«الأمريكية» الأكثر تجسسًا حتى على جيرانها «الفرنسية» تستعين بسفاراتها في التجسس «الألمانية» تعمل لصالح واشنطن ضد باريس أثارت الهجمات الإرهابية التي شهدتها عدة دول، أول أمس الجمعة، الكثير من التساؤلات حول دور أجهزة المخابرات في التصدى للتنظيمات الإرهابية ومنعها من تنفيذ عمليات أخرى في المستقبل، خصوصا في ظل اعتراف العديد منها بالفشل في مواجهة الأساليب الجديدة للإرهابيين، واستخدامهم الماهر للتكنولوجيا. ورأت مجلة «سلايت» الفرنسية، أن الهجوم الذي استهدف مصنعا للغاز في فرنسا كشف بوضوح عن حجم العجز والمعاناة التي تعانيها أجهزة المخابرات الفرنسية، في مواجهة التنظيمات الإرهابية، مشيرة إلى أن هذا الفشل يصيب أيضا العديد من أجهزة المخابرات الغربية مثل البريطانية والألمانية وحتى الأمريكية التي تعد الأقوى والأكبر في العالم. وعقدت المجلة مقارنة بين أكبر أجهزة المخابرات الغربية، من حيث الإمكانيات المادية والقوة البشرية والقدرة التكتيكية على العمل، لتجد أن المخابرات الفرنسية بالفعل هي الأضعف والأقل تمويلًا، موضحة أن العنصر البشرى والتمويل المادى يصنعان الفارق في أداء أجهزة المخابرات. ووفقًا للتقييم الدولى الأخير فإن المخابرات الأمريكية لا تزال تتربع على عرش العالم بإمكانياتها المادية والبشرية الهائلة، بينما تأتى بريطانيا في المركز الأول أوربيا، أما المخابرات الفرنسية فموقفها صعب للغاية، وتتراجع بشكل مستمر، مقارنة بالتطور الذي تحرزه نظيرتها الروسية والألمانية. وكانت تسريبات «ويكيليكس» الأخيرة كشفت عن تجسس وكالة الأمن القومى الأمريكية «NSA»، على 3 رؤساء فرنسيين وعدد من الوزراء والسفراء، مما يعكس قدرة أمريكا على تحويل سفاراتها إلى مراكز تجسس على الحكومات، فضلا عن إمكانياتها التقنية العالية في اختراق جميع الأنظمة. وكشفت الوثائق التي سربها الأمريكى إدوار سنودين، حجم ميزانية المخابرات الأمريكية وقدراتها وعملها الدولى. ووفقا لهذه الوثائق فإن وكالة المخابرات المركزية، وهى المكلفة بجمع المعلومات من الخارج، لا تزال أكبر وهم وكالة في منظومة الاستخبارات الأمريكية بميزانية تبلغ نحو 14.7 مليار دولار من إجمالى ميزانية المخابرات البالغة 63.5 مليار دولار يستفيد منها 17 جهازا ووكالة استخباراتية. ويبلغ عدد العاملين في وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومى 107 آلاف عامل، أي أكثر من مجموع العاملين بشركة «توتال» الفرنسية التي تعد من كبرى الشركات النفطية، وهو ما يعنى أنه لا وجه للمقارنة بين قدرات المخابرات الأمريكية والفرنسية، رغم الإجراءات التي اتخذتها باريس مؤخرا، وفى مقدمتها إقرار قانون جديد بشأن الاستخبارات. وتعتمد فرنسا على 6 وكالات للاستخبارات وجمع المعلومات تضم 11 ألفا و700 عامل بميزانية 1.2 مليار دولار يأتى في مقدمتها: «الإدارة العامة للأمن الخارجى، الإدارة العامة للأمن الداخلى، الإدارة العامة للاستخبارات المركزية». ومع ضعف المخابرات الفرنسية، إلا أنها تمتلك ثالث أكبر شبكة سفارات في العالم بعد الولاياتالمتحدة والصين، مما يوفر لها إمكانية إنشاء مراكز متعددة للتجسس. وتعتمد بريطانيا على 6 أجهزة أخرى للاستخبارات بميزانية عامة تصل إلى 2.8 مليار يورو، إضافة إلى مبلغ 140 مليون يورو حولته وكالة الأمن القومى إلى رصيد مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية بين 2010 و2013. وبالنسبة إلى ألمانيا فإنها خطت خطوات واسعة خلال الفترة الماضية في مجال الاستخبارات، لتستعيد أمجادها السابقة التي عرفت فيه برلين أقوى جهاز مخابرات عالمى إبان حكم «هتلر» وهو الجهاز الذي عرف آنذاك باسم نظام «أمن الدولة شتازي».