يعتقد الكثيرون أن المصريين عرفوا كعك العيد مع دخول الفاطميين إلى مصر، بينما تكشف النقوش الفرعونية أن الكعك تقليد موروث، من القدماء المصريين، فثمة رسومات مفصلة لصناعة كعك العيد فى مقابر طيبة ومنف، من بينها نقوش على جدران مقبرة أحد ملوك الأسرة الثامنة عشر تشرح كيف كان عسل النحل يخلط بالسمن ويقلب على النار ثم يضاف إلى الدقيق ويقلب حتى يتحول إلى عجينة يسهل تشكيلها ثم يرص على ألواح الاردواز ويوضع فى الأفران. وكان الفراعنة يشكلون الكعك على شكل أقراص أو أشكال هندسية أو حيوانية مختلفة أو هيئة أوراق شجر، ويحشونها بالعجوة أو التين أو بالفواكه المجففة. ومع تزايد إقبال المصريين على تناول الكعك فى العيد، يتبادر إلى الذهن السؤال، هل الكعك كله أضرار أم أن له فوائد، وكيف نقلل من أضراره ونعظم فوائده، ويجيب الدكتور عادل الركيب استشارى، الكبد والجهاز الهضمى بطب الأزهر، بقوله: «كعك العيد يحتوى على الكثير من العناصر الغذائية المفيدة، أهمها الكربوهيدرات والبروتين متمثلا فى البيض، والدهون وبعض الإضافات الغذائية الطبيعية التى تميز الطعم والرائحة لهذه المخبوزات، بالإضافة إلى العسل والأنواع المختلفة من المكسرات التى هى مصدر من مصادر فيتامين E، المعروف بقوته المضادة للأكسدة وأهميته فى مقاومة أمراض القلب وتصلب الشرايين». وأضاف «رائحة الكعك أثناء إعداده ذات أثر صحى إيجابى على الجسم لدورها فى زيادة إفراز العصارات الهاضمة وتنبيه المعدة والإثنى عشر، ليزداد نشاطها، ما يساعد على هضم نشويات ودهون الكحك، بالإضافة إلى أنها تعمل على إزالة الإحساس بالتخمة والانتفاخ بعد تناوله حيث تتكون من أعشاب طبيعية مثل المحلب والقرفة والقرنفل والحبهان، وغيرها، كما أن الخميرة المضافة تحتوى على فيتامين B، لكن يجب الأخذ فى الاعتبار ألا تزيد السعرات الحرارية المستمدة من الدهون يوميا عنلى 25-30٪ من السعرات الكلية، كما يجب ألا تتجاوز السعرات الحرارية من الدهون المشبعة، السمن، عن 10٪ الجرام الواحد من الدهون يعطى 9 سعرات حرارية والجرام الواحد من الكربوهيدرات يعطى 4 سعرات حرارية والإفراط فى تناول كعك العيد يؤدى إلى الإصابة بالبدانة، إذ تحتوى الكعكة الواحدة على 35٪ نشويات و30٪ سكريات و35٪ دهون، وإذا تناول كمية منه تمنح الجسم طاقة أكثر من احتياجه اليومى. وتمد الكعكة الواحدة الإنسان بحوالى 400 سعر حرارى، فالسعرات الحرارية والقيمة الغذائية فى الكعكة الواحدة تعادل رغيفين من الخبز، كما أن الغريبة بها 120 سعرا حراريا والبتى فور الواحدة، 90 سعرا حراريا، بينما يحتاج الإنسان يوميا إلى ما بين 2000 و1600 سعر حرارى، يحصل عليها من جميع الوجبات الغذائية، لذا ينبغى الانتباه عند تناول الكعك، وأخواته، وألا نسرف فيها، لأن بقدر ما فيها من استمتاع عند تناولها ومذاقها الشهى، بقدر ما فيها من مضار على الصحة بشكل عام وعلى المرضى خاصة، إذ تعرضهم لمخاطر تفاقم السكرى ومخاطر انسداد شرايين القلب نتيجة ترسيب الدهون على جدرانها». وأوضح الركيب أن الزيادة من سكريات الكعك يتحول إلى دهون يتم تخزينها فى الجسم لتصبح خطرا يهدد الصحة العامة، ويؤدى إلى الإصابة بالبدانة التى يترتب عليها قلة المجهود البدنى وزيادة العبء على الأعضاء، خاصة القلب والرئتين والكليتين. أما عن أهم النصائح لتجنب أزمات الكعك، فينصح الدكتور الركيب بأن تكون وجبة إفطار يوم العيد خفيفة مع الاعتدال فى تناول الكعك وتقليل نسبة السمن والدهون المستخدمة، وأن يكون من نوع جيد وغير مهدرج، ويكتفى بتناول كعكتين فى اليوم، على فترات زمنية متباعدة أو تناول كعكة وقطعة غريبة وقطعة بيتى، فور وهذا يعطى الجسم نصف ما يجب أن يحصل عليه من طاقة طوال اليوم وأكثر من 40٪ مما يجب أن يتناوله طوال اليوم من دهون غذائية، ونظرا لأن الدهون فى الكعك والغريبة والبيتى فور تسبب الشعور بالامتلاء، لاحتياجها إلى وقت أطول فى الهضم، فيجب أن تكون هناك فترة زمنية لا تقل عن 3 ساعات بعد كل مرة يتم فيها تناول الكعك. ويكفى تناول كحكة واحدة فقط حتى لا تزداد نسبة الكوليسترول فى الدم، خاصة لدى بعض المرضى مثل مرضى الأوعية الدموية والقلب. وحذر من أن هذه المواد الدسمة والسكرية تشكل خطرا واضحا على مريض السكر، خاصة إذا كان يعانى من ارتفاع مصاحب لضغط الدم أو زيادة فى نسبة الدهون فى الدم أو زيادة الوزن. وأشار إلى أن البسكويت، المصنوع من دقيق وسمن وبيض وسكر، يعد أقلا فى السعرات الحرارية، وأكثر اعتدالا، لاحتوائه على البروتين وكربوهيدرات ودهون بكميات أقل، وبالتالى لا يصيب الجهاز الهضمى بارتباك إذا تناوله الإنسان لكن بدون إسراف. وفى العموم فإن كثيرا من الناس يعانون من اضطرابات فى القناة الهضمية لعدم التوازن فى تناول العناصر الغذائية الأساسية من الكربوهيدرات والدهون والبروتين، ولتجنب ذلك يمكن تناول، قبل أو بعد الكعك مباشرة، أغذية غنية بالألياف لأنها تقلل من امتصاص الدهون، مثل الخضروات والفاكهة كالبرتقال والجزر والتين، وكذلك البقوليات، ويفضل تناول الكعك إلى جانب المشروبات، خاصة الحلبة والقرفة، فالحلبة تحتوى على مادة «الجلاكتوفتان» التى تخفض مستوى السكر والكوليسترول فى الدم، والقرفة تساعد أيضا على هضم المواد الغذائية الدسمة التى تدخل فى إعداد كعك العيد، وأخيرا المحافظة على ممارسة الرياضة. أما الأخطار التى يمكن أن يصاب بها مريض السكر من تناول الكعك، فيوضحها الدكتور مصطفى طنطاوى، طبيب الباطنة والجهاز الهضمى، الذى أكد أن الإفراط فى تناول مثل هذه الأطعمة يشكل خطورة كبيرة على الأشخاص العاديين، وتزداد الخطورة كثيرا مع مرضى السكر، موضحا أن السكريات المركزة فى الحلويات تسبب له ارتفاعا سريعا لسكر الدم، وفقدان السيطرة على مستويات السكر لأيام متتالية، لذلك ينصح مرضى السكر والضغط بتنظيم وجباتهم وتناولهم للحلويات من أول يوم فى العيد، وعليهم الاكتفاء بتناول كعكة واحدة فى اليوم، مع واحدة من البسكويت، لأن المواد الدهنية والدسمة تشكل خطرا على مريض السكر، خاصة إذا كان يعانى من ارتفاع ضغط الدم، أو زيادة فى نسبة الدهون فى الدم أو زيادة الوزن، وهذه العوامل تؤثر على الشرايين الدقيقة فى الكبد والكلى، لذا يجب الحذر، والمتابعة المستمرة مع الطبيب المعالج وقياس نسبة السكر، ووضع نظام غذائى بعد انتهاء فترة الصيام لتجنب غيبوبة السكر.