سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شهادة الأيزو "سبوبة" كشفها حصول "التربية والتعليم" عليها.. منحها لا يعني أن المنتج أو الخدمة ذات مواصفات عالية.. تستفيد منها الشركات والجهات الحكومية لتنظيف سمعتها وكسب المناقصات الحكومية ليس إلا
شهادة الأيزو "سبوبة" كشفها حصول "التربية والتعليم" عليها.. منحها لا يعني أن المنتج أو الخدمة ذو مواصفات عالية أو مضمون.. وتسفيد منها الشركات والجهات الحكومية لتنظيف سمعتها، وكسب المناقصات الحكومية ودخول الأسواق العالمية "حاصلة على شهادة الأيزو – 9001" عبارة تتردد في إعلانات الشركات ومنتجاتها، كدليل على أنها مضمونة وذات جودة عالية بشهادة الجهات الدولية، فتكتسب ثقة لدى الجمهور وتزيد من سمعتها، ولفت انتباهنا مؤخرا الإعلان عن منح جهات حكومية شهادة "الأيزو" مثل وزارة التربية والتعليم وكذلك جامعة القاهرة، وهو ما أثار دهشتنا لأن حال التعليم في مصر لا يجهله القاصي والداني، وباعتراف الوزير نفسه فإن نسبة كبيرة من تلاميذ الابتدائي لا يجيدون القراءة والكتابة ويلزمهم خلال فصل الصيف حضور فصول تقوية إجباريا، وكذلك حال خريجي جامعة القاهرة الذين يلتحقون بصفوف العاطلين لتخلف التعليم عن سوق العمل، ما يجعلنا نستقصي حقيقة شهادات "الأيزو" وكشف نظام الحصول عليها والذي هو في النهاية ليس إلا مجرد "سبوبة" تمنح لبعض الشركات بمقابل مادي من بعض الجهات والتي غالبا ما تكون شركات أجنبية. خلال بحثنا وجدنا أن شهادات الايزو 9000 ISO هي عائلة معايير أساسية عالمية، تتضمن مجموعة من المعايير ضمن نظام إدارة الجودة وتصدرها وتحتفظ بها "المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس " International Organization for Standardization، وتنوب عنها في إدارتها "مصلحة الاعتماد والتصديق" المختصة في البلاد المختلفة والتي يقابلها عندنا في مصر "الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة" والتي أنشئت بالقرار الجمهورى رقم 29 لسنة 1957 تحت اسم "الهيئة المصرية العامة للتوحيد القياسى"، وفى نفس العام انضمت لعضوية منظمة الأيزو العالمية "ISO". ثم تم تعديل اسمها إلى "الهيئة المصرية العامة للتوحيد القياسى وجودة الإنتاج" بالقرار الجمهورى رقم 392 لسنة 1979 والذي تم تعديله إلى "الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة" بالقرار الجمهورى رقم 83 لسنة 2005، وتتبع وزارة الصناعة والتجارة. والغريب في قصة منح شهادات الأيزو، أن الجهة الحكومية ليست من يمنحها ولكنها مجرد مشرف أو ربما مرجع، لكن هناك شركات خاصة تمنحها، مثلما حدث في حالة جامعة القاهرة وقد حصلت على شهادة الأيزو الدولية 9001-2008 ISO، من شركة (TUV) الألمانية. وجامعة القاهرة ليست الحالة الأولى ففي 2010 كان تجديد شهادة الايزو 9001 الخاصة بنظام إدارة الجودة من نصيب "مركز تدريب مصر للطيران"، وفي 2013 حصلت شركة "اتصالات مصر" على شهادة الأيزو 20000 لاعتمادها على أحدث أنظمة التشغيل والإدارة، وحصلت الجمعية المصرية لبيوت الشباب، وفي 2014 على شهادة "الأيزو 9001"، ما يفيدها للوصول إلى المستوى الدولي، كما حصلت شركة "سيدي كرير" للبتروكيماويات "سيدبك"، على شهادة "الأيزو 50001" والخاصة بتطبيق نظام إدارة الطاقة، والهادف لتحسين كفاءة الطاقة المستهلكة للعمليات الصناعية بالشركة، وفي مارس 2015 أوصت لجنة المراجعة الدولية للجودة، بمنح المكتبة المركزية الجديدة لجامعة القاهرة شهادة الأيزوISO9001/2008، كما حصلت شركة أكسيد لخدمات التعهد على شهادة الأيزو (ISO 22301) لاستمرارية الأعمال. ويفجر د. يوسف عبد المعطي" الخبير الاقتصادي بمركز البحوث والدراسات الاقتصادية مفاجأة بقوله أن الحصول على شهادة الأيزو ليس معناه أن المنتج مضمون أو جودته عالية أو أنك تشتريه أو تتعامل معه "وأنت عينك مغمضة"، وهو ما يحدث بكل أسف وتستغله بعض الشركات بشكل أشبه بعمليات "النصب"، فالشهادة ليست إلا توثيق بأن الإدارة تراعي خطوات إدارة الجودة وهي في مجملها خطوات شكلية ظاهرية، لكن قد تكون بعيدة كل البعد عن الالتزام بتقديم جودة عالية أو منتج ذو مواصفات قياسية، وتكون لتلميع وتنظيف اسم أو سمعة الشركة أو الجهة التي تحصل عليها. أوضح "عبد المعطي"، أنه في الفترة الأخيرة تحدث عملية تنافس من قبل الشركات والمصانع في الحصول على شهادات الأيزو ظنا منهم أن الحصول عليها كفيل بزيادة إقبال المستهلك على بضائعهم دون العمل على الارتقاء بمواصفات المنتج، فما أكثر من الشركات التي تعلن عن نفسها بأنها حاصلة على الأيزو لكن منتجها له أكثر من منافس، وهو ما يأتي بنتائج عكسية بعد فترة عندما يكتشف العميل أو المستهلك أنه لا علاقة بين "الأيزو" وجودة المنتج. ونوه الخبير الاقتصادي، إلى أن هذا التسابق للحصول على الأيزو يفقدها أهميتها ويقلل الجودة وتصبح مسألة عادية يطغى عليها التقليد وتتحول إلى أداة من أدوات الدعاية، مشيرا إلى أنه يجب التفريق بين الحصول على شهادة الجودة "الأيزو" وبين الانتماء إلى عالم الجودة، فالانتماء إلى عالم الجودة معناه أنك تراعي أو تحاول الوصول إلى المثالية في كل شيئ في عملية الإنتاج، وما يتطلبه ذلك من التوظيف الأمثل للأصول والأموال، وكذلك الاستفادة من المهارات والسلوكيات البشرية، وتطبيق أفضل اساليب الإنتاج وأحدث المعدات، وتطبيق أعلى مواصفات للمنتج وهذا هو الأهم، كما أن الانتماء إلى عالم الجودة يفرض تغييرات تصل إلى شخصية المدير واهتماماته. ومن جانبه أكد الباحث الاقتصادي مروان لطفي أن قصة الأيزو يمكن اختصارها في كلمتين هما "ادفع تجد" فهناك من الشركات والهيئات والمصالح الحكومية من يسعى للحصول عليها للسمعة فقط ويتباهي بها دون النظر إلى جدواها ومردودها الاقتصادي أو الالتزام الدائم بمعايير الجودة ويكفيه أن يحصل عليها مرة واحدة في تاريخه ويقوم بوضع ملصق الحصول عليها على المنتج رغم أنه يجب تجديدها باستمرار، وهناك من لا يهتم بالحصول عليها من الأساس ويسعى للوصول بمنتجه إلى أعلى مواصفات يكسب بها ثقة العميل أو الجمهور وغالبا ما يفضل هذا الاتجاه الشركات الصغيرة أو المحلية والتي لا تسعى للعالمية. وكشف "لطفي" عن أن من يجتهد للحصول على هذا النوع من الشهادات، يستفيد منها محليا ودوليا، فقد يكون هدفه زيادة مبيعاته والترويج لمنتجه، وقد يكون هدفه دخول أسواق عالمية ودولية وهو شرط أساسي لبعض الأسواق العالمية، أو المساعدة في كسب العطاءات والمناقصات الحكومية. وبين د. "عادل عبد الفتاح" خبير إدارة المشروعات أن الجودة لسيت شهادة فقط بل إنها سلوك وثقافة على مستوى الإدارة والعمال، وهناك مميزات إضافية يجب العمل على حسن استغلالها في إدارة الشركات عند الحصول على "الأيزو"، منها تحسين التسويق وتقليل التكلفة، وتوفير الوقت واستهلاك الطاقة، رفع الروح المعنوية للموظفين والعمال داخل الشركة أو المصنع، توفير الجهد من خلال تحديد المسئوليات والأدوار، إضافة إلى تقليل المنتجات المرتجعة والخسائر، والعمل على تحسين مواصفات المنتج بما يقضي على شكاوى المستهلك. وكشف "خبير الإدارة أن شهادات الأيزو يمكن وصفها ب"السبوبة" لأن من يمنحها شركات أو جهات مقابل رسوم، ولا يعني الجهة المانحة مراقبة جودة المنتج النهائي الذي يصل إلى المستهلك بقدر ما يشغلها متابعة جوانب إدارية هي اشبة بالإجراءات الروتينية مثل تسجيل مراحل المنتج في كشوف والانضباط في الحضور والانصراف وتوفير عاوامل الأمان في الشركة ومراعاة التخصص الوظيفي، والأهم من ذلك كله أن يكون هناك إدارة خاصة بإدارة الجودة ومسئول عنها يتابع مع الجهة المانحة ويمدها بالأوراق اللازمة، باختصار الموضوع كله شكلي بعيد عن مراقبة جودة المنتج ومواصفاته. وأوضح "عبد الفتاح" أن من يحصل على شهادة الأيزو يجب أن يهتم بالبحوث العلمية ويعمل على تطوير منتجه أو الخدمة التي يقدمها، وينظم دورات تدريبية وكورسات تنمية بشرية لموظفيه لإخراج أقصى طاقاتهم والاستفادة بها، وتطبيق أحدث التقنيات والأساليب، وكذلك تطبيق طرق الإدارة الحديثة التي لا يسمح فيها باستبداد المدير وتنصيب القيادة الشابة ذات المواهب القيادية والقدرة على العطاء، والأهم والأخطر هو أن تجعل المستهلك رقم واحد وإرضائه في قمة الأولويات.