حقول الألغام المنتشرة على طول الساحل الشمالي الغربي من صحراء مصر الغربية بمحافظة مطروح، تتسبب في إحداث كوارث إنسانية لأهالي المحافظة، إذا لم تقتل الضحية بسبب شدة الانفجار فهي تعيش مبتورة الأيدي أو الأرجل أو تفقد حاسة من الحواس، كما تتسبب في عرقلة التنمية والاستثمار في هذه المنطقة الغنية بالثروات الطبيعية. ويرجع انتشار حقول الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في الصحراء الغربية إلى الحرب العالمية الثانية التي دارت رحاها على أرض مصر بين دول المحور ودول الحلفاء، ولقد كانت تلك المنطقة مسرحا للعمليات العسكرية بحكم احتلال بريطانيا لمصر. فبعد معركة العلمين التي حدثت في أكتوبر 1942 بين إنجلترا من جانب وإيطاليا وألمانيا من جانب آخر جرت زراعة الألغام بكثافة عالية جدا للتعويض عن نقص الحواجز الطبيعية، فقام الألمان بتلغيم جميع المناطق التي انسحبوا منها، وبخاصة منطقة العلمين، وكانوا يزرعون الألغام على أعماق مختلفة بحيث لو رفع لغم انفجر الذي يليه؛ من أجل إعاقة القوات المعادية من التقدم واللحاق بها. بعد نهاية الحرب التي لم يكن لمصر فيها أي مصلحة قررت مصر مطالبة الدول الثلاث “,”بريطانيا وألمانيا وإيطاليا“,” الذين تسببوا في تلوث الساحل الشمالي الغربي بالمتفجرات بتحمل مسئولية مواجهة تلك المشكلة التي خلفت ورآها ملايين الأجسام القابلة للانفجار من مخلفات الحروب المدفونة في الأراضي المصرية. وقدرت مصادر مصرية وأمريكية هذه الألغام بما يقرب من 19,7 مليون لغما ودانة تشغل مساحة تبلغ حوالي 287000 هكتارا أي 683000 فدان تمتد من غرب الإسكندرية حتى الحدود مع ليبيا، وقد قام سلاح المهندسين العسكريين بالقوات المسلحة المصرية بتطهير مساحة تقدر ب 75 ألفًا و440 فدانًا أصبحت آمنة تمامًا. وتشير التقديرات إلى أن القوات الإيطالية والألمانية والبريطانية زرعت أكثر من 19 مليون لغم في الصحراء الغربية في منطقة العلمين؛ حيث تمتد حقول الألغام بها إلى حوالي 221 ألف فدان تقريبا، والتي تحوي أراضيها حوالي 9 ملايين لغم ودانة، وتتوزع النسبة الباقية على باقي مراكز المحافظة في منطقة رأس الحكمة بمركز مطروح، وبها حقول ألغام منتشرة في 19 ألف فدان ومنطقة سيدي براني والسلوم وبهما 239 ألف فدان من حقول الألغام، ومنطقة فوكه بمساحة 160 ألف فدان. والجدير بالذكر أن المناطق تحتوي على العديد من الثروات الطبيعية، والتي تحتاج إلى تنميتها وتعميرها بما ينعكس بشكل إيجابي على المؤشرات الكلية للاقتصاد القومي، ويسهم في تحسين العلاقة بين البشر والأرض في مصر عن طريق اجتذاب أعداد كبيرة من المواطنين من سكان المناطق المزدحمة في وادي النيل ودلتاه للإقامة في المنطقة والاستفادة بعائد التنمية المرتقبة فيها. وقد وصلت أعداد الناجين من حوادث الألغام حتى بداية عام 2013 إلى 755 حالة على مستوى مراكز محافظة مطروح، فضلا عن 50 شخصا لقوا مصرعهم جراء انفجار هذه الألغام، وغالبيتهم من المزارعين ورعاة الأغنام وعابري الحدود وهواة الصيد البري. وهناك كثير من الصعوبات التي تواجه إزالة الألغام مثل حركة الكثبان الرملية والرياح والسيول التي تؤدي إلى عدم استقرارها في باطن الأرض، وهذا يؤدي إلى التغير في عمق الألغام مع زيادة قابليتها للانفجار، وخاصة في ظل عدم وجود خرائط دقيقة لحقول الألغام، وأيضا عدم وجود أرقام دقيقة لعددها.