إعداد: ياسر الغبيري إشراف: سامح قاسم بلد الألف مأذنة، بلد الإيمان، والأمن والعلم والثقافة، بلد التاريخ والحضارة "مصر المؤمنة" التي سبقت بتدينها بلدان العالم، وكما قال الإمام الشعراوي، "مصر التي صدّرت لجميع دول العالم علم القرآن، صّدرته حتى للبلد الذي نزل فيه القرآن". وبينما يدعي التكفيريين والمجرمين المضللين أنها بلد الوثنية والرجعية والجهل، تقف مآذن مساجدها الضاربة بجذورها في عمق التاريخ لتثبت يومًا بعد يوم أنها من أوائل الدول التي تلقت الدين الحنيف واهتمت به بل ودرسته في أرجاء مساجدها التاريخية، مما جعلها مقصدًا لطلبة العلم حول العالم. ومن المساجد التي تشهد على وعي وثقافة مصر وتشهد لها بالإيمان لجامع الأزهر، الذي في الفترة من 359-361 هجرية 970-972 ميلادية. عندما تم فتح مصر على يد جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، وبعدما أسس مدينة القاهرة شرع في شهر جمادى الأول سنة 359 هجرية 970 ميلادية شرع في إنشاء الجامع الأزهر وأتمه في شهر رمضان سنة 361 هجرية 972 ميلادية فهو بذلك أول جامع أنشى في مدينة القاهرة وهو أقدم أثر فاطمي قائم بمصر. وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء بنت الرسول وإشادة بذكراها، وقد كان الجامع الأزهر وقت إنشائه مؤلفا من صحن مكشوف تكتنفه ثلاثة أروقة أكبرها رواق القبلة الذي يتألف من خمسة صفوف من العقود: أربعة منها محمولة على عمد من الرخام تيجانها مختلفة الأشكال والصف الخامس وهو المشرف على الصحن محمول على أكتاف مستطيلة القطاع. ويتوسط هذا الرواق مجاز مرتفع يتجه من الصحن إلى حائط القبلة وينتهى بقبة تغطى الجزء الواقع أمام المحراب كما كان يغطى طرفي البائكة الأخيرة - الشرقية لهذا الرواق - قبتان متماثلتان لم يبق لهم أثر الآن، أما الرواقان الجانبيان فيتكون كل منهما من ثلاث بائكات محمولة عقودها على عمد من الرخام فيما عدا العقود المنتهية إلى الصحن فإنها محمولة على أكتاف مستطيلة القطاع كما هي الحال في رواق القبلة. ونحو سنة 400 هجرية الموافق 1009 ميلادية جدد هذا الجامع الحاكم بأمر الله ثالث الخلفاء الفاطميين بمصر تجديدا لم يبق من أثره سوى باب من الخشب محفوظ بدار الآثار العربية. وفى سنة 519 هجرية 1125 ميلادية أمر الآمر بأحكام الله سابع الخلفاء الفاطميين أن يعمل للجامع محراب متنقل من الخشب وهو محفوظ أيضا بدار الآثار العربية، وفى أواخر العصر الفاطمي - القرن السادس الهجري - الثاني عشر الميلادي - أضيف للقسم المسقوف من الجامع أربع بائكات تحيط بالحصن من جهاته الأربع محمولة عقودها على عمد من الرخام يتوسط البائكة الشرقية منها قبة أقيمت عند مبدأ المجاز القاطع لرواق القبلة وقد حليت هذه القبة من الداخل بزخارف جصية وطرز من الكتابة الكوفية المشتملة على آيات قرآنية. هذا وقد أبقى الزمن على كثير من الزخارف الجصية والكتابات الكوفية الأصلية التي نراها تحيط بعقود المجاز الأوسط وتحلى خواصرها ثم بعقد وطاقية المحراب القديم كما أبقى الزمن أيضا على بعض الشبابيك الجصية المفرغة - المصمتة الآن - وما يحيط بها من كتابات كوفية وزخارف نراها بنهايتي حائطي رواق القبلة الشرقي والبحري. وأول الأضافات التي ألحقت بالجامع بعد العصر الفاطمي المدرسة الطيبرسية الواقعة على يمين الداخل من الباب المعروف بباب المزينين بميدان الأزهر التي أنشاها الأمير علاء الدين الخازنداري نقيب الجيوش سنة 709 هجرية 1309 ميلادية وأهم ما في هذه المدرسة محرابها الرخامي الذي يعد من أجمل المحاريب لتناسب أجزائه ودقة صناعته وتجانس ألوان الرخام وتنوع رسومه وما احتواه من فسيفساء مذهبة ازدانت بها توشيحتا عقده. https://www.youtube.com/watch?v=HYO8iXrqtlg