هي المنطقة التي يطلق عليها هضبة الأهرام. وصارت معروفة الآن بحدائق الأهرام. وهى منطقة كبيرة تمتد بعد مساكن الضباط ومركز تجنيد الجيزة إلى مسافة طويلة وتستدير حتى مسافة قريبة من الطريق الدائرى. كان لها من قبل ثلاث بوابات فصار لها الآن خمس وفى الطريق غيرها. ولأن المنطقة على هضبة ومن هنا جاء اسمها الأول وقريبة من الأهرامات كان البناء فيها مقيدا، بمعنى أن الارتفاعات كانت لا تزيد على خمسة أدوار. أ ربعة أدوار فوق الأرضى إضافة إلى البدروم الذي كان يعد جراجا. الجمعية التعاونية لحدائق الأهرام هي التي باعت الأرض يوما ما وهى التي كانت تعطى تراخيص البناء لملاك الأراضى وكانت تتابع هذه الشروط جيدا وتحدث استثناءت قليلة لا تدل على فساد واضح. كان أيضا مخصصا بها أكثر من مول للمحال. أي كانت المحال ممنوعة في العمارات وتشغل الدور الأول دائما فيلات. كان البناء على مساحة ستين بالمائة من الأرض إذ يحيط بها فراغ من جميع النواحى بحيث يكون الجنوب كالشمال فالهواء يصل إليك في الشقة من أي جهة. في عام 2006 نقلت تبعية التراخيص إلى حى الهرم. وبدأ على الفور التحايل على شروط البناء. أصحاب العمارات في معظمهم مقاولون تركوا شارعى فيصل والهرم بعد أن عزّت فيه العشوائيات التي ملأت جوانبهما وبدءوا العمل في حدائق الأهرام والتزموا في البداية بشروط الجمعية. مع نقل كل شىء إلى حى الهرم بدأ الالتزام يقل شيئا فشيئا. ارتفعت الأدوار إلى ستة وسبعة. أنا مثلا كنت أصعد إلى السطح فأرى الأهرامات. الآن أصعد فلا أرى شيئا. وطبعا لست وحدى. الأخطر من ذلك هو أن نسبة الفراغ قلت جدا. والأخطر أيضا أن بعض أصحاب الأراضى الأذكياء من المقاولين ضموا أكثر من قطعة أرض إلى بعضها بحيث يكون الفراغ ضئيلا جدا. صار في العمارة الواحدة خمسون شقة. والمدهش وجود أسانسير واحد والمدهش أكثر هو أن الترخيص يصدر بالموافقة على ذلك. أسانسير واحد لخمسين ساكنا. وطبعا صارت الأدوار ستة إضافة إلى الدور الأرضى وسكان الدور السادس يشترى بعضهم الدور السابع ويبنى عليه. تأتى قوة المخالفات من الحى فتهدم جزءا من جدار الدور الزائد وتمضى ويعيد صاحب الأمر البناء وكأنك يا أبو زيد ما غزيت. أو يقوم صاحب العمارة مسرعا بتسكين الدور أو الدورين المخالفين بسكان مؤقتين هم في الغالب يعملون معه ويحرر لهم عقودا وهمية وينشرون ملابس قديمة في البلكونة فيبدو الدور مسكونا وهنا لا يخوّل القانون لأحد هدمه. حى الهرم يعرف كل هذه الألاعيب. كل ذلك يمكن تحمله. لكن الأخطر هو كم التكاتك التي صارت في الهضبة. بدأت منذ دخول التكاتك مصر على استحياء. وزادت على استحياء ثم أصبحت تجارة لكثير من البوابين. والآن هي أكثر من سيارات السكان. كانت من قبل تقف في مكان واحد أمام منطقة التجنيد ثم صارت تقف أمام كل الأبواب. تنقل الناس إلى الداخل وتخرج بهم وبأسعار كبيرة. وبدأت تظهر عمليات خطف حقائب من النساء الماشيات ويشاركها موتوسيكلات أيضا. كل ذلك يمكن تحمله. آه والله. بدأ الباعة الجائلون يدخلون المنطقة ويقفون في الشوارع ويبيعون. ومعهم كمية كبيرة من الشحاذين. كل هؤلاء يدخلون من الأبواب الرئيسة التي لا أعرف أي معنى لها. وفى رمضان هذا العام زاد الباعة الجائلون واحتلوا نواصى الشوارع وكذلك الشحاذون. ماذا تفعل الجمعية التعاونية؟ لا أعرف. ماذا يفعل حى الهرم؟ لا أعرف. والمهم أنه رغم هذا الوضع لا تزال المنطقة كلها دون نقطة شرطة أو حتى دوريات شرطة. أكثر من ذلك كما قلت كان هناك أكثر من مكان مخصص لإقامة مول يتم فيه تأجير المحال. أحدها موجود من زمان ولم يقم غيره. وبدأت المحال تفتح بعد أن صارت التبعية لحى الهرم. كانت قليلة حتى يناير 2011. ثم بعد ذلك زادت بشكل مرعب وتزداد وبدأ أصحاب الفيلات يتركونها ويبيعونها لتكون محال. كذلك الحال في العمارات الجديدة. طرق الدخول انسدت بالسيارات الواقفة أمام المحال. والطرق البعيدة صارت خطرة من سرعة التكاتك ومفاجآتها فهى طبعا تمشى أي كلام. ولم يكتف أصحاب العمارات ببيع المحال في الأدوار الأولى بل باعوا كذلك الجراجات لتكون مخازن لشركات. وهكذا صارت السيارت تملأ الشوارع الجانبية والخارجية. رغم أن أكثر من نصف السكان غائبون في بلاد بعيدة ولم يعودوا فما بالك إذا اكتملت الأعداد. باختصار صارت حدائق الأهرام مثل أرض الجمعية في إمبابة أو شارع الوحدة أو شارع القومية وكله في إمبابة وحى الهرم سعيد. لن ألوم أحدا. لكن ما فائدة البوابات الآن التي كانت تحدد المكان كمنطقة سكنية مميزة. يبدو أنه لا أمل في أي شىء أن يظل جميلا في هذه البلاد.