سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وهلِّت بشائر قانون "الخدمة المدنية".. تأخر رواتب العاملين بالدولة عن شهر يوليو.. فاروق: هيمنت عليه فكرة شيطانية.. عيسى: كل الإدارات ضربت "حيص بيص".. وموظف بالضرائب: "الحكومة بتشجعنا على الانحراف"
بعد كلام معسول عن فائدته في تنظيم العلاقة بين الحكومة والعاملين فيها وإعادة هيكلة الأجور، بما يكفل العدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين، خرج قانون "الخدمة المدينة" إلى النور، في ظل غياب البرلمان ودون حوار مجتمعي يحقق الوفاق بين طرفي العمل (الحكومة والموظف). وعلى ما يبدو فإن رياح القانون جاءت بما لا تشتهي سفن الموظفين، لذا صاحب القانون منذ اليوم الأول لصدوره جملة من الانتقادات والجدل، إلى جانب إفلات جهات عليا من قبضته مواده بحجة "الاستثناءت"، والآن ومع افتراض تطبيق القانون على الرواتب بداية من يوليو الجاري، سادت حالة من "اللخبطة" في الادارات المحاسبية وحيرة ما بين صرف رواتب الشهر على النظام القديم أو الجديد، وهو ما يدفع بتكهنات حول تأخير رواتب الموظفين، إلى جانب تصاعد وتيرة الغضب لدى بعض الجهات التي أعلنت عن وقفات احتجاجية اعتراضا على مواده التي "لم تكفل العدالة والمساواة". الدكتور عبد الخالق فاروق، الخبير في الشئون الاقتصادية، قال، في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز"، إن فلسفة القانون أو الروح المهيمنة على مواده يغلب عليها الانتقاص من حقوق الموظفين الخاضعين لأحكامه، خصوصا شاغلى أدنى الدرجات الوظيفية من ناحية المحليات، وتغليب كفة صاحب العمل (الحكومة)، في إخلال يكاد يكون واضحا بين الطرفين. يوضح فاروق: "هيمنت على ظلال القانون فكرة شيطانية، وهى استجلاب قيادات من خارج الهيئة الوظيفية في كل المواقع تحت مسمى الخبرات النادرة، وهي الفكرة التي اخترعها رجال حسني مبارك لتحزيب الوظيفة العامة وهيمنة أعضاء وقيادات الحزب الوطني آنذاك، على كل مفاصل الأجهزة الإدارية والمصرفية والاقتصادية والشركات العامة والشركات القابضة". يستدرك فاروك: "للأسف قانون الخدمة المدنية الجديد يرسخ هذا المفهوم ولكن بمظلة قانونية". ويصف الخبير الاقتصادي التفاوت الكبير في الأجور المتغيرة بين الأجهزة الحكومية المختلفة (رئاسة الجمهورية، مجلس الوزراء، وزارة المالية، وزارة التخطيط، الجهاز المركزى للمحاسبات، وغيرهم) وبين الأجور المتغيرة للمحليات التي يعمل فيها نحو 60% من الموظفيين الحكوميين، ب "سيرك الأجور"، الذي سيجعل المشكلة قائمة، نظرا لإحتساب العلاوات الدورية بنسبة 5% من الأجر الوظيفى، أو علاوات الترقية 2.5% من الأجر الوظيفى أو علاوة التميز 2.5%. ويشير إلى أن "الأجر المكمل" هو مسمى جديد يُقصد به عناصر الأجور المتغيرة التي تشكل نحو 60% على الأقل من المرتب الوظيفى، "وبهذا فإن القانون الجديد لم يعالج جوهر الخلل في النظام الأجرى بالوظائف الحكومية، ولا نبالغ إذا قلنا أنه قد أضاف إلى الغموض غموضًا". استثناء 16 جهة حكومية من القانون ماليًا من نسبة الزيادة السنوية 5%، منها رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والقوات المسلحة والشرطة والضرائب والقضاء والبنوك، بالإضافة لكل الجهات التي لها كادر أو قانون خاص بها مثل الكهرباء، هل يعد عوار في القانون وخللا يتعارض مع ما نص عليه الدستور من عدالة اجتماعية ومساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات؟ سؤال فرض وجوده. يري الدكتور رضا عيسى، الخبير الاقتصادي، أن نسبة الزيادة في الاجر لا بد أن تتساوي مع التضخم أو تزيد، و"نحن لدينا نسبة تضخم من 10 إلى 12 % والزيادة السنوية حسب نص القانون الجديد 5% من الأساسي الجديد، أي انها اقل من نصف نسبة التضخم، وهو ما يعنى انخفاض المرتبات ومستوي المعيشة، أي أن المحصلة النهائية من وراء القانون ستكون مزيد من القهر، مزيد من الفقر، مزيد من الرشاوي، فماذا يعنى أن الزيادة السنوية لوكيل وزارة لن تتعدي أكثر من 100 جنيه، فما بالك بصغار الموظفين؟". يتابع عيسى: "هناك حالة من الارتباك بين الادارات والوحدات المحاسبية المؤسسات، وحالة من عدم الفهم بكيفية تطبيق القانون وحساب الأجور، وحتى الآن لا أحد يعلم راتب شهر يوليو سيصرف على القديم أو الجديد، وهو ما آخر صرف المرتبات الخاصة بالشهر الجاري". يلفت عيسى النظر إلى أنه قبل استصدار قانون بمثل هذه الأهمية كان لا بد من عمل دورات تدريبية للموظفين والمحاسبيين لشرح الية التنفيذ والمحاسبة، "اما الآن فكل الادارات المحاسبية ضاربة حيص بيص، ومحدش فاهم مين بيودي فين، وهذا هو سبب الربكة الحالية". حالة استياء وغضب اصابت العاملين بالجمارك والضرائب الذين وقعوا تحت مظلة القانون وستطبق عليهم نسبة ال 5%من الزيادة السنوية على الأجر الأساسي، وهو ما يخلق حالة من تدني الأجور بشكل ملحوظ على لعاملين بالضرائب، بشكل سيفتح الباب للفساد والسرقات وقبول رشاوي. "ع. م" موظف بالضرائب العقارية يقول: "الضرائب وحدها مسئولة عما يزيد عن 70% من ايرادات وموازنة الدولة، ومع ذلك لم تطرأ على رواتبنا أي زيادات بعكس ما يحدث مع القضاء والشرطة والجيش، ولم نُستثنى من القانون كما استثنوا البنوك والكثير من الجهات، رغم اننا نتحكم في ملايين، ومن المفترض أن نظهر بالمظهر اللائق حتى لا نخضع للابتزازات والرشاوي". يضيف الموظف أن "الدوله بما تفعله تدفع الشباب إلى الانحراف"، لأنها "استثنت اصحاب الرواتب العليا وجنت على صغار الموظفين". النقابات العمالية، الكيان المعنى بالدفاع عن حقوق العمال، كانت ضمن الجهات المعارضة للقانون، تُصر النقابية فاطمة رمضان على أن القانون يزيد من سوء أوضاع العاملين بأجر وهم العاملين بلا أي ضمانات، موضحة أن العلاوة الدورية للموظفين اصبحت 5% فقط من الأساسي الجديد، بينما هي في القطاع الخاص 7% و10% لموظفي الدولة، وهو ما يعنى "قسم وسط" الموظف الغلبان.