في الوقت الذي يعاني فيه فريق الأهلي نادي القرن من انكسارات وهزائم متتالية داخليا وخارجيا وأداء لا ترضي عنه الجماهير، وتغيير لجهاز الفني تمت المطالبة بتغييره عدة مرات قبل ذلك. يفاجئ الجمهور بخبر التحفظ على أموال نجمه معشوق الجماهير المعتزل أبو تريكة، وأنه أسس شركة سياحية لاستخدامها كواجهة لنشاطات إخوانية تسمى "أصحاب تورز للسياحة"، وذلك في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي في 27 ديسمبر 2012. الخبر كان من الممكن أن يمر سريعا لو أن المتحفظ عليه كان لاعب آخر غير أبو تريكة فالخبر أشعل مواقع التواصل الاجتماعي وهاشتاج للتعاطف مع أبو تريكة على "تويتر"، وانتشر بقوة وبدأ النشطاء في مهاجمة الحكومة وصب جم غضبهم عليه في المقابل انتشر هاشتاج "مصر فوق الجميع" وبدأ الكثير يقولون إن القانون يجب أن يطبق على الجميع وإن كانت هناك أدلة مؤكدة ضد أبو تريكة يجب أن يحاكم وأن هذا ما يجب أن يحدث في دولة قوية تحترم القانون ولا مجاملة لأحد مهما كان. لن أتكلم وأحلل شخصية أبو تريكة، دائما ما يختلط الأمر على الكثير من المعجبين للفنانين والمشاهير؟ هل أنت بالفعل معجب بشخصية الفنان أم معجب بأعماله فقط؟ وهل لو عرفت الفنان عن قرب وقابلته سوف يستمر هذا الحب والإعجاب؟ وهل هناك شرط أن تكون شخصية الفنان في قوة وحجم موهبته؟ وهل يجتمع جمال الشخصية مع جمال الموهبة وقوة الإبداع؟ أسئلة كثيرة سوف استخدمها كمحاور في طرح التحليل النفسي للمبدع أبو تريكة. أبو تريكة يملك الكارزيما وحقق نجاحات مدوية كلاعب في المنتخب وناديه بقي في مصر ولم يحترف جعلت منه أسطورة ومعشوق الجماهير بجانب الكلام عن تدينه ودماثة أخلاقه ومساهمته في أعمال الخير. كل هذا الأشياء من عناصر الجذب والانتباه والحب يوجد مواطنون كما تقول كتب علم النفس الاجتماعي تعشق الناجح والمشهور والبشوش والموهوب والمبدع والقرب فابو تريكة لم يترك بلده وناديه برغم كل عروض الاحتراف التي عرضت عليه وفي مصر تنتشر مقولة احنا شعب متدين بطبعه فوجد علامة الصلاة في وجه أبو تريكة ووجده يسجد بعد كل هدف،فقلده زملائه فلقب المنتخب في اغلب الصحف والمواقع الرياضية ب"منتخب الساجدين". كل هذه المقومات جعلت أبو تريكة النموذج والقدوة الذي يحلم به كل طفل يلعب كرة القدم، وأصبح قميص أبو تريكة الأكثر مبيعا، أثناء كل هذا لم يلتفت أي أحد إلى الانتماء السياسي لأبوتريكة، فقبل ثورة 25 يناير كانت الكرة هي المسيطرة والمحور الأساسي لاهتمام الشعب المصري. لكن بعد 25 يناير تغير الحال فحلت السياسية مكان كرة القدم، وبدأت بعض أغلب البرامج الرياضية تناقش مواضيع سياسية، وبدا لاعبو الكرة يعلنون عن انتمائهم السياسي وأول من أعلن ذلك أبو تريكة لأنه ذكي اجتماعي ويعرف مقومات الشهرة وكيف أن تزيد من شعبيتك وفي أول تعليق له على أحداث 25 يناير، أعرب محمد أبو تريكة عن سعادته بثورة 25 يناير واصفا إياها بأنها كانت خير تعبير عن طموحات وأحلام شباب مصر. وأن الرأي العام السائد في هذا التوقيت كان مؤيد لثورة 25 يناير فزاد تعلق الناس بابو تريكة أكثر ووجدنا أبو تريكة يساند أهالي شهداء مذبحة بورسعيد وأعلن أنه اتخذ قرار بالاعتزال النهائي. وقبل انتخابات الرئاسة أعلن أبو تريكة دعمه لمرسي كما ذكر حزب الحرية العدالة حزب الإخوان المنحل، ووجدنا صور أبو تريكة في أكثر من لقاء مع مرسي لم يكن أبو تريكة وحيدا من بين لاعبي كرة القدم الذي أكدت الصفحة دعمه لرئيس حزب الحرية والعدالة حيث كان معه، ربيع ياسين وجمال عبدالحميد وهادي خشبة ومحمد رمضان ومحمد حمص وغيرهم. ولكن لأن أبو تريكة هو المعشوق والقديس كما لقبه الجماهير اتجه قطاع كبير من جماهير النادي الأهلي لانتخاب مرسي. وهذا أيضا كما تقول مراجع علم النفس الاجتماعي والتسويق السياسي له تأثير نفسي في اقناع الناس فالجمهور يقتنع بالمشاهير وراينا كيف يستخدم الحزب الجمهوري والحزب الدمقراطي في الانتخابات الأمريكية الرياضين في الترويج لهم. رغم كره نسبة كبيرة من جماهير الأهلي لفترة حكم الجماعة ومرسي إلا إنهم لم يستطيعوا كره أبو تريكة وكانوا يعاتبونه فقط ولكنه في فلبهم وو منزلته عندهم نفس المنزلة. ثم جاءت ثورة 30 يونيو وكان رد فعل أبو تريكة معارض لها ورفض استلام ميدالية التكريم في نهائي افريقي من طاهر أبو زيد وزير الرياضة بعد ثوة 30 يونيو، وظل أبو تريكة أبرز وأهم معارض رياضي من حيث تأثيره الجماهيري والتأثير لنظام. ولكن أبو تريكة خانه الذكاء الاجتماعي هذه المرة لأنه اختار أن يعارض وينافس من هو أكثر من شعبية وشجاعة ونجاح كاريزما وقوة وهو الرئيس السيسي قائد ثورة 30 يونيو وصاحب الفضل الأكبر في نجاحها. لذلك بدات الجماهير لا تعطي أبو تريكة نفس الاهتمام لأن أًصبح عندهم لأول مرة السياسي النجم الذي طغت نجوميته وأعماله على أي نجم آخر. فقبل ثورة 25 يناير و30 يونيو كان نجوم الكرة أِشهر وأكثر شعبية من نجوم السياسة ولكن السيسي غير هذه النظرية.و خاصة بعد هزائم المنتخب الثقيلة واخفاقه في الصعود لكأس العالم وكأس الامم الأفريقية. جعل أبو تريكة يفقد بعض الشعبية وشجع هذا الكثير من الإعلاميين مهاجمة أبوتريكة في برامج التوك الشو والتحريض عليه، قلت شعبيته قليلا ولكنه لا يزال بطلا في أعين ملايين من الناس. سؤال أطرحه لماذا تم اختيار هذا التوقيت لإعلان التحفظ؟ وهل تدرك وتعي الحكومة رد فعل عشاقه؟ وهل تدرك الحكومة أن الرياضي النجم المعارض ممكن أن يكون قويا في مواجهة الدولة وأن هذه المواجهة ممكن أن تخلق منه بطلا أكثر ويحقق شعبية أكثر لأنه سوف يتحدى وطبيعته كلاعب محترف سوف تجعله لا يرفض التحدي. وكان أول تعليق على حسابه الرسمي في فيس بوك قال "تريكة" في تغريدة على حسابه الرسمي عبر موقع "فيس بوك": "نحن من نأتي بالأموال لتبقى في أيدينا، وليست في قلوبنا تتحفظ على الأموال أو تتحفظ على من تتحفظ عليه لن أترك البلد وسأعمل فيها وعلي رقيها". و هنا نذكر موقف لمعارض رياضي كمحمد على كلاي وفى عام 1967، وفى قمة انتصاراته في عالم الملاكمة كانت الولاياتالمتحدة متورطة حتى أذنيها في حرب فيتنام، فتمَّ سحب اللقب منه بسبب رفضه الالتحاق بالخدمة العسكرية في جيش الولاياتالمتحدة، اعتراضًا منه على الحرب بشكل عام. وأحيل محمد على كلاى إلى السجن وتمَّ إلغاء رخصة الملاكمة، وتمَّ تجريده من بطولة العالم في الملاكمة، ولكن بعد أربع سنوات ألغت المحكمة العليا قرار إدانته، وقالت في حكم جديد:"إن رفضه لأداء الخدمة العسكرية لم يكن بدافع جُرمى، وإنما يتماشى مع تعارض الحرب ومع قناعة ضميره كونه يدين بالإسلام. كلاي كان شعبيته جارفة وتفوق ابوتريكة بمراحل فكلاي عالمي وأبو تريكة محلي أو اقليمي وكلاي كان مستمر في اللعب ولكن أبو تريكة اعتزل والجماهير كما قلت تعشق القريب منها وليس البعيد. الخلاصة توقيت إعلان التحفظ غير مدروس.و سوف يسبب أزمة وحالة الاحتقان خاصة الأولتراس الشباب المندفع والمتحمس دائما وفي حالة صراع مع السلطة. فنتوقع أن نري تظاهرات به عنف في الايام القادمة وتحطيم لبعض االمنشات الرياضية ولكن سوف تمر الزمة سريعا لاني كما قلت لكم أبو تريكة معتزل.