الوطنية للصحافة تعلن صرف مكافأة نهاية الخدمة للزملاء المحالين للمعاش غدًا    سعر الذهب مساء اليوم 14 مايو 2025.. عيار 21 وصل كام؟    حسام هيبة: الحكومة تعد استراتيجيات مستدامة للتكامل الاستثمارى والتجارى مع الدول الأفريقية    الحوثيون: استهدفنا مطار بن جوريون بصاروخ فرط صوتي    "إيزى جيت" البريطانية تؤجل استئناف رحلاتها إلى إسرائيل    كباكا: تعاهدنا على تخطي المغرب ولن نفرط في اللقب    نادر السيد: خطأ عواد أمام بيراميدز طبيعي ولم يتعمد التفويت    نادر السيد : تصريحات مسؤولي بيراميدز الإعلامية سبب فقدان الفريق لصدارة الدوري    لطلاب الصف الثالث الإعدادى.. إجابة نموذج امتحان الدراسات الاجتماعية.. بث مباشر    "الأطباء" ترفض قانون المسؤولية الطبية: ظاهره الرحمة وباطنه العذاب.. ويحتاج تعديلات جذرية    الحكم على قهوجى متهم بقتل شخص فى أوسيم 13 يوليو المقبل    مباحثات ثنائية بين أمير قطر والرئيس الأمريكى ترامب فى الدوحة    عدت على خير، بهاء الدين محمد يتصدر التريند بعد إجرائه عملية جراحية    فقدت توزانها.. سما إبراهيم تتعرض لوعكة صحية    الرئيس السيسى يوجه بدراسة إمكانية إدراج الذكاء الاصطناعى كمادة إلزامية.. فيديو    القصة الكاملة لحادث دهس الفنان نور النبوي موظفًا بالكهرباء    قرار قضائي جديد بشأن 64 متهما في قضية "خلية القاهرة الجديدة"    النيابة تستأنف التحقيق في انفجار خط غاز بطريق الواحات: 8 ضحايا واحتراق 13 سيارة    «زراعة النواب» توافق علي موازنة «الطب البيطرى» للعام المالي الجديد    أسامة نبيه: جاهزون لمنتخب المغرب.. والمباراة ديربي عربي أفريقي ونهائي مبكر للبطولة    مدرب المغرب: "نحترم مصر.. لكن نريد الذهاب إلى المونديال ونحن أبطال أفريقيا"    صالون ثقافي حول «معوقات العمل الأدبي» بثقافة العريش    «الشرق الأوسط كله سف عليا».. فتحي عبد الوهاب يكشف كواليس «السيلفي»    محمد أبو السعود رئيساً تنفيذياً للبنك الزراعي وسامي عبد الصادق نائبا    إزالة 15 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في حملات ب أسيوط (صور)    الخدمات البيطرية: 317 مليون جنيه لتفعيل قانون الحيوانات الخطرة والكلاب    جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي 2025 الترم الثاني محافظة شمال سيناء    لأصحاب برج السرطان.. اعرف حظك في النصف الثاني من مايو 2025    الليلة.. محمد بغدادي في ضيافة قصر الإبداع الفني ب6 أكتوبر    «أنا عندي نادي في رواندا».. شوبير يعلق على مشاركة المريخ السوداني في الدوري المصري    إعفاء وخصم وإحالة للتحقيق.. تفاصيل زيارة مفاجئة إلى مستشفى أبو حماد المركزي في الشرقية    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    رئيس جامعة المنوفية يلتقي المحافظ لبحث آفاق التعاون المشترك    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع مجموعة تنفيذ مقترحات زيادة فصول الحضانات    مسئول أمريكي سابق يصف الاتفاق مع الصين بالهش: مهدد بالانهيار في أي لحظة    بعد حل العمال الكردستاني.. أردوغان: تخلصنا من الإرهاب والعنف أصبح من الماضي    المجموعة الوزارية للتنمية البشرية تؤكد أهمية الاستثمار في الكوادر الوطنية    الليلة.. ميلان فى مهمة كسر عقدة كأس إيطاليا أمام بولونيا    استعدادًا لموسم الحج.. رفع كسوة الكعبة "صور"    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    بالصور- حريق في مصنع الهدرجة للزيوت والمنظفات بسوهاج    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الترم الثاني 2025 في محافظة البحر الأحمر    توقيع بروتوكول بين المجلس «الصحي المصري» و«أخلاقيات البحوث الإكلينيكية»    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    رئيس الوزراء: الاقتصاد العالمي يدخل حقبة جديدة لا تزال ملامحها غير واضحة حتى الآن    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    الري: تحقيق مفهوم "الترابط بين المياه والغذاء والطاقة والبيئة" أحد أبرز مستهدفات الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0    «الرعاية الصحية»: توقيع مذكرتي تفاهم مع جامعة الأقصر خطوة استراتيجية لإعداد كوادر طبية متميزة (تفاصيل)    هآرتس: إسرائيل ليست متأكدة حتى الآن من نجاح اغتيال محمد السنوار    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة استراتيجية في حادث تونس الإرهابي


مقدمة
لم يكن الاعتداء الارهابي على السياح في متحف باردو في تونس مؤخرا، بعيدا عن العمليات الارهابية الاخرى التي تقع بشكل شبة يومي في مدن عربية اخرى او مختلفا عنها في الاهداف والاساليب والوسائل، بل كان منسقا مع المناخ الارهابي الذي صار سائدا في معظم بلدان الشرق الاوسط ، الامر الذي يؤكد ان الجهة التي تقف وراء كل ذلك واحدة، وتسعى الى اسقاط كل دول المنطقة في أتون الفوضى والعنف والاقتتال الداخلي، والذي قد يصل الى حروب اهلية لا يبقى ولا تذر .
ثورة الياسمين كشفت الغطاء عن 100.000 متطرف في تونس
عندما اسقطت الثورة التونسية نظام حكم على زين العابدين في عام 2011، راهن كثيرون على نجاح التجربة التونسية في الانتقال من نظام الديكتاتورية البائد الى نظام مدني عادل تتصالح فيه كل القوى السياسية وتراهن على العملية الديمقراطية لحس نزاعاتها، لا سيما أن الكثير من المحللين السياسيين لما وصفوا تونس بأنها قلعة العلمانية في العالم العربي .
إلا أن هذا الرهان لم يكن صحيحا لانه اغفل وجود حوال 100.000 متطرف سلفي كانوا تحت السطح في انتظار أن تسنح لهم الفرصة للانتقال فوق السطح ليحققوا حلمهم الذي انتظروا تحقيقه طويلا بأن يقفزوا الى السلطة والحكم، سواء باستغلال الاسلوب الديمقراطي وهو ما اتاحه لهم حزب النهضة الