50 عاما كاملة هي عمر المذيعة كريمان حمزة - عمرها الآن 67 - في تقديم البرامج الدينية، قضت منها 32 سنة في تليفزيون الحكومة، و7 سنوات مع القنوات الخاصة وكان آخر برنامج قدمته هو «الأربعون النووية» على فضائية اقرأ التي يملكها الشيخ صالح كامل. اعتقد البعض أن كريمان حمزة لم يعد لديها ما تقوله، خاصة أنها لجأت إلى كتابة المقالات الصحفية في بعض الصحف العامة، وكانت لا تخصص أيا من هذه المقالات للشأن الدينى الدعوى، بل كانت تهتم بالشئون العامة. لكن في حوار طويل أدلت به كريمان حمزة إلى موقع الجماعة الإسلامية وقدمه منظرها ناجح إبراهيم كشفت كريمان عن سر الاختفاء، فهى تعد أول تفسير نسائى كامل للقرآن الكريم، بل إنها انتهت بالفعل من التفسير وقامت بالمراجعة السابعة له تمهيدا لإصداره عن إحدى دور النشر المصرية، وكان هناك أمل أن يصدر التفسير في رمضان الماضى لكن يبدو أن هناك ما عطل الأمر، فتأخر الإصدار. انقطعت كريمان حمزة ثلاث سنوات كاملة لتنتهى من تفسير القرآن، ابتعدت عن الاجتماعات والندوات والمؤتمرات والمقابلات والكتابة الصحفية ومن أي حديث في شأن عام أو خاص لتقدم التفسير الذي ترى وجهة نظرها أنه لابد أن يكون سهلا ويسيرا ومبسطا حتى يفهمه عامة الناس. بدأت فكرة تفسير القرآن، عندما أخبرت جيلان حمزة الشقيقة الصغرى لكريمان أختها أن مسئولة من الهيئة العامة للكتاب تريد منها تفسيرا لثلاثة أجزاء من القرآن للأطفال، تصدر في كتاب عن الهيئة، رفضت كريمان في البداية فهى ليست فقيهة ولا مفسرة للقرآن، لكن شقيقتها ألحت عليها، ولما تحدثت مع مسئولة هيئة الكتاب وجدت أنها تأمرها وتقول لها: لازم تعملى تفسير للأطفال. استخارت كريمان حمزة الله في الأمر، وبعد أن صلت الاستخارة بدأت في تفسير الأجزاء الثلاثة الأخيرة من القرآن للأطفال، وبعد أن أنهتها توجهت إلى هيئة الكتاب وبحثت عن المسئولة التي حدثتها قبل ذلك فلم تجدها، فانصرفت من الهيئة وهى تقول أن الله لا يقدر لها هذا الأمر. لم تعد كريمان إلى بيتها بل مرت على عادل المعلم في دار الشروق، وهو ناشر تعاملت معه كثيرا قبل ذلك، طلبت منه أن يتولى طباعة الأجزاء الثلاثة التي فسرتها، وبعد أن طالع التفسير بسرعة وجدته يقول لها: سوف آخذها وأقوم بطبعها على شرط وهو أن تفسرى القرآن كله. صلت كريمان حمزة صلاة الاستخارة مرة أخرى فوجدت أن الله شرح صدرها لتفسير القرآن كاملا وبدأت تكتب، وبعد فترة من الكتابة تولدت في نفسها الرغبة في أن تعرض ما تكتبه على بعض المشايخ المتخصصين لتتأكد من أنها تسير في الطريق الصحيح. توجهت إلى الدكتور أحمد عمر هاشم الذي رحب بالأمر، وبعد أن قرأ ما كتبته ألمح لها أن الطلبة في المراحل الأولى من الدراسة الأزهرية في حاجة لهذا التفسير. توجهت كريمان حمزة بعد ذلك إلى الشيخ ياسين رشدى في الإسكندرية – وهو داعية اشتهر في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات وكانت كريمان هي السبب في شهرته من خلال استضافته في برامجها التليفزيونية - لتعرض عليه بعض ما كتبته، إلا أنها للأسف الشديد وجدته مريضا. قابلت كريمان بعد ذلك الشيخ عبد المقصود الذي سألها عن أمرها فأخبرته أنها بحاجة إلى عالم لتعرض عليه بعض ما كتبته، فدلها على أحد العلماء الأجلاء وهو الشيخ عبدالباسط وهذا الرجل حاصل على أربع شهادات دكتوراه في غريب القرآن وهو شيخ ضرير، (هكذا ذكرت كريمان حمزة أسماء شيوخها دون أن تهتم باكمالها). وبالفعل حدد لها الشيخ عبد الباسط موعدا، وكان عبارة عن موعد أسبوعى لمدة ساعة واحدة أسبوعيًا لتقرأ عليه ما كتبته، فكانت تذهب إليه في منزله بصحبة زوجها وتظل تقرأ عليه وهو يصحح لها، وبالرغم من أنه ضرير كان إذا مرت الساعة يضرب بكفه على رجله إيذانًا بأن الموعد قد انتهى. تكررت لقاءات كريمان حمزة بالشيخ عبد الباسط أربع مرات فقط، ففى المرة الرابعة هز رأسه وهو سعيد وكانت هذه إشارة منه أنها تسير في الطريق الصحيح، فلم تعد إليه مرة ثانية. تدخل الناشر عادل المعلم فيما قامت به كريمان حمزة كثيرا، تقول هي عن ذلك في حوارها الطويل مع موقع الجماعة الإسلامية: عرضت بعض ما كتبته على الأستاذ عادل المعلم صاحب دار الشروق فأفادنى كثيرا وخاصة في الجزء المتعلق بحديث القرآن عن العهد القديم والعهد الجديد وكلام القساوسة والحاخامات.. حيث إن هذه المادة لم تكن موجودة عندى وكانت متوفرة لديه، أيضا كان يطلب منى وضع بعض الأضافات في بعض الأماكن وكانت وجهة نظره أن يعرف الشباب الذي يقرأ الوضع سياسيًا ولا يكونوا مغيبين عن الواقع. في البداية اعترضت كريمان حمزة على تدخلات عادل المعلم، وحدث بينهما شد وجذب، لكنها التزمت في النهاية بما رآه المعلم ثقة منها أن ما يراه صحيح. انتظمت كريمان حمزة في تفسير القرآن من خلال برنامج يومى مكثف ومنظم، كانت تبدأ العمل من الساعة الثانية عشرة مساء إلى الثامنة صباحا، لا يقطعها إلا صلاة الفجر، وكانت تصلى لله كل يوم ركعتين وتدعوه ألا يقبضها إلا بعد أن تنتهى من التفسير. استعانت كريمان حمزة بعدد كبير من المراجع في تفسيرها للقرآن منها في ظلال القرآن لسيد قطب، وتفسير البيضاوى والزمخشرى وكتاب المنتخب للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والوجيز للدكتور شوقى ضيف، والتفسير الموضوعى للشيخ الغزالى، وتفسير الشيخ شلتوت وتفسير الشيخ حسنين مخلوف وتفسير الدكتور الأشقر. ورغم أن كريمان حمزة لم تكن أول امرأة تقدم على تفسير القرآن الكريم، فقد سبقتها إلى ذلك السيدة زينب الغزالى، وكان ذلك في العام 1970 عندما أخبرت الحاجة زينب كريمان حمزة أنها تريد أن تعمل مجلسا لتفسير القرآن وطلبت منها أن تدير هذا المجلس ربما لقدراتها الإعلامية، كانت كريمان وقتها صغيرة السن لكنها تربت على يد زينب الغزالى التي احتضنتها وكانت تقول لها إنى أرى فيك شبابى. إلا أن كريمان حمزة تعتبر تفسيرها للقرآن هو أول تفسير نسائى حيث تم تقديمه إلى الأزهر وأجازه علماؤه ومنحوه ترخيصا بالصدور.