شريف الصيرفى يروى حكايات معسكر التكفير الإخوانى داخل سجن وادى النطرون وجوههم تسود ويتمنون دخول إسرائيل مصر.. لدى رؤيتهم صورة السيسي أفلت من الأمن فى عهد مرسى.. وقبض عليه بتهمة هدم «نصب الشهداء» إسلاميون طالبوا بتصفيته.. والإخوان سعوا لسجنه ويعتبرون «بديع» رسول آخر الزمان الجماعة بايعت «داعش» واحتفلت بقتل الجنود.. و«مفتي» و«إمام» تابعان للتنظيم فى كل عنبر بالسجن قرر شريف الصيرفى، المتهم بتأسيس البلاك بلوك، كتابة مذكراته داخل السجن أثناء تنفيذه عقوبة الحبس لمدة عام بتهمة إفساد النصب التذكارى، ذلك بعد أن شاء القدر أن يكون محبوسا داخل واحد من أخطر السجون المصرية على الإطلاق، وهو سجن وادى النطرون المسجون فيه المنتمون للجماعات الإسلامية المتشددة، ومنهم جماعة الإخوان المسلمين وقيادات الجماعات الجهادية الأخرى.. كواليس وأحداث كثيرة تدور فى المذكرات، التى اختار لها اسم «مشاغب فى المعتقل»، وتنفرد «البوابة» بنشرها قبل أن تصدر فى كتاب رسمى. يتحدث شريف الصيرفى فى بداية مذكراته، كمقدمة لها، عن تاريخه فى مواجهة الإخوان، وهروبه أكثر من مرة من قوات الأمن أثناء فترة حكم محمد مرسى، بعد أن حاولت القبض عليه بتهمة التخريب والتحريض على العنف، إلا أنه كان يهرب فى كل مرة، وظل مختبئا حتى اندلاع ثورة 30 يونيو، وإعلان سقوط الإخوان وعزل رئيسهم محمد مرسى، وبعدها أسس حملة لدعم الجيش فى محاربة الإرهاب، وصارت الأمور طبيعية حتى يوم 18 نوفمبر 2014 الذى بدأ فيه كتابة مذكراته، راويا تفاصيل اتصال تليفونى جمعه بأحد أصدقائه، أكد له أنه ظهر فى التليفزيون، وهو يهدم النصب التذكارى الخاص بالشهداء، وتبعها اتصال بوالده يؤكد نفس المعنى، الذى تسبب بالحكم عليه بالسجن لمدة عام، وتم القبض عليه فعليا يوم 2 ديسمبر أثناء وجوده فى «الجيم»، بعد أن تم اكتشاف وجوده فيه، من خلال أحد الأشخاص الذى وصفه فى مذكراته ب«الأمنجى»، بعد اتصال جمعهما أخطأ فيه وأبلغه بمكانه على الرغم من علمه بعلاقة صديقه هذا بالأمن. أول يوم سجن يروى الصيرفى فى فصول كتابه تفاصيل القبض عليه من صالة الألعاب الرياضية، وعددا من الحوارات التى دارت بينه وبين القوة المكلفة بالقبض عليه حتى وصل إلى قسم أكتوبر، ومنه إلى قسم قصر النيل، حيث وجد محامون حقوقيون فى انتظاره، طمأنوه قبل أن يدخل إلى مكتب المأمور، وكان وقتها لا يزال معصوب العينين، وبدأ التحقيق الأول معه. وفى هذا الفصل يروى تفاصيل التحقيق معه، وتصنعه الخوف لمنع التعرض لأى ضرب، وغيرها من الأمور، وحواره التليفزيونى الذى أجراه بعد القبض عليه مباشرة، وأكد أنه تمت فبركته ومنتجته، وشدد على إنه لم يقل ما جاء، ولكن روايته كانت مختلفة تماما، مثلا فى سؤال: لماذا حطمت النصب التذكاري؟ أليست ثورتنا سلمية؟ فكان رده الحقيقى: «لأنه بضعة حجارة وحق الشهداء ليس بالطوب، وثورتنا تمت ولكننا كسرنا مقرات الإخوان فى 30 يونيو»، فتمت فبركة هذه الإجابة إلى «أهو اللى حصل ومفيش ثورة من غير تكسير». حجز قصر النيل ينتقل الصيرفى فى مذكراته للحديث عن السجن من الداخل، ويبدأها بقسم قصر النيل الذى عاد إليه بعد انتهاء التحقيقات معه، وقابل فيه عددا من الشخصيات المهمة، أبرزها «دلع» وهو نبطشى السجن، ونائبه «ثروت الباز» المسئولان عن جمع الإتاوات فى السجن، ومنع تشاجر المساجين، والسيطرة عليهم داخل العنبر، واللذان دارا بينه وبينهما مواقف عدة يرويها فى مذكراته وفقا لوقت حدوثها. زيارة 6 إبريل استمر الوضع فى قسم قصر النيل على هذه الحال، حتى زارته والدته، ثم جاءته زيارة غريبة من حركة 6 إبريل، التى أبلغها برفضه تلك الزيارات لأنها تعقد أموره أكثر وأكثر فى القضية المقبوض عليه فيها، أما الفترة ما بين 6 ديسمبر 2013 إلى 24 ديسمبر من نفس العام، فاختصها شريف الصيرفى بفصل من كتابه، لأن تلك الفترة على حد قوله شهدت حوارات كثيرة بينه وبين سجناء جنائيين، وكان أبرزهم «حمادة عبدالكريم» المحبوس على ذمة قضية قتل ومخدرات، وثلاثة شباب متهمين بالنشل، وآخرين بالقتل، وحلاق العنبر، بجانب «برشامة» الذى كان يبيع المخدرات فى ميدان التحرير بعد انتهاء الثورة بشكل فعلى، وغيرهم من الشخصيات التى روت للصيرفى قصص دخولها إلى السجن. اللقاء الأول بالإخوان فى 27 ديسمبر عام 2013 كان اللقاء الأول بين شريف الصيرفى ب 4 من شباب الإخوان، حصلوا على البراءة، وكانوا فى انتظار تحريات الأمن الوطنى قبل الإفراج عنهم، بعد القبض عليهم فى أحداث رمسيس الثانية بعد فض اعتصام رابعة، والمفارقة التى ذكرها فى مذكراته هو تناوله الطعام مع هؤلاء الشباب، رغم الحرب الضروس التى كانت بينه وبين الجماعة أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، وتهديدهم له بالقتل أو الاعتقال وبعدها السجن لمدة 25 سنة، كما أكد النائب العام الإخوانى طلعت عبدالله فى تصريح له على قناة الجزيرة. سجناء «مصر القوية» فى 7 يناير 2014، التقى شريف الصيرفى فى سجنه ب3 من أعضاء حزب مصر القوية التابع للدكتور «عبدالمنعم أبو الفتوح»، تم إلقاء القبض عليهم بتهمة الترويج لمقاطعة الاستفتاء على مشروع الدستور، وتوزيع منشورات مسيئة للدولة، ودار بينهم وبينه حديث ليس بالطويل، مختصره هو مطالبته لهم بعدم الاعتراف فى محاضر النيابة بتوزيع المنشورات، إلا أنهم اعترفوا فى النهاية بعد مواجهتهم بالأدلة القاطعة التى تؤكد قيامهم بتوزيع المنشورات، ومن ضمن الأدلة فيديو صوروه لأنفسهم أثناء توزيعهم لتلك المنشورات لرفعه على صفحة الحزب. فى تخشيبة الخليفة قبيل الاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة يناير، تم ترحيل عدد من المساجين من سجن قسم قصر النيل إلى تخشيبة الخليفة، كان منهم شريف الصيرفى الذى خصص فصلا فى مذكراته بعنوان «قصة الجماعة الإسلامية والإخوان فى حجز الخليفة»، وفيه يروى قصة هذا السجن الذى كان فى البداية تحت سيطرة الجنائيين»، وكان الإخوان فى الحجز ليس لهم كلمة، فقط ينامون مثلهم مثل غيرهم، وكان الجنائيون يسرقون طلبة الأزهر والسياسيين ويطلبون منهم الأموال من أجل النوم، دون الحصول حتى على أى مميزات، واستمر إلى أن جاء شيوخ الجماعات الإسلامية إلى الحجز، ومنهم «الشيخ منصور» الذى رفض محاولة المساجين الجنائيين فرض الإتاوة عليه، وعندما علم بعملية سرقة أموال طلبة الإخوان والأزهر، قام فى وسط السجن وسب السجناء الجنائيين بأبشع الألفاظ، حتى أعادوا الأموال إلى الإخوان وشباب الأزهر، وتحولت تخشيبة الخليفة بعدها إلى عدة أقسام، قسم يسيطر عليه الإخوان بقيادة الشيخ منصور، وقسم يسيطر عليه الجنائيون. اعتراف بتسليح رابعة فى