شهدت مكتبة الإسكندرية ختام منتدى الحوار الوطني "تمكين المرأة المصرية، الانتقال من التوصيات إلى التنفيذ الإستراتيجي"، والذي عقد في الفترة من 13 إلى 15 مايو 2015 بمكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة ومؤسسة نساء من أجل السلام عبر العالم وبرنامج الأممالمتحدة للمرأة في مصر. وجاء هذا المنتدى كمرحلة ثانية لمشروع تمكين المرأة المصرية والذي بدأت مرحلته الأولى عام 2012 بعقد منتديات حوار محلية والتي خرجت بعدد من التوصيات. وشهد المنتدى جلسات عمل تفاعلية لتحويل التوصيات التي تم تجميعها منذ بداية المشروع إلى إطار لخطة عمل بهدف صياغة الإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية. وقالت الأستاذة شهيرة أمين؛ المشرفة العامة على المنتدى، في الجلسة الختامية، إن التوصيات التي خرجت بها مجموعات العمل خلال المنتدى ستمثل القاعدة الأساسية التي سيقوم على أساسها الإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية، حيث سيتم تجميع مناقشات مجموعات العمل واستخلاص الخطط التي تم اقتراحها من خلال تلك المجموعات للتنسيق مع الجهات المعنية من أجل تنفيذها. وسيتم العمل والتنسيق على التطبيق الفعلي لخطط العمل المقترحة عن طريق الشركاء الرئيسيون وهم: مكتبة الإسكندرية، المجلس القومي للمرأة، ومكتب الأممالمتحدة للمرأة. وأكدت أنه من أهم الأهداف الإستراتيجية التي يهدف إليها المشروع هي: توفير الإطار التشريعي والمؤسسي الداعم للمرأة والذي يتوافق مع التزامات الدولة بالمواثيق والمعاهدات الدولية، إضافة إلى رفع مستوى مشاركة المرأة كمًا ونوعًا في مختلف المجالات، ونسبة تمثيلها في مواقع اتخاذ القرار. وأضافت أنه من أهم النقاط التي أجمع عليها الحضور هي: أهمية التركيز على التعليم كأداة أساسية في عملية الإصلاح والتنمية المجتمعية وأنه قد آن الأوان لتضافر جميع الجهود لتفعيل المشاريع والبروتوكولات المبُرمة لمحو الأمية في مصر، وذلك عن طريق التعاون مع الأطراف الفاعلة والجهات المعنية للعمل على إنجاحها، إضافة إلى دراسة التجارب الناجحة للبلدان الأخرى في القضاء على الأمية وكيفية تطبيقها بطريقة تتوافق مع طبيعة المجتمع المصري. وأكد الحضور أيضا على أهمية التأكيد على مبدأ المواطنة والاستناد عليه من أجل تحقيق المساواة المنشودة بين جميع فئات المجتمع. ولفتت إلى أنه سيتم التنسيق بين الجهات المعنية للعمل سويا من أجل وضع سياسة إعلامية تساعد على تغيير النظرة المجتمعية إلى المرأة وزيادة ثقة المرأة المصرية بنفسها من خلال التركيز على مواطن القوة والابداع في شخصيتها والتذكير بالدور الرائد الذي قامت به شخصيات نسائية تاريخية بارزة قادت مسيرة التقدم والتنوير ليس على المستوى المصري أو العربي فحسب بل على مستوى العالم. ولتحقيق ذلك؛ لابد من تكوين شراكة بين منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والباحثين الخبراء في مجال تمكين المرأة للمساهمة في تقديم المعلومات والدراسات المتعلقة بهذا الشأن. كما أن الإستراتيجية ستضع خطة عمل للاستفادة من مفهوم "المسئولية الاجتماعية للشركات"(Corporate Social Responsibility) في دعم قضايا المرأة وتمكينها بناء على التوصيات والإطار الذي وضعه المشاركون في المنتدى، حيث يجب أن تلتزم شركات القطاع الخاص بتقديم مسئولياتها الاجتماعية تجاه الوطن والمواطن تطبيقا لما نص عليه الدستور. كما أنه تم مناقشة تفعيل التعاون بين أجهزة الدولة مع شركاء التنمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني في القيام بالدور اللازم والمكمل في تمكين المرأة اجتماعيا واقتصاديا ففي المناطق العشوائية وذلك بإزالة كل العقبات التي تحول دون ذلك، وتم عرض نموذج مصور لمنطقة العسال، كمثال للمناطق العشوائية، ليعلم المشاركون حال المرأة في تلك المناطق، وانتهى النقاش إلى ضرورة تكاتف جميع الجهات للعمل معا، من منظمات مجتمع مدني وقطاع خاص وخبراء، حيث أن جهة واحدة لن تكفي لإحداث التغيير المنشود والقضاء على هذه المشكلة لا يقتصر على دور الدولة فقط، وأبدى الحاضرون استعدادهم للتعاون معا والعمل على التنسيق للتنفيذ الفعلي لخطط التنمية للمناطق العشوائية. كما تم اقتراح أن تتبنى الدولة سياسات تمويلية مناسبة يتم توجيهها للمناطق الأكثر احتياجا لرفع المعاناة عن كاهل المرأة في تلك المناطق. وأن تعمل كل أجهزة الدولة على التعاون مع المؤسسات الدولية للحصول على منح أو قروض ميسرة لتنمية ودعم المرأة اجتماعيا واقتصاديا في جمهورية مصر العربية. وشددت على أن المرأة المصرية قد اكتسبت في دستور 2014 حقوق غير مسبوقة، ويعتبر ذلك من الإنجازات التي لا يستهان بها من أجل تمكين المرأة، ومن أجل الحفاظ على استدامة تلك الإنجازات والمكاسب، والاستمرار في بناء قدرات المرأة بما يضمن توسيع نطاق مشاركتها التنموية، علينا أن نعمل سويا من أجل تشريع وسن قوانين تساعد في التطبيق السليم للدستور فيما يخص تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، وتولية اهتمام خاص بسن القانون المنشئ لمفوضية عدم التمييز وفقًا للدستور. وأكدت على وجود ممثلين للجهات الفاعلة المعنية مما يدل على الاهتمام بإحداث تغيير إيجابي في مجتمعنا، حيث شهد المنتدى تمثيل حكومي من الوزارات المختلفة والمجتمع المدني والإعلاميين والشباب والقيادات الدينية والقطاع الخاص والخبراء والأحزاب ومرشحات البرلمان والأكاديميين يعملون جنبا إلى جنب من أجل هدف واحد، ووجود جميع تلك الجهات أمر لا بد منه من أجل العمل على تطبيق وتنفيذ خطة العمل والإستراتيجية المقترحة. جدير بالذكر أن جلسات المنتدى بدأت يوم الخميس الموافق 14 مايو، وافتتح المنتدى كل من الدكتورة عزة الخولي؛ رئيس القطاع الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية، والسفيرة مرفت تلاوي؛ رئيسة المجلس القومي للمرأة، والمهندس هاني المسيري؛ محافظ الإسكندرية، والأستاذة روث جابي فيرموت؛ رئيسة مؤسسة نساء من أجل السلام عبر العالم، والأستاذة تانيا ميرابيل؛ مدير المشروعات بمؤسسة نساء من أجل السلام عبر العالم، والأستاذ محمد ناصري؛ القائم بأعمال المدير الإقليمي لهيئة الأممالمتحدة للمرأة. وجاءت الجلسة الأولى للمنتدى بعنوان "التوصيات المقترحة والوضع الراهن: العمل على سد الفجوة بين سياسات تمكين المرأة وتطبيقها"، تحدث فيها كل من الدكتورة مها معاذ؛ مديرة مركز دراسات الديمقراطية والسلام الاجتماعي بمكتبة الإسكندرية، توليسيل نمخوسي مادونسيلا؛ المدافع العام بجنوب أفريقيا. وعرضت الدكتورة مها معاذ ملخص لمشروع تمكين المرأة الذي بدأ في عام 2012 وأهم النتائج التي توصل إليها. ولفتت إلى أن المشروع تم على مرحلتين؛ الأولى هي مرحلة عقد منتديات حوار محلية. وقالت إن منتديات الحوار المحلية أقيمت في أربعة محافظات؛ هي: الإسكندرية وطنطا والأقصر ومرسي مطروح. وتناولت معاذ التوصيات التي خرجت بها المنتديات؛ ومنها: إعادة ترتيب الأولويات في الإنفاق وإعادة تصميم البرامج والخطط التنموية وتوجيهها للوصول للمساواة، والتواصل والاجتماع بصورة دورية مع الكيانات الحكومية، وتعيين المرأة في المناصب القيادية وعدم تحجيمها في الأنماط العادية، وتقديم إحصاءات دورية رسمية عن وضع المرأة، ووضع سياسة إعلامية تساعد على تغيير النظرة المجتمعية للمرأة. نادت المنتديات أيضًا بضرورة إتاحة مساحة أكبر للمرأة للمشاركة في سن القوانين، وتكثيف الخطاب الديني المؤيد لدور المرأة في المجتمع، وتجريم العنف ضد المرأة بكل أشكاله، وإنشاء كيان مستقل للتنسيق بين مشروعات المجتمع المدني المتعلقة بتمكين المرأة وحقوقها، وتفعيل مشاريع واتفاقيات محو الأمية. وأضافت معاذ أن المنتديات شددت أيضًا على أهمية تقديم نماذج إيجابية عن المرأة المصرية ومساهماتها على مدى التاريخ، وتطبيق الاتفاقيات الدولية وضمها إلى القوانين بما يتفق مع السياسات العامة. كما لفتت إلى أن تمكين المرأة يجب أن يتم بالتعاون بين كل الوزارات من أجل العمل على تطبيق الإستراتيجيات التي سيتم وضعها.