"الأسماك المملحة".. وجبة الأقصريين بعد انقضاء رمضان

شهدت محال بيع الأسماك المملحة بمحافظة الأقصر، اليوم الجمعة، بالتزامن مع حلول عيد الفطر المبارك، زحاما شديدا من قبل المواطنين بجميع قرى المحافظة لشراء الرنجة والفسيخ والملوحة، التي اعتادوا أكلها في أول أيام عيد الفطر كوجبة رئيسية لا غنى عنها.
وشهدت أسواق بيع الأسماك المملحة ارتفاعًا ملحوظ في الأسعار تزامنا مع زيادة الإقبال، حيث يصل سعر بعض اسماك الملوحة ل100 جنيه للكيلو وتسمي بالبطارخ، وهناك نوع بحجم أكبر يصل ل80 جنيها، كما أن الكيلو الوسط ب50 جنيه، وهناك الملوحة الصغيرة ب40 جنيها، وكيلو الرنجة ب 30 جنيها.
وقال حجاج أبوالمجد، صاحب محل بيع أسماك مملحة، بالأقصر: إن عيد الفطر يعد موسمًا للبيع بالنسبة لسوق السمك المملح، حيث يزداد إقبال الأهالي على شراء الملوحة، خاصة وأن المواطنين يمتنعون طوال شهر رمضان عن تناول الأسماك المملحة نظرًا لما يمكن أن ينتج عنها من عطش، لافتا إلى أن بعضهم يتناولها في اليوم الأول للعيد والبعض الآخر يتناولها في اليوم الثاني أو الثالث للعيد.
وأوضح أبوالمجد أن الملوحة عبارة عن أسماك يتم اصطيادها من نهر النيل ثم تمليحها وتجفيفها وتخزينها وفي المنازل ويتم تحضيرها عن طريق تقطعيها وإضافة البهارات إليها مع الليمون والبصل والبعض يفضل إضافة الطماطم إليها ويتم خلط جميع المكونات ب"الخلاط".
وأكد أبوالمجد أن الأسماك هذه السنة جيدة جدا، وسعرها ممتاز رغم أنها ارتفعت بنسبه بسيطة، إلا أنها في متناول يد المواطن محدود الدخل، مؤكدا أن هذا الارتفاع بسبب الموسم ليس أكثر، كما أن الإقبال في هذه السنة كثيف جدا مقارنة بالأيام العادية، مشددا على ضرورة خضوع محال بيع الأسماك المملحة للرقابة من جانب مديريتي الصحة والتموين.
ويقول محمد على مواطن إن هذه عادة متوارثة من الأجداد، فكانوا يرون أن أكل الأسماك المملحة بعد صوم استمر لمدة 30 يوما فيه فائدة كبيرة، ونحن توارثنا هذه العادة منهم.
واتفقت معه في الرأي عفاف مصطفى ربة منزل قائلة "شراء الملوحة عادة قديمة منذ الأزل ونحن ننتظر قدوم عيد الفطر لنجهز الملوحة والفسيخ مع البصل الأخضر والليمون والطحينة فهي أكلة تقوم بدور علاج "فاتح الشهية"، حتى نقدر على تناول الحلوى والمخبوزات ولحوم العيد التي لا نستطيع تناولها إلا إذا أكلنا الملوحة في اليوم الأول" مشيرة إلى أنها تقوم بشرائها وتخزينها قبل العيد بيوم أو بعد صلاة العيد لتناولها في ظهر أول أيام العيد.
ويقول صابر علي تاجر بقالة: أنا باشتري رنجة في العيد لأننا طول رمضان بنأكل لحوم ودواجن، فبنكون عايزين نغير شوية" مشيرا إلى إنه يشتري الأسماك المملحة في المواسم فقط، مثل العيد وشم النسيم، مضيفا "الناس كلها اتعودت على أكل الاسماك المملحة في الأعياد والمواسم، يعني مرة أو مرتين فقط في السنة".
جدير بالذكر، أن وجبة "الملوحة" تعتبر عادة فرعونية أصيلة، لأن في أيام فيضان النيل، كان يكثر السمك، بينما يقل في الأيام الأخرى، ففكر قدماء المصريين في كيفية الحفاظ على السمك وتخزينه أيام الفيضان، واستخدامه في الأيام التي يقل فيها، فقاموا بتمليح السمك وعندما تفسخ السمك سمى فسيخًا، وظلت تلك العادة باقية ولم تندثر على مر الزمان، حيث اعتاد المصريون تناولها في عيد الفطر حتى أصبحت أهم طقوسهم بعد شهر الصيام.