سجن الخليفة، كانت هناك عدة أشخاص مؤيدين للإخوان، يلقبهم الجنائيون بالشيوخ، أبرزهم الشيخ منصور الجنائى السابق، الذى انضم إلى الجماعات المتطرفة أثناء فترة وجوده فى السجن، والشيخ رمضان وهو من المتعصبين طويل اللحية وغليظ المعاملة، ودار حديث طويل بين الصيرفى والشيخين المؤيدين للإخوان، بعدما تفاجئا بوجوده فى السجن، على الرغم من حربه ضد الإخوان، ورغبته فى إسقاط حكمهم، ثم تحدثوا سويا، وأكدا للصيرفى أنه كان مطلوبا تصفيته أو القبض عليه، كما اعترفا أيضا بفشل الإخوان وعدم قدرة الرئيس المعزول محمد مرسى على الحكم، وجاء فى الحديث اعتصام رابعة، واعترف الشيخ منصور بوجود ما يقرب من 5 قطع من السلاح الآلى فى الاعتصام. قصر النيل مجددا يوم 22 يناير 2014، عاد الصيرفى إلى قسم قصر النيل مرة أخرى، تمهيدا لحضوره جلسة النطق بالحكم الذى قضت المحكمة بسجنه عامين، فى حين تم سجن ميكائيل 6 أشهر فقط بتهمة حرق علم مصر، وأجرى بعدها الصيرفى حوارا صحفيا أثناء خروجه من المحكمة، وأكد أنه لا يخشى الحكم، مرددا هتافات: «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم». صعوبة سجن طنطا بعد هذا الحكم تم ترحيل الصيرفى إلى سجن طنطا، وأثناء الترحيل التقى «كابو» أولتراس ثورجى وعددا من شباب الإخوان المقبوض عليهم، وظلوا يغنون دون الإخوان عددا من الأغانى الثورية، حتى وصلوا إلى أحد السجون بطنطا الذى كان صعبا على جميع المساجين، وجمع بين الإخوان وشباب الأولتراس والصيرفى فى عنبر واحد، ويطلق عليه عنبر «ب»، وفى ظل وجوده فى سجن طنطا، علم عن وجود مخطط لإخوان طنطا للاعتداء عليه فى العنبر، مستغلين الفترة الذى يفتح فيها العنبر، إلا أنهم فشلوا فى ذلك. سجن وادى النطرون اختص شريف الصيرفى سجن وادى النطرون بجزء كبير من مذكراته، وتبدأ الحلقة الثانية والأخيرة التى تنشرها «البوابة» من مذكرات «مشاغب فى المعتقل» بترحيل شريف الصيرفى وصديقه ميكائيل من حجز قسم قصر النيل إلى سجن وادى النطرون شديد الحراسة الذى لم يتحدث كثيرا عن تفاصيل رحلته إليه، مكتفيا بقوله: «ضخامة سجن وادى النطرون تذهل كل من يراه من الخارج فهو مقسم إلى سجن 1 - سجن 2 - سجن 430 - سجن 440 سجن ملحق وادى النطرون، وكانت وجهتنا هى ملحق وادى النطرون، ولكى ندخله نمر بعدة سجون أخرى»، ثم تطرق الصيرفى فى مذكراته لوصف سجن ملحق وادى النطرون، وقال عنه: «مكون من ثلاث عنابر أو أربعة -لا أتذكر تحديدا- كل عنبر دور أرضى فقط، مقسم إلى نصفين، النصف الأول من 1 إلى 8، والنصف الآخر من 9 إلى 16». يحفظون أسماء المسلسلات بدأت الحياة فى سجن وادى النطرون بهذه الخلطة الغريبة من الإخوان وشباب الحركات الثورية، وكانت هناك اتفاقات بين الجميع على موعد إطفاء النور والأكل، كما تم منع الحديث فى السياسة خوفا من المشاكل، إلا أن جميع من فى العنبر اعتادوا الكلام فى السياسة كجزء من يومهم فى حلقة تجنب الصيرفى حضورها، وكانوا يلعبون لعبة الأفلام والمسلسلات، وهو الشيء الذى أدهشه، وجعله يتساءل كيف يحفظ الإخوان والسلفيون أسماء الأفلام والمسلسلات، على الرغم من تحريمهم لها، أما الجزء الثالث الأساسى فى السجن كان الدرس الدينى الذى يلقيه أحد شيوخ الإخوان الذى كان مثيرا للجدل. الشيعة فى السجن فى هذا السجن روى الصيرفى تفاصيل لقائه بأبناء الداعية الشيعى «حسن شحاتة» الذى قتل فى قريته بالجيزة، وكانوا ثلاثة وهم: محسن، وحمزة، وعلاء، حكم عليهم بالمؤبد نتيجة امتلاكهم سلاحا آليا استخدموه ضد عائلة زوج أختهم بسبب خلافات أسرية، وكانوا يمتلكون العديد من الكتب الشيعية، ويحاولون التقرب من الجميع دون أهداف واضحة، بعد تأديته لامتحاناته عاد مجددا لملحق وادى النطرون، وهنا قابل الشيخ «ب» مفتى الإخوان فى وادى النطرون، الذى وصفه، قائلا: «هو إخوانى حتى النخاع، وكان كبيرا فى السن وبذقن كبيرة، وكان بارعا فى استقطاب الأشخاص، وكان يعطى دروسا دينية فى الجهاد والصبر فى السجون»، كما قابل الصيرفى الشيخ «ن»، وهذا كان إمام الإخوان فى السجن، ووصفه قائلا: «متشدد جدا، وكان يتكلم بسرعة بحيث إنك تحتاج للتركيز من أجل فهم كلامه، ونجح فى التأثير بالسلب على العديد من شباب الإخوان فى السجن، وجعلهم أكثر تطرفا، هذا بجانب العديد من شباب الإخوان والأزهر الموجودين فى السجن. معسكرات وادى النطرون يؤكد الصيرفى أن شيوخ الإخوان فى ملحق سجن وادى النطرون حولوا السجن إلى معسكرات للتكفير، بعد مواظبة «الشيخ ب» و«الشيخ ن» على دروس لشباب الإخوان، مفادها أن جيل الإخوان الحالى هو جيل المحنة لا جيل الانتصار، وأنهم سيحملون راية الإسلام، ويجب أن ينتقموا، وغيرها من الكلام التى تصنع تكفيريا بسهولة، على حد وصفه، وكانت لمرشد الإخوان محمد بديع وأعضاء مكتب الإرشاد قدسية خاصة فى السجن، فشيوخ الجماعة فى السجن يعتبرونهم رسلا من الله. من المواقف الطريفة التى حدثت فى السجن التى تكررت كثيرا هو شكل الإخوان عندما يشاهدون صورا وخطابات للرئيس السيسى، فكانت وجوههم تسود، وأبدانهم يتخللها القشعريرة، ويتمنون لو دخلت إسرائيل مصر لتحكمها بشرط تدمير الجيش المصرى، وكان وقتها يبدأ درسا فى التكفير لا ينقطع حتى بعد أن يغلق التلفاز، ويبدأ شيوخ الإخوان فى تهيئة الشباب الموجود لحمل السلاح ضد الدولة عقب الخروج، مبدين ندمهم على عدم حمله فى البداية، والجهاد فى سبيل الله، كما نصحتهم الجماعة الإسلامية، على حد تعبيرهم، ووفقا لوصف الصيرفى فى مذكراتهم. الشغب ضد الإخوان لم تمر العلاقات عادية بين الصيرفى وشيوخ الإخوان فى السجن، على الرغم من ارتباطه بعلاقات قوية مع بعض شبابهم الذين رحل معظمهم إلى سجن استئناف القاهرة مؤقتا لمتابعة قضاياهم، وبدأ الشد والجذب بين الطرفين منذ شهر رمضان الماضى مع نبطشى الغرفة والشيخ «ن» إمام السجن، والشيخ «ب مفتى الإخوان» بسبب سهر شباب الإخوان مع الصيرفى وضحكاتهم طوال الليل، وتقاعسهم عن صلاة الفجر، هذا بجانب أزمة نشبت بسبب المسلسلات وتحريم شيوخ الإخوان لها، إلا أنهم رضخوا فى النهاية وأيدوا مشاهدة بعض المسلسلات وهى مسلسل «ابن حلال» للنجم محمد رمضان، ومسلسل صديق العمر. الشماتة فى الشهداء لم يتوقف الشغب بين الصيرفى والإخوان عند هذا الحد، بل كانت هناك حروب كلامية بسبب فرحة الإخوان باغتيال جنود الشرطة والجيش، لدرجة أن أحدهم أفتى بأن الجنود الذين شاركوا فى فض رابعة دماؤهم حلال وليسوا شهداء، أما من لم يشارك وقتل من خلال الجماعات التكفيرية فهو ضحية معركة وليس شهيدا، الأمر الذى جعل الصيرفى يقترب من شباب الأزهر والإخوان المعتدلين ويكون جبهة خاصة لمواجهة جبهة الشيوخ أصحاب المعسكر التكفيرى فى عنبر 4 بسجن ملحق وادى النطرون، وكان الإخوان فى سجنهم مرشدين للأمن، يبلغونهم بكل ما يحدث فى العنبر، ويتسببون فى عقاب من يفعل ولو غلطة واحدة. وهو ما تجلى فى 20 يوليو 2014، أذاع التليفزيون المصرى نبأ استشهاد 22 جنديا مصريا من حرس الحدود فى كمين على أيدى جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية، وحينما سمع الإخوان فى سجن ملحق وادى النطرون هذا الخبر، تحولت وجوههم من العابسة والحزينة إلى المبتهجة، واحتفلوا احتفالا كبيرا فى استشهاد الجنود، وكأنهم من جنود إسرائيل وليسوا مصريين، ودارت مشادة لفظية بين الصيرفى وقيادات الإخوان فى السجن حول فرح الإخوان فى موت الجنود الغلابة؟ وكان ردهم مثلما تفرحون فيمن ماتوا فى اعتصام الإخوان فى ميدانى رابعة والنهضة، واندلع جدل طويل بين مؤيد ومعارض لهذا الحادث الإرهابى الغاشم حتى انعقدت «جلسة الفتوى الإخوانية»، وفيها أجاز شيوخ الإخوان بشكل رسمى قتل الجنود، واعتبروا الأمر حلالا شرعا، وإن من مات منهم ليس من الشهداء. كان الإخوان فى عنبر 9 مختلفين تماما، خاصة فى نظام حياتهم داخل السجن، فكانوا ملتزمين ببرنامج غريب جدا، من ضمنه دعاء يومى بعد كل صلاة على الرئيس عبدالفتاح السيسى وكل رموز وقيادات وأنصار ثورة 30 يونيو، أما الأغرب فكانت نشرة أخبار وهمية تطلقها الجماعة بعد صلاة المغرب، والتى كانت يتخللها دائما عودة الرئيس المعزول محمد مرسى إلى سدة الحكم وإلقاءه بيانا على الأمة بعد قليل، وغيرها من الأخبار الوهمية التى يستخدمونها لتحفيز همم شبابهم. بيعتهم لدولة البغدادى وفى 12 أغسطس 2014، أكد شريف الصيرفى وجود جلسة للإخوان داخل السجن أقر فيها أعضاء وشيوخ الجماعة بضرورة مبايعة داعش وأميرها أبو بكر البغدادى خليفة للمسلمين فى حال دخوله مصر. مفارقات ضاحكة ومن المفارقات الضاحكة رفض أحد شباب الإخوان سماع الصيرفى لبرنامج أسامة منير فى الراديو الذى كان قد هربه إلى السجن، واصفا إياه ب«الصليبى» الذى لا يجب أن يدخل السجن، وخاصة قبيل صلاة الفجر، هذا بجانب خطبة الجمعة فى سجن وادى النطرون التى كان يستغلها الإخوان لشحن همم الشباب وجعلهم أقرب إلى العنف والعمل المسلح بعد خروجهم من السجن، هذا بجانب دعائهم المستمر على ثورة 30 يونيو وكل من أيدها ودعم عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى. تم الإفراج عن شريف الصيرفى وخروجه من سجن وادى النطرون، ومنه إلى التحقيق النهائى مع جهاز أمن الدولة، وبعدها الإفراج النهائى والعودة إلى منزله مرة أخرى. واختتم الصيرفى مذكراته قائلا: «بعد أن خرجت من المعتقل اختلفت نظرتى تماما عن الحياة، أنا الآن أفهم الدنيا، لقد اكتشفت أننى كنت أعمى قبل دخولى المعتقل، أشكركم على اعتقالى، ومن يريد أن يتعلم السياسة فى مصر عليه أن يدخل إلى المعتقل ولو شهرا واحدا، أو على الأقل قراءة تجارب المعتقلين السابقين، أى شخص يدخل إلى المعتقل ويخرج بدون تغيير جذرى فى حياته وبدون أن يفهم كيف يتعامل على أرض الواقع بحيث لا يقع تحت طائلة القانون مجددا أو أن يخطئ خطأ جسيما يؤدى به إلى الاعتقال مجددا فهو شخص لا يفهم أى شيء، وعليه أن يعتزل السياسة لأن دخولك إلى المعتقل مرة واحدة هو كفيل ليعلمك الحياة وكيف هى السياسة فى مصر».