تعد من أهم الجوائز التي تمنح للكاتبات هي جائزة اورنج في بريطانيا، وهي تمنح لكاتبات الرواية وتأسست عام 1996، وتغير اسمها عام 2013 الى جائزة المرأة للرواية بعد ان تخلت عتها الشركة الداعمة "اورنج" للهاتف النقال، ومن أهداف الجائزة الاهتمام بالأدب النسائي في مجال الرواية، حيث يرى أصحاب الجائزة أن هناك إغفالًا وتجاهلًا لكتابات المرأة في العالم. ومن خلال الجائزةعرفنا في السنوات الأخيرة بعض الكاتبات المبدعات اللاتي فزن بها، فقد كانت الجائزة من نصيب الروائية الأميركية "مادلين ميلر"2012 عن أول رواية لها "أغنية أخيل". وفي العامالذي قبلهفازت بالجائزة "تيا أوبريت" عن روايتها "أنثى النمر". طفولة كاتبة "مادلين ميلر" كاتبة مهمومة بالتاريخ الذي يسكن أعماقها، فقد ولدت عام 1980 في بوسطن، ونشأت في مدينتي نيويورك وفيلادلفيا. أكملت دراستها في جامعة براون، وحصلت على درجة البكالوريوس والماجستير في الدراسات الكلاسيكية. وكانت تحلم وهي صغيرة أن تكون طبيبًا بيطريًا، حيث احتوتها مشاعر عطف تجاه الحيوانات الأليفة، وتشعر بالحنان إذا تمسحت قطتها بذراعها أو غفت على ركبتيها. وفي مرحلة أخرى تقمصت دور المعلمة لكنها في الوقت نفسه تعرفت على الكاتبة فيها، ومنذ ذاك الوقت وهي لا تفرط بإحساسها الذي سكن في أعماقها ودورها كأديبة تحاول إصلاح ما يبدو أمامها من خلل أو اضطراب. اتجهت للقراءة منذ طفولتها، وأدركت أن الكتاب هو عالمها الأخير، حتى تألقت وألفت وكتبت وحصلت على جائزة مرموقة عن أولى رواياتها. يؤدي عنصر استلهام التاريخ في قصص الكاتبة دورًا مهمًا فنجدها في طفولتها تذهب إلى المتاحف لتشاهد الصور القديمة، وتلمس آثار التاريخ، وتقف تتعجب مما كان وما سوف تحلم به للكتابة، وتمر بالحضارات تتأمل وتفكر أين ذهبوا؟ وكيف جاءوا وتركوا لنا تراثًا وبقايا لا تندثر؟ وتأثرت مادلين بالحضارة البابلية والأشورية واليونانية والفرعونية. وأصبحت زائرة دائمة إلى متحف "متروبوليتان" الذي حفر في قلبها حب التاريخ، وتعودت أن تفكر في حقائق تغلفها أساطير إلى الحد الذي كانت تظل أمام التماثيل تنظر بعمق وتتأمل في صمت كأنها في موقف عاطفي ؛ لذلك تجد في رواية "أغنية أخيل" صورًا كثيرة للحضارة الإغريقية القديمة، فقد استطاعت أن تستلهم الشخصيات وتأثرت بالكاتب الكبير "هوميروس" في مؤلفاته التاريخية. ولذلك حين مارست التدريس كانت سعيدة وهي تشرح على الخارطة اليونانية تاريخ الإغريق، وتشير إلى الأماكن الأثرية وتتذكر رحلاتها إلى المتاحف مع أمها عندما كانت طفلة. تأثرت أيضًا مادلين بكتابات "شكسبير" في تحليله لصراع النفس بين الخير والشر والعواطف الجامحة والغضب الشديد والانفعالات التي تتدفق كالشلالات دون حد. واستمدت من شكسبير نماذج وصورًا ومواقف أسهمت في بناء شخصيتها الأدبية. أغنية أخيل تتناول رواية "أغنية أخيل" حياة الأمير الشاب "باتروكلوس"، الذي نُفي إلى فيثيا، وهناك يصادق أخيل الشاب الوسيم. ومع تعمق علاقتهما تأتي الأخبار من "أسبرطة" بنبأ خطف "هيلين" زوجة الأمير، فيضطر الصديقان إلى الارتحال إلى طروادة، دون أن يدركا ما ينتظرهما هناك. تأخذنا الرواية إلى "الياذة هوميروس" بطريقة ما، عندما يعود الصديقان إلى طروادة، حيث باتروكلوس يجد نفسه ممزقًا بين ضميره وحبيبه. ويفقد أخيل صديقه باتروكلوس في المعركة يعيش القارئ فيها وكأنه في "الياذة هوميروس"، الأمر الذي يدفعه إلى العودة إلى الحرب مكابرًا على أحزانه من أجل الانتقام لروح صديقه. وتصف مادلين نكبة أخيل بصديقه والأحزان التي غمرت قلبه وتساؤلات عن الحياة والموت، وأن الإنسان دائمًا في مواجهة متاهات وألغاز غريبة. ليست الرواية مجرد سرد تاريخي تخيم عليه العواطف، إنها إبداع للتاريخ بلمسات حنونة وذاكرة طفلة بريئة هي مادلين التي كانت تستمع إلى أمها تقرأ لها "الياذة والأوديسة" وتخفي عنها مشاهد العنف. استطاعت مادلين أن ترسم ملامح التاريخ في هذه الرواية من خلال تناقضات شعورية كثيرة ما بين العنف والحنان وما بين الحب والكراهية. لقد كان حبها للتاريخ أثناء دراستها هو الذي كشف لها أسرار الشخصيات منذ أن تعلمت اللغة اللاتينية، وكان عمرها 11 سنة بدأت تعيد صياغة حرب طروادة والياذة هوميروس، وربما حبها لقصص شيكسبير بحسها، هو الذي دفعها إلى أن تنجز "أغنية أخيل". رواية "أغنية أخيل" من بين الكتب الأكثر مبيعًا في قائمة مختصرة لهذا العام. إنها رواية تحمل مع قصتها نداء إلى الرجال والشباب والشيوخ والنساء، والقراء على حد سواء لأنها مفعمة بالخيال والتجارب الأدبية. باختصار إنها رواية المغامرة والحب، لكنها تعتمد على كيفية قراءتها.