ينحي المصريون كل خلافاتهم جانبا ليجمعهم علي اختلاف مشاربهم هدف واحد الاثنين 6 مايو هو الخروج للمتنزهات والحدائق العامة احتفالا بشم النسيم "عيد الربيع المصري " أقدم عيد يجمع شملهم. وشم النسيم أحد أعياد مصر الفرعونية،وترجع بداية الاحتفال به إلى نحو عام 2700 قبل الميلاد، ويعود نسبه إلى الكلمة الهيروغليفية القديمة "شمو" وتعنى "عيد الخلق" أو "بعث الحياة"، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم يرمز إلى بدأ خلق العالم وبعث الحياة. وتعرَّض الاسم للتحريف على مرِّ العصور، وأضيفت إليه كلمة "النسيم" لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة. ورغم تزامن الاحتفال بشم النسيم هذا العام مع أزمات متنوعة تمر بها مصر، سواء سياسية (بين المعارضة والرئاسة قبل أن تدخل السلطة القضائية على خط المواجهة)، واقتصادية (مع ارتفاع الأسعار) بجانب استمرار المشاكل الأمنية التي تعاني منها مصر بعد ثورة 25 يناير 2011، إلا أن ذلك لم يحل دون خروج المصريين للمتنزهات خاصة مع حالة من الهدوء النسبي شهدها المشهد السياسي في الأيام القليلة الماضية مع محاولات الرئاسة التصالح مع كافة الأطراف. وللمصريين طقوسا متبعة منذ القدم في الاحتفال بشم النسيم، حيث يحرص أغلبهم على تناول الرنجا والفسيخ والملوحة، وهي عبارة عن أسماك مدخنة ومملحة بجانب بعض المقبلات كالخس والبصل والليمون، والذهاب بها إلى الحدائق الخضراء والمتنزهات، تاركين صغارهم يلونون "البيض المسلوق" الملون قبل تناوله. والمتجول في بعض الأحياء الشعبية بالعاصمة المصرية، يجد أن المصريين لا يعبؤون في ذلك العيد، بقدراتهم المالية، فالبسطاء يجدون مبتغاهم في فرحته تماماً، مثل الأغنياء، فمثلما هناك المحلات الشهيرة في وسط البلد، هناك الباعة المتجولين على الأرصفة يبيعون الأسماك المملحة بنصف الثمن، إلى جانب استغناء الكثير من البسطاء عن الفسيخ، باعتباره الأغلى سعراً، واستبداله بالرنجة (مدخنة). ورغم أن ميسوري الحال، لن تجدهم منشغلين بأن سعر الفسيخ في مصر هذا العام بلغ 90 جنيها للكيلو جرام الواحد (13 دولار)، والملوحة 70 جنيها (11 دولار) والرنجة والسردين 40 جنيها (6 دولار)، قد تجد موائدهم تضم نوعين فقط وهما الأشهر بين غالبية المصريين في ذلك اليوم "الفسيخ والرنجة"، وهو ما يجعل الإقبال عليهما متزايدا بشكل ملحوظ في هذا اليوم. "الفسيخ أكثر نوع سمك مطلوب"، هكذا يقول محمد فوزي، فسخاني (بائع سمك مملح) منذ أكثر من 25 عاما، متابعا لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء "صحيح سعره غالي، لكن زيادة الأسعار على كل البضائع لأنها مستوردة، حتى الرنجة زاد سعرها مع إنها تبقى الأقل سعراً وسط الفسيخ والملوحة". يؤكد فوزي أن مهنته تتمز بالطابع الموسمي وليست ثابته طوال العام حيث يزيد الطلب خلال عيد الفطر وفي شم النسيم. ويضيف "بعد انتهاء شم النسيم نشتري سمك الفسيخ ونقوم بتمليحه وتخزينه لمدة 6 شهور حتى عيد الفطر ونقوم بنفس الشيء بعد عيد الفطر استعدادا لشم النسيم". عبير فؤاد ربة منزل، تبلغ من العمر 45 عاماً، تقول بدورها لمراسلة الأناضول "شم النسيم يعني فسيخ ورنجة.. أحياناً نذهب للحديقة ونأخذ أكلنا معنا لكن في الغالب نكتفي بلمة العائلة.. خصوصاً إن اليوم أجازه والجميع يكون مشغول في الأيام العادية.. فنعتبر اليوم فرصة نتجمع فيه". وتضيف "أفضل شراء الفسيخ من مدة والقيام بتمليحه في البيت، لكن الرنجة أقوم بشرائها من هنا (مشيرة لمحل فسخاني).. سعرها غالي عن العام الماضي لكن كل حاجة غليت وما باليد حيلة، وعموما لا نشترى كمية كبيرة فقط 2 كيلو وكل واحد في العائلة يشترى كمية مشابهة ونتجمع في النهاية في بيت أحدنا". أما شريف محمد 34 عاما ويعمل محاسب فيقول "صراحة أشترى كمية كبيرة من الفسيخ والرنجة.. فنحن لا نشتريها دائماً، فقط في المواسم، وبالتالي فلا مشكلة إننا ندفع هذا الثمن حتى نشتري سمك مضمون"، وذلك في إشارة للأسماك المملحة التي تفسد من التخزين وينتشر بيعها في شم النسيم وتتسبب في أضرار صحية. وفرضت الأجهزة المختصة في مصر حالة الطوارئ والاستعدادات القصوى بقطاعات السياحة والتموين والصحة والمرور استعدادا لاستقال شم النسيم.