالي المنطقة والمسؤولين الإداريين فيها تثبت صوابية قرار الانضمام التاريخي في ظل تمتعهم بكامل الحقوق الناتجة عن جنسيتهم الروسية. وفي هذه الأثناء أعلنت السلطات في كييف التي رفضت الاعتراف بنتائج الاستفتاء وانضمام القرم وسيفاستوبول إلى روسيا من جديد، أن زيارة البرلمانيين الفرنسيين إلى القرم — في حال إجرائها — ستعكس عدم احترام هؤلاء للسيادة الأوكرانية، كما دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، من جانبه، أعضاء الوفد إلى العدول عن قرارهم.