لماذا لا تعتبر الدولة جلال عامر شهيدًا؟ يمكن أن أضع أمامك جزءًا من تاريخ الثائر «النقى»، والكاتب «الأسطورة»، والشهيد الحيّ. مثل أى مصرى كان خائفًا على بلده، يسأل «مصر رايحة على فين؟»، ولا ينتظر إجابة من النظام، الذى وصل إلى أعلى درجات «التوهان»، و«الضياع»، إنما وضع إجابة عبثية تشبه ما يراه.. «كنت اسأل قبل ما تركب». كله ركب دون أن يسأل.. فليس من حق أحد أن يسأل الآن. كلنا فى مركب واحدة.. لا تغرق.. ولكن شيء ما يجذبها للغرق فى أسرع وأقرب فرصة.. وفريق «المزيكا» مستمر فى العزف يحمل أسفه وبؤسه «على أوتار الكمنجة». وطن حزين جدًا.. وعذب جدًا.. وتائه.. يشبه «تايتانك» بالضبط. ويشبه جلال عامر أيضًا. صعلوك، عابر سبيل، ابن الحارة المصرية، ليس لى صاحب، لذلك ظهرت فجأة، وسوف أختفى فجأة.. فحاول تفتكرنى. هكذا يقول «الساخر العظيم» عن نفسه.. فلا تحاول أن تتذكره.. تذكر - فقط – ما كتبه فى وصف «مصر». خرج من «حرب أكتوبر 73» يحمل كفنه على كفه، وفى قلبه ذكريات «الانتصار العظيم»، وعلى كتفه مدفع رشّاش يضرب به مقولات من رصاص، جندى مجنّد حائر، لا يحدد عدوه، ولا يعرف عدوًا إلا «أعداء البلد».. كالجندى مجند أحمد سبع الليل بالضبط. كان - وحده – يحتفظ بصورة المستقبل أمام عينيه، اختبره جيدًا، وعرف آخره.. ورأى ما لا يراه الخبراء الاستراتيجيون، ولا رجال الأجهزة الأمنية، ولا المفكرون، ولا أصحاب النظارات السوداء. ولذلك مات. غريب أن يموت مواطن مصرى لأنه رأى «خناقة» بين طرفين متنازعين على السلطة.. الغريب – من وجهة نظر جلال عامر – أن الطرف الثانى كان الجيش.. أو المجلس العسكرى.. والطرف الأول هو الثوار. كان قلب «عامر» حائرًا. أصحاب القلوب - فقط – يموتون فى هذا البلد الذى لا يعرف غير رائحة الموت، ولا يشبع من الجثث.. لأن الله نفخ فيهم من روحه، ومنحهم القدرة على رؤية ما لا نراه. هذه بعض «مشاهد» جلال عامر من المستقبل، بعضها مرّ بنا، وبعضها مررنا به، لكن أكثرها لم يطلّ علينا.. إنما سيأتى قريبًا جدًا. ■ نصيحة أخ: لا تقف مع «ميليشيا» ضد وطنك حتى لو كان الوطن مجرد مكان ننام على رصيفه ليلًا. ■ للشعب «حدود» يجب أن تُحترم وللوطن «حدود» يجب أن تُصان وللصبر «حدود» يجب ألا نتعداها. ■ صوابع «زينب» رغم حلاوتها «لا تعزف» ولقمة «القاضى» رغم روعتها «لا تحكم»، والقانون لا يحمى المواطنين. ■ فى ظل التدين الشكلى الذى نعيش فيه أصبح لا يخشى «النار» إلا من يعمل فى المطافئ. ■ توقفنا عن غسيل الشوارع بالماء فقد أصبحنا نرويها بالدماء. ■ نشرنا العنف فى عقول الناس ووضعنا السلاح فى أيديهم فرخصت الروح وهان الدم. ■ فى رمضان «موائد الرحمن» وطول السنة «حدائق الشيطان»! ■ مع كل الشكر والعرفان، موائد الرحمن ليست حلًا لمشكلة الجوع، ولو تغيرت السياسات فسوف يأكل الغلابة فى بيوتهم، وسوف يأكل اللصوص فى موائد السجون. ■ سبحانك ربى عما يصفون، فلا أحد يصدق أن إلهًا يخلق (أ، ب، ج، د، ه) ثم يأمر «أ» أن يقتل الجميع. ■ ضد الشيعة وضد الصوفيين والمسيحيين واليهود والهندوس، وبعد أن يفرغوا منهم سوف يحاربون أنفسهم ويتبقى رجل وامرأة يبدآن قصة الخلق من جديد. ■ إذا لم نجدد أفكارنا سيتحول العالم العربى إلى مقبرة جماعية. ■ الدين علاقة رأسية بين العبد وربه حولناها إلى علاقة أفقية بين المواطن وأخيه. ■ لكل زمان دولة تحت اللحاف ورجال فوق القانون فلا هى تصحو ولا هم يحاسبون. ■ معظم الهاربين بفلوسنا كانوا يقيمون لنا موائد الرحمن.. وأتارى إحنا اللى عازمينهم. ■ بسبب الإعلانات أصبح شبابنا لا يعرفون اسم «فاتح» القسطنطينية، لكنهم يعرفون اسم «فاتح» الشهية. ■ الدول المتخلفة تجمع معلومات عن مواطنيها أكثر مما تجمع عن أعدائها، فأنا واثق أن أجهزة الأمن تعرف خال أم جدى ولا تعرف الاسم الرباعى ل «نتنياهو». ■ نحن أمة تختلف على الهلال علنًا وتتفق على «الاحتلال» سرًا. ■ موائد الرحمن قد تسد الرمق لكنها لا تحل مشكلة «الجوع»، فهذه تحلها ماكينات المصانع. ■ سوف يتوقف التاريخ طويلًا.. بسبب زحمة المرور. ■ من الذى حول رمضان من 30 يومًا إلى 30 حلقة؟ ■ نعمل «مرصد» ثم نحدد الهلال بالعين المجردة ونعمل «عداد» ثم نحدد الأجرة بالاتفاق مع الزبون، ونعمل حكومة ثم نحدد الخطة بالبركة ودعاء الوالدين. ■ يولد الإنسان عاريًا ومع ذلك لا يتعظ ويقضى حياته فى تعرية الآخرين. ■ السنة شهر «صيام» دينى.. وأحد عشر شهرًا «جوع» حكومي. ■ هدم الأضرحة، هدم الكنائس، هدم الآثار.. أحجار تحارب أحجارًا ■ المستشفى الخاص هو المكان الذى يفقد فيه المواطن نقوده والمستشفى العام هو المكان الذى يفقد فيه المواطن حياته. ■ يا بخت الحمير فى هذا البلد، فعندنا (80) مليون إنسان نزرع لهم مليون فدان قمح و(2) مليون حمار نزرع لهم (2) مليون فدان برسيم. ■ العالم يخترع الجديد، ونحن كل دورنا ينحصر فى تقرير إذا كان هذا الاختراع «حلال أم حرام»! ■ من مزايا شعوب المناطق الحارة أنها لا تمل من فوز النادى الأهلى. ■ هذا وطن يمنح رجل الأعمال عشر سنوات ليوفق أوضاعه ثم يتهم الفقير بأنه يلفق أوجاعه. ■ كل مسئول يتولى منصبه يقسم بأنه سوف يسهر على راحة الشعب، دون أن يحدد أين سيسهر وللساعة كام؟ ■ ثم تسألنى كيف ينام الظالم؟.. طبعًا على مخدة. ■ يطبق القانون على «المغضوب عليهم» لكنه يتغاضى عمن يقول «آمين»! ■ مدح الشاعر أحد الملوك، فأمر له الملك بمائة ألف دينار، ثم أمر الخازن ألا يصرفها، سأله الشاعر عن السبب قال الملك: أسعدتنى بكلام، فأسعدتك بكلام. ■ الذى يفعله الكبار مع الثوار هو أنهم يضعون لهم «الحصى» فى «الحلة» فوق النار ويغنون لهم «ماما زمانها جاية!» حتى يناموا. ■ فى مصر يُراقب الوزير ويُحاصر ويموت... لكن فى «الشطرنج»! ■ الحوار شغّال.. وأنا أحب الحوار جدًا وأى حد يحاورنى أحاوره وفى الآخر أنا أطلع «بيان» وهوه يطلع «لسانه»! ■ رفعنا «لافتات الثورة» ثم حولوها إلى «شواهد قبور». ■ البلد دى فيها ناس عايشة كويس وناس كويس إنها عايشة. ■ مصر أعظم دولة فى «التاريخ» لكنها لن تتقدم إلا إذا أصبحت أعظم دولة فى «الفيزياء»! ■ فى مصر لا توجد «محاسبة» إلا فى كلية التجارة. ■ المصريون تجمعهم اللغة والدين والعادات والتقاليد وممكن يعملوا دولة. ■ ليس صحيحاً أن كل من يطيل ذقنه لا يستطيع أن يرسم على خده علم مصر وليس صحيحًا أن كل من يطلب الدولة المدنية «أبولهب»! ■ ولايزال النيل يجرى حتى أوقفه الكمين وسأله معاك حاجة تثبت إنك النيل فقال: بص للظلم اللى مالينى.