المكملات الغذائية.. سموم كيماوية تصيب ب"العقم" وأمراض الكبد والكلى والجهاز العصبي مجهولة المصدر وتتحايل بترخيص «معهد التغذية».. و«الصحة» تتبرأ «شركة غامضة» تدير «عملية التحايل» ب3 آلاف جنيه على المنتج.. ولاعبو «كمال الأجسام» أول الضحايا يبدو أن انعدام الرقابة على الأسواق لم يعد مقتصرًا على سلع بعينها، بل طال كل شىء، بدءًا من الأغذية، مرورًا بالملابس، وصولا إلى الأدوية، التي أصبحت تشكل خطرًا داهمًا على صحة الإنسان، وتتسبب في إصابته بأمراض خطيرة وقاتلة، بالتوازى مع توفر بيئة خصبة ل«بائعى الوهم»، المتاجرين بحياة الناس وصحتهم ل«جنى الملايين»، بالترويج لمستحضرات طبية، ومكملات غذائية مجهولة المصدر. «البوابة» اخترقت «مافيا تجارة المكملات الغذائية»، وكان الخيط الذي قادنا إلى «العالم الغامض» في هذا «البيزنس الحرام»، هو انتشار بعض أنواع الحلوى في الصيدليات وبيعها على أنها «مكمل غذائي»، و«منشط فعال» لعلاج «الاضطرابات الجنسية»، مع أنواع أخرى لعلاج مشكلات «السمنة» و«النحافة». بسؤال عدد من أصحاب الصيدليات في مناطق السيدة زينب، ووسط القاهرة، والدقي، تبين أن «هذه المستحضرات غير حاصلة على ترخيص تداول من وزارة الصحة»، لأنها غير مطابقة للمواصفات الطبية، بل كانت المفاجأة في أن التصريح ببيعها صادر من المعهد القومى للتغذية، رغم أنه جهة غير معنية بمنح «التراخيص الدوائية». بدأنا تعقب الأمر، حيث كشفت مصادر تسويقية في عدد من شركات توزيع هذه المستحضرات، أن إدارة الشركات تتحايل على القانون، من خلال الحصول على تصريح من «معهد التغذية»، تحت اسم «تصريح مكملات غذائية»، وهو المسمى الذي تندرج تحته كل الأدوية التي تم رصدها، فيما قالت مصادر مسئولة في إدارة التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة، إنها منعت تداول بعض المنتجات المخالفة، إلا أن الشركات تعاود طرح المنتج مرة أخرى باسم مختلف بعد أن يحصلوا مرة أخرى على تصريح من «معهد التغذية». تواصلنا مع مصادر داخل المعهد، فأفادت أن أرقام التسجيل المدونة على العبوات «غير صحيحة وتخص مستحضرات أخرى». وتوصلت «البوابة» إلى وجود شركة تعمل «كوسيط» بين صاحب تركيبة المكمل الغذائى أو مستحضر التجميل وبين معهد التغذية وإدارة الصيادلة - نحتفظ بكافة بياناتها، حيث قمنا بإجراء اتصال هاتفى بمدير المبيعات بها، فقال إنها تقدم خدمة التسجيل ومتابعة المنتج، واستخراج الموافقة أو الترخيص من الوزارة، وتوفر التعامل مع الهيئات الحكومية المنبثقة منها، مثل الإدارة المركزية لشئون الصيدلة، والمعهد القومى للتغذية، والمعامل المركزية، وتقوم أيضًا بتوفير عروض المصانع والتعبئة وعقود التصنيع، وتجهيز الملفات بالكامل وتقديمها ومتابعتها حتى استلام الإخطار أو التصريح وطرح المنتج للسوق، مقابل 3 آلاف جنيه بخلاف المصاريف الإدارية والرسوم. وتحدث المسئول عن وجود «أعشاب تخسيس» غير مسجلة بالوزارة ولا بمعهد التغذية أو إدارة شئون الصيادلة تباع بسعر زهيد هو 100 جنيه للعبوة، لكنها فعالة بنسبة 100٪، على حد قوله، وتجعل وزن الأنثى ينخفض 10 كيلوجرامات في شهر واحد فقط، مشيرًا إلى وجود تركيبات لأعشاب تخسيس أخرى، وعلاج فعال لمشكلات الرضاعة، والجهاز الهضمي، والجهاز البولى. مكاتب السمسرة ليست الوحيدة التي تروج لتلك المنتجات، إنما امتدت إلى «مواقع التسوق الإلكتروني»، التي تروج للمكملات الغذائية والمنشطات الجنسية وأدوية التخسيس المهربة، دون رقيب، وتصل حتى باب منزلك، مثل: «كرياتين برفكت»، و«فيتا ستاك»، و«أنيمال فلكس»، و«أوميجا 4/6/9»، و«تربلس»، وجميعها مكملات غذائية ومنشطات يستخدمها لاعبو رفع الأثقال وكمال الأجسام. ويقول حسام عبدالغفار، المتحدث الإعلامي بوزارة الصحة، إن الوزارة لا تعلم شيئًا عن «الشركات الوسيطة» التي تستخرج تلك التصاريح، مشيرًا إلى أن معهد التغذية هو المسئول الوحيد عن تصاريح المكملات الغذائية، وأن إدارة التفتيش الصيدلى ليس لها علاقة بأى شيء غير الأدوية فقط. ويؤكد الدكتور أيمن بدراوى، خبير علاج السمنة أستاذ الطب بجامعة القاهرة، أن المكملات غذائية «وسيلة للتحايل والنصب على المواطنين»، موضحًا أن «تجار تلك المنتجات يحاولون الربح على حساب صحة الإنسان». ويرى أن «البلد أمام مهزلة حقيقية لأن الصيدلى يصف أعشابًا وأدوية للتخسيس رغم أنه غير مصرح له بذلك، وهو ليس على وعى كاف مثل الطبيب المتخصص»، متهمًا وزارة الصحة ب«التقصير» تجاه الأمر. ويكشف أن أغلب أقراص تخفيض الوزن المتداولة بالأسواق «عبارة عن كبسولات بها ماء أو سكر، وأحيانًا تحتوى على مواد كيماوية تؤدى إلى الموت»، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراء رادع تجاه «تجار المكملات الغذائية»، بحيث لا تقتصر على منع تداول هذه المنتجات، بل اتخاذ إجراءات قانونية ضد مروجيها ومستورديها. من جانبه، يقول الدكتور سعيد عبدالعظيم، أستاذ الطب النفسي، إن ظاهرة المنشطات الجنسية والمكملات الغذائية «انتشرت بصورة استفزازية»، في حين أن هذه المنتجات «ليس لها أساس علمى، وتندرج تحت مسمى علاج الوهم»؛ لأنها أدوية غير حقيقية. ويلمح إلى أن بعض هذه المكملات «بها عناصر ضارة، ومن المفترض إجراء تجارب علمية قبل نزول المنتج للتداول، لأن بعض تركيبات المنشطات الجنسية تؤدى إلى أضرار كثيرة لاحتوائها على هرمونات تؤدى إلى أضرار للقلب، والجهاز العصبي». ويؤكد الدكتور أشرف عبدالعزيز، خبير التغذية، أن تناول المكمل الغذائى لتخفيض الوزن «أكذوبة انتشرت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة مع زيادة الإعلانات التليفزيونية»، مشيرًا إلى أن استخدام المكملات لإنقاص الوزن «ليس له أساس علمى ولا دور فعال في تحقيق الأمر». ويوضح أنه لإنقاص الوزن لا بد من اتباع «نمط التخسيس» عبر تقليل حجم الطاقة الذي يدخل جسم الإنسان مثل الكربوهيدرات والدهون والسكريات، بينما هذه الأدوية تحتوى على مواد كيماوية مضرة بالكبد، ومن الأفضل استخدام المواد الطبيعية. من جانبه، يروى كريم مصطفى، مدرب كمال أجسام، أن أصحاب «صالات الجيم» يشترون منشطات ومكملات غذائية ممنوع تناولها لمن هم أقل من 18 عامًا، وعلى الرغم من ذلك يتناولها من هم أقل من السن المحددة، مشيرًا إلى أن مصدر هذه المنتجات هي السوق السوداء. ويوضح أن هناك مندوبين يأتون إلى الصالات يوميًا، ويعرضون المنتجات على أصحابها على الرغم من علمهم أنها ضارة بالصحة، ولها مضاعفات جانبية سلبية، ويضيف: «لكن الشباب يتناولون الأقراص المنشطة ليصلوا إلى أكبر قدر من الكتلة العضلية في أقل وقت». ويواصل: «بالفعل يتم ذلك لأن هذه المكملات تحتوى على نسبة بروتينات وكربوهيدرات وفيتامينات عالية، لكنها في المقابل تؤثر على الكبد، والكلي، والجهاز العصبي، وتسبب العقم، حيث تحتوى على هرمونات بروتينية بشكل مبالغ فيه»، ومن أبرزها: «الديكا»، و«بلدنوم». وفى الجانب المقابل، يؤكد أحمد ودى، مدرب كمال أجسام، أهمية المكمل الغذائى لأى لاعب كمال أجسام، لأن عند وصوله «اللاعب» لمستوى معين يحتاج لمعدل كبير من الكربوهيدرات، والبروتينات، مشيرًا إلى أن «لاعبى كمال الأجسام يستخدمون المنشطات والهرمونات، لتكوين كتلة عضلية في فترة زمنية قصيرة، حيث تؤدى هذه الهرمونات مثل الديكا، والساستانون، والبريموستون، إلى تحقيق المطلوب». ويلفت إلى أن هذه المكملات لها أضرار جسيمة، حيث تصيب اللاعب ب«العقم»، وتجعله «شديد العصبية»، لأنها تعمل على بعض مراكز المخ، وتؤثر على الوجه بظهور «حب الشباب» بصورة كبيرة، بل تؤثر بشكل كبير على وظائف الكبد والكلى. من النسخة الورقية