وللناس فيما يعشقون مذاهب، ولكن عندما يكون مذهب العشق هو ممارسة الحب مع الجثث، فأننا نجد أنفسنا أمام أكثر أنواع العشق سوادا، فهناك أشخاص لا يخشون جثث الموتى بل يعشقونها، يستمتعون في أحضانها الباردة العفنة، ويفرغون فيها شهواتهم الحيوانية بشغف، إنها بالنسبة لهم الشريك الأمثل، فهى «لا تتكلم».. «لا تتألم»، ولا تحدق باشمئزاز إلى وجوههم الكالحة القذرة. «النيكروفيليا» أو «حب معاشرة الجثث»، حيث إنه المصطلح الذي أطلقه علماء النفس منذ أواخر القرن التاسع عشر للدلالة على حالة الانجذاب الجنسى لجثث الموتى، لكن حداثة المصطلح لا تعنى أن «النيكروفيليا» حديثة العهد، فهى قديمة قدم الإنسانية، عرفتها جميع الشعوب عبر التاريخ، وتم تصنيفها اجتماعيا ضمن المحرمات، مثلها مثل جميع أنواع الشذوذ الجنسى كالمثلية وزنا المحارم والسادية، وخلال السطور القادمة سوف نعرض أشهر القصص التي تتضمن انتشار مرض «النيكروفيليا» على مر التاريخ. «النيكروفيليا» تتعلق بالموتى والجثث، لذا لا عجب أن تكون أولى الإشارات التاريخية عن الحالة مرتبطة بالطقوس الجنائزية، «هيرودوتس» المؤرخ الإغريقي، ذكر في كتاباته التاريخية بأن قدماء المصريين كانوا لا يسلمون جثة المرأة الجميلة إلى المحنطين فور موتها، بل كانوا يحتفظون بالجثة لعدة أيام، وربما عرضوها للشمس حتى تظهر عليها علامات التحلل، لكى تصبح أقل جاذبية في نظر الكهنة والرجال الذين سيتولون مهمة تحنيطها لئلا يقدم بعضهم على انتهاك حرمتها جنسيا. كما أن هناك أيضا دلائل أثرية على ممارسة «النيكروفيليا»، في بعض الحضارات، فعلى سبيل المثال، ملحمتا الإلياذة والأوديسة الإغريقية، يروى «هوميروس» قصة المبارزة التي جرت بين البطل «أخيل» وملكة الأمازون، مبارزة لم تلبث أن انتهت بمصرع الحسناء الأمازونية، لكن المعركة لم تنته هنا، لأن البطل «أخيل» سرعان ما ندم بشدة على قتل الملكة، فحين أزاح الخوذة عن رأسها بهره جمالها، وتمنى لو أنه كان قد أبقى على حياتها ليتخذها زوجة له، كما أن «أخيل» الذي صرعه حب وغرام الملكة الميتة احتفظ بجثتها، وفى روايات متأخرة في العصر «البيزنطي» قيل بأنه مارس الجنس مع الجثة. الملك «هيرودس» الكبير، أحد الملوك الذين عاصروا مولد المسيح، والذي عرف بقسوته المفرطة، قام بقتل أولاده وإعدام زوجته بتهمة الخيانة عام 29 ق.م، وتقول الروايات إنه احتفظ بجثتها لمدة سبعة أعوام مارس خلالها الجنس معها. النسخة الورقية