المثل بيقول «ضربتين في الدماغ توجع».. لكن المصريين يتعاملون بمنطق آخر هو «يا ما دقت على الرأس طبول». كانت الضربة الأولى هي اغتيال المستشار الجليل هشام بركات.. وكانت الثانية بعد يومين الهجوم على كمائن الجيش ومحاولة احتلال مركز الشيخ زويد بشمال سيناء. لم يكن اغتيال النائب العام هو الأول، ولن يكون الأخير لجماعة حسن الساعاتى المعروفة زورا باسم «الإخوان المسلمين».. منذ نشأتهم 1928.. تاريخ من الاغتيالات والدماء.. القاضى أحمد الخاذندار.. رئيس وزراء مصر أحمد ماهر باشا.. رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى بعد قيامه بحل الجماعة ومصادرة أموالها.. محاولة اغتيال الزعيم جمال عبدالناصر.. ويأتى أبناء وأحفاد حسن الساعاتى يكملون المسيرة تحت أسماء تنظيمات مختلفة كلها من بطن الإخوان وفكر سيد قطب.. ويقومون باغتيال الشيخ الدهبى.. حتى أنور السادات.. من أفرج عنهم ووفر لهم الثروة لمواجهة اليسار فقاموا باغتياله.. ومن بعده رئيس مجلس الشعب الدكتور رفعت المحجوب.. تاريخ طويل من الدم حتى اغتيال النائب العام.. حتى المفكرون لم يسلموا منهم.. اغتالوا الدكتور فرج فودة.. وحاولوا اغتيال أديب مصر نجيب محفوظ.. والكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد. وتخترع الجماعة تنظيمات بديلة للنظام الخاص بأسماء مثل القاعدة وداعش وبيت المقدس وجند الله، لتصل إلى أكثر من 35 منظمة تعمل تحت راية حسن البنا وسيد قطب. تنظيم القاعدة أسسه الإخوانجى عبدالله عزام وجند للجماعة أسامة بن لادن.. هكذا بدأ بن لادن وآخرون غيره.. وانتشروا في الأرض تحت الرعاية الأمريكية والتمويل الخليجى السعودى.. وأبو بكر البغدادى زعيم الدولة الإسلامية «داعش» قال عنه الشيخ يوسف القرضاوى إنه إخوانجى أصيل. ومثل عمليات الاغتيالات الفردية كانت عمليات القتل الجماعى لرجال الجيش والشرطة في كل أنحاء مصر.. لكن شمال سيناء التي شهدت خلال ثلاثة أشهر فقط وفقا لتقرير مؤسسة مؤشر الديمقراطية 156 حادث قتل وعنف وإرهاب، تعد أكثر المحافظات دموية ومسرحًا حقيقيًا لنهج الجماعة وتوابعها. وكان آخرها بعد اغتيال النائب العام بيومين.. حيث تم الهجوم على مركز الشيخ زويد في وقت متزامن على 19 كمينًا بالأسلحة الحديثة والسيارات المفخخة والقنابل وحتى الصواريخ.. مما أسفر عن سقوط عشرات من أبطال مصر.. وحاول الإرهابيون احتلال الشيخ زويد بعد ضرب قسم الشرطة.. لكن خطتهم لم تنجح.. وقام الجيش المصرى بالرد على تلك العملية الخسيسة.. ودكت القوات الجوية معاقل ما يسمى ببيت المقدس.. مما أسفر عن سقوط أكثر من 100 إرهابى. لكن مازالت يد الجيش المصرى مغلولة بفعل اختباء الإرهابيين في منازل المدنيين وسط النساء والأطفال والعجائز.. وحماية بعض رؤساء القبائل لهم، رغم تعهدهم لرئيس الدولة بتخليهم عن الإرهابيين. والآن يفرض السؤال نفسه: هل أصبح إرهاب شمال سيناء قدرًا لا سبيل للفكاك منه.. وبالتحديد مثلث الرعب «رفح الشيخ زويد العريش».. وكيف يمكن للقوات المسلحة أن تدير عملياتها ضد الإرهابيين دون التعرض للمدنيين الأبرياء. الحل طرحه عدد من الكتاب والسياسيين.. وهو إخلاء مثلث الرعب.. وجعلها أرضا مكشوفة.. فقد أصبح الوضع حربا حقيقية ضد الدولة.. وهى لا تقل عن حروب الماضى ضد إسرائيل مع الفرق أن العدو يأتى من الداخل. السؤال: هل من الصعب تهجير سكان مثلث الرعب إلى حين القضاء نهائيا على هؤلاء الإرهابيين؟. خريطة مثلث الرعب تقول إن العريش.. هي عاصمة وأكبر مدن محافظة شمال سيناء (عدد سكانها 114.900 نسمة)، وأكبر مدينة على شبه جزيرة سيناء، تطل على ساحل البحر المتوسط، على بعد 334 كم من القاهرة. رفح.. هي البوابة الشرقية لمصر. يقع مركز رفح على الحدود الشمالية الشرقية لجمهورية مصر العربيه بطول 55 كم تقريبا. ومن جهة الشمال والجنوب بطول 13كم تقريبا، بإجمالى مساحة 506 ألف كم2 أي ما يعادل 150 ألف فدان تقريبًا. مدينة رفح مقسمة إلى: - ( 14) حيًا سكنيًا وعدد (11) قرية أم بتوابعها. - عدد السكان تقديرى عام ( 2014) 77849 نسمة. - عدد المساكن الحكومية ( 2298) مسكنًا. - عدد المساكن الأهلية ( 4530 ) مسكنًا. الشيخ زويد صاحبة الموقعة الأخيرة.. هي مركز ومدينة في محافظة شمال سيناء، وتقع بالقرب من الحدود مع قطاع غزة بين مدينة العريش ورفح على بعد 334 كم من القاهرة. بعد حرب 1967، احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء وأسست مستوطنة ياميت شمال الشيخ زويد مباشرة، وكانت أكبر مستوطنة إسرائيلية في سيناء. يبلغ سكان مدينة الشيخ زويد 51 ألفًا و527 نسمة وفقا لآخر إحصائية تم إعدادها عام 2010. تشتهر المدينة بزراعات الكنتالوب والخوخ واللوز والحمضيات، وهى زراعات يتم تسويقها داخليا وتصديرها عالميا، إلا أن التنمية الصناعية غائبة تماما عن مدينة الشيخ زويد، مما جعل البطالة تتفشى بين أبنائها وتعرضهم لمخاطر التطرف والعمل في أعمال التهريب. باختصار يصل عدد سكان مثلث الرعب نحو 245 ألف نسمة.. ونعيد السؤال: هل من الصعب تهجير أقل من ربع مليون مواطن بشكل مؤقت حتى تنتهى الحرب مع الإرهابيين؟. لقد فعلتها مصر أكثر من مرة مع مدن القناة ( بورسعيد الإسماعيليةالسويس ). أولى عمليات إخلاء مدن القناة جاءت أثناء المقاومة الشعبية ضد العدوان الثلاثى عام 56 وقتها كانت تقصف مدن السويس وبورسعيد من الجو والبحر، ومن ثم وضعت خطة لتهجير الشيوخ والنساء والأطفال، وظل الشباب والرجال للدفاع عن بورسعيد، إلى أن انتهت هذه المرحلة بعودة السكان لمدنهم في مارس 1957 ثم جاءت نكسة 67 لتشهد أكبر عملية تهجير في مدن القناة، قدر وقتها عدد المهجرين في الفترة من يونيو 1967 إلى عودة السكان عام 1973 بنحو مليون مواطن.. نعم مليون مواطن دفعوا 7 سنوات من الغربة عن أرض مولدهم.. وتحملوا في سبيل الوطن الكثير من الصعاب حتى لحظة الانتصار. يذكر أن التحريك في بادئ الأمر كان اختياريًا، حتى أصدرت القيادة في مصر قرارًا بتحريك أهالي القناة، ولكن باستثناء نسبة بسيطة أطلق عليهم لقب «المستبقون» بهدف مشاركة الجيش التضحيات والمقاومة.. وتم توزيع السكان على 14 محافظة في مصر. ويظل السؤال مطروحا: هل نخلى مثلث الرعب وننهى الحرب مع الإرهاب.. ونبدأ تنمية شمال سيناء.. حتى لا يعود إليها أحفاد حسن الساعاتى مرة أخرى؟.