ذكر تقرير أصدرته منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي (WFP) ، اليوم الخميس، أن عدد من يواجهون انعدام الأمن الغذائي في سوريا ارتفع بصورة ملحوظة ووصل إلى نحو 9.8 مليون شخص ، من بينهم 6.8 مليون يعيشون حالات حادة من انعدام الأمن الغذائي. وأضاف التقرير، الذي وزع في القاهرة، أنه منذ يناير الماضي - فقط - اضطر أكثر من نصف مليون سوري إلى النزوح من سكناهم، موضحا أن الإنتاج الغذائي في سوريا هذا العام تحسن بفضل الأمطار الممتازة ، وإن ظل بعيدا عن مستويات ما قبل الأزمة بفارق واسع مع استمرار الصراع. وأشار إلى أن القطاع الحيواني الذي طالما ساهم على نحو رئيسي في الاقتصاد الوطني لسوريا وتجارتها الخارجية ، شهد انخفاضات حادة في الإنتاج. وقال مدير شعبة الطوارئ والتأهيل لدى (فاو) دومينيك برجون "حتى وإن جاء الحصاد السوري الحالي أفضل مما كان متوقعاً نتيجة الأمطار الجيدة، فما زال قطاع الزراعة في البلاد ممزقا بسبب النزاع ، ونؤكد أن هنالك حاجة إلى دعم عاجل من جانب المانحين، لضمان أن يتمكن المزارعون من إتمام موسم زراعة الحبوب المقبل، الذي يبدأ في أكتوبر". وبينما لم ينفك نقص الوقود والعمالة والمدخلات الزراعية، بما في ذلك البذور والأسمدة، تعوِّق الإنتاج الزراعي السوري، فما يفاقم الأوضاع أكثر فأكثر هو جملة عوامل إضافية مثل : ارتفاع تكاليف المدخلات، وعدم الثقة في جودتها، فضلا عن الأضرار التي لحقت بشبكات الري والمعدات الزراعية. وفي السياق نفسه، قال كبير الاقتصاديين لدى برنامج الأغذية العالمي الخبير عارف حسين " إن الأدلة واضحة ، فما يقرب من خمس سنوات من الصراع أسفرت عن تدمير الاقتصاد السوري ومعه قدرة السكان على شراء الضروريات مثل الغذاء الضرورية للبقاء على قيد الحياة ، ويساورنا أشد القلق إزاء التشريد المستمر وأثره لا سيما على النساء والأطفال ، إذ أن وقوع ضرر لا يمكن إصلاحه للأطفال يمثل بالفعل خطرا حقيقيا قائما الآن ، ولذا ، فنحن نهيب بالمجتمع الدولي أن يواصل دعم جهود السلام والإغاثة الحيوية، إلى أن يمكن إحلال السلام". ويقدّر إنتاج القمح في سوريا العام الجاري بكمية 2.445 مليون طن، والمتوقع أن يأتي أفضل من الحصاد البالغ الرداءة لعام 2014، وأفضل بقليل من مثيله لسنة 2013، مع ذلك، فلا يزال الناتج العام أقل بنسبة 40 % عن مستويات الإنتاج قبل تفجر الصراع. ويقول التقرير الأممي المشترك أن سوريا تواجه عجزاً في القمح يبلغ نحو 800 ألف طن ضمن احتياجاتها السنوية التي تقرب من 5 ملايين طن. وبصفة عامة، يلاحظ التقرير أن حالة انعدام الأمن قلصت المساحة المزروعة بالحبوب، بينما تقلصت مساحة إنتاج القمح إلى أصغر رقعة لها منذ عقد الستينات. في الوقت ذاته ، تضرر الإنتاج الحيواني على نحو خطير من جراء النزاع ، وشهد القطاع الذي طالما ساهم على نحو رئيسي في الاقتصاد الوطني لسوريا وتجارتها الخارجية، انخفاضات بنسبة 30% في قطاع الماشية، و40 % في إنتاج الأغنام من خراف وماعز، في حين أن قطاع الدواجن، الذي يشكل عادة مصدرا معقول الأسعار للبروتين في النظام الغذائي للسكان، تقلّص بنسبة 50%، مشيرا إلى أن الخدمات البيطرية في البلاد تكاد تواجه نفاذ اللقاحات والعقاقير الروتينية. ومن الجدير بالذكر أنه بعد الاستقرار النسبي في عام 2014، بدأت أسعار المواد الغذائية حركة من الزيادات الحادة في أوائل 2015، عقب تراجع الدعم الحكومي وانخفاض سعر الصرف، والأكبر خطرا كان ارتفاع أسعار الخبز في العام الماضي، سجلت ارتفاعا خياليا بنسب وصلت إلى 87% في المخابز العامة. وارتفعت حصة إنفاق الأسرة على الغذاء على نحو لا يطاق منذ بداية الأزمة، على حساب تلبية الاحتياجات الحيوية الأخرى ، وحاليا، باتت الأسر تنفق أكثر من نصف دخلها على الغذاء، وفي بعض المناطق مثل : السويداء وحلب وحماة تبلغ هذه الحصة أعلى من ذلك بكثير ، إذ قفزت إلى ما يقرب من 80 % في درعا ، باعتبارها واحدة من المناطق التي شهدت أشد المعارك ضراوة.