أكد مايكل مولر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، والمدير العام لمكتب الأممالمتحدة في جنيف، أن منظمة الأممالمتحدة لا تزال صالحة للعمل ولخدمة المجتمع الدولي والدول الأعضاء في عالم اليوم، مشيرا إلى أنه لا يمكنه تصور عالم لا يحتاج إلى طاولة موحدة. وقال مولر، في المحاضرة التذكارية التي نظمتها الجامعة الأمريكية بالقاهرة، اليوم الثلاثاء، في إحياءً الذكرى العاشرة لمقتل الدبلوماسية المصرية نادية يونس، والتي لقيت حتفها ضمن عدد من العاملين في مكتب الأممالمتحدة في بغداد: إن نادية كانت تشارك في محاولة لتغيير العالم إلى الأفضل، مدفوعة بشغف لمستقبل أفضل، مشيرًا إلى أن الرغبة في مساعدة أولئك المحتاجين وأيضا بسخط شديد لكل ما هو ظالم. وأضاف المسئول الدولي: أنه في عالم متزايد التعقيد والتشابك، فإن الأممالمتحدة ستصبح أكثر أهمية في المستقبل، فقط في حال منحها الدعم الصحيح، متابعًا: وإذا سُمح لها بالإصلاح وإعادة الهيكلة بحيث يمكن أن تصبح أفضل في معالجة التحديات التي تهمنا جميعا. وقال مولر إن عمل الأممالمتحدة يمس كل شخص على هذا الكوكب – بشكل يومي. وهذا العمل يبدأ من علامات الطريق ويمتد إلى الفحوص الطبية التي تجرى قبل أي عملية جراحية، وإلى أكواد الاتصال الدولي التليفونية التي نستخدمها، وإلى معايير الغذاء الذي نأكله، وإلى بناء القدرات في البلدان النامية على التجارة على نحو أكثر فعالية، وإلى إزالة ملايين الألغام الأرضية من أجل مساعدة المجتمعات المحلية على النمو، وإلى إطعام ملايين الأطفال عبر العالم. وأوضح أن منظومة الأممالمتحدة تقوم بتحديد المعايير والسياسات، فتقوم بتوفير المساعدات التقنية، وتعالج حالات الطوارئ الإنسانية، وتعزز حقوق الإنسان للجميع. وبتضافرها تشكل هذه الجهود كل حياتنا- في البلدان المتطورة والنامية، وفي المناطق التي تنعم بالسلام، أو في مناطق الصراع. وضرب مولر مثالا بسوريا التي تعيش كارثة إنسانية ذات أبعاد مأساوية، والشعب السوري قد تعرض للخذلان بسبب عدم قدرة المجتمع الدولي على اتخاذ إجراء، فيما يعد فشلا، ولكن في الوقت نفسه، ورغم المخاطر الكبيرة. ولفت إلى أن الأممالمتحدة قدمت الطعام إلى أكثر من خمسة ملايين شخص شهريا، ومكنت الملايين من الحصول على المياه النقية، وقدمت أكثر من 16.5 مليون دولار للعلاج الطبي، وساعدت في 2014 أكثر من مليوني طفل يذهبون إلى المدارس، مضيفًا وحصنت عددا من الأطفال ضد شلل الأطفال، ولا تزال تساعد الآن نحو أربعة ملايين لاجئ نتجوا عن الأزمة، كما قادت الأممالمتحدة جهود القضاء على برنامج الأسلحة الكيماوية المعلن من سوريا. وتابع: أن الأممالمتحدة توفر طاولة حيث يستطيع الجميع الجلوس ومناقشة التحديات - حيث تلتقي جميع البلدان، بغض النظر عن الحجم الجغرافي وعدد السكان، وبغض النظر عن قوتها الاقتصادية ومكانتها السياسية، وسواء كانت كبيرة أم صغيرة، متقدمة أم نامية، فهم يأتون معًا للاستماع إلى وجهة نظر الطرف الآخر وإيجاد حلول مشتركة لا تقتصر على تلبية حاجات إحدى المجموعات دون الباقين. وحذر مولر من أنه إذا ما جرى تفكيك هذه الطاولة أو جرت تجزئتها، بحيث لا يجتمع الكل حولها، فسيكون لدينا حلول تعكس هموم البعض دون الباقين. وربما هموم الدول القوية، أو الغنية، وحدها. لأنه لن تكون هناك آلية تجمعهم في حوار حيث يحتاجون إلى النظر في آراء وأولويات أخرى. وقال إن أكثر من نصفنا يعيشون الآن في المناطق الحضرية، وبحلول عام 2050 سيكون هناك ما يتراوح بين 70-75 بالمائة من سكان العالم يعيشون في المدن. وعلى نحو متزايد، سيجرى اتخاذ القرارات الرئيسية التي تؤثر على المواطنين على مستوى المدينة. وسيجري تعديل وظائف الدولة والمتوقع منها كما عرفناها في الحقب السابقة، ولن يحدث هذا فجأة، بل إنها عملية جارية فعلا. ونوه أيضا إلى أن العدد الإجمالي للمهاجرين الدوليين زاد على مدى السنوات العشر الماضية، من ما يقدر بنحو 150 مليون مهاجر في عام 2000 إلى 214 مليون شخص اليوم. ويؤدي هذا إلى تغيير الهويات والتحالفات والولاءات – وإلى تغيير في أولوياتنا نتيجة لذلك. وعلى الصعيد العالمي يجري إعادة التوازن بين 'الشمال' و'الجنوب' وبين 'الشرق' و'الغرب'. وفي نفس الوقت، لا يمكن تقسيم التحديات التي نواجهها أو تصنيفها تحت مسميات منفصلة مثل "تحديات أمنية" أو "اقتصادية". فهي مترابطة للغاية بحيث لا يمكن لصنع القرار على الصعيد الوطني أن ينتهج سياسات فردية من أجل رفاه المواطنين في دولة واحدة. وأضاف إن اقتصادنا العالمي يتكامل بشكل عميق من خلال التجارة والسلاسل العالمية لقيم الإنتاج المضافة. وثمة تهديدات أمنية عبر الحدود، تأخذ شكل الإرهاب، والشبكات الإجرامية أو تدفق الأسلحة. كما تخلق حالات الطوارئ الإنسانية موجات من اللاجئين أو تدفقات من الهجرة المختلطة التي تؤثر على الدول وعلى البلدان المجاورة تأثيرا أبعد في مداه. كما أن تغير مناخ كوكبنا، واستنفاد الموارد الطبيعية، كلاهما يخلق المخاطر الاقتصادية والأمنية التي تواجهنا جميعا. وأشار مولر إلى أن المنظمة في شكلها الحالي، ومع طريقتها الحالية في القيام بأعمالها، ليست مهيأة لتقوم بدورها كاملا وفعالا في المستقبل، لافتا إلى الحاجة إلى العمل بشكل وثيق مع المجتمع المدني على إدماج وجهات نظر الشعوب، والحاجة إلى التصدي للتحديات بطريقة أكثر شمولية، حيث يمكن الجمع بين القضايا الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وواصل: أن جدول أعمال التنمية لما بعد عام 2015 وأهداف التنمية المستدامة" الذي سيُعتمد في سبتمبر، يوفر أرضية جديدة في محاولة القيام بذلك. والأهم من ذلك، الحاجة إلى إصلاح المؤسسي أو إعادة هيكلة -لمجلس الأمن والمنظمة ككل لجعل صنع القرار أكثر تمثيلًا وأكثر شرعية وأكثر مصداقية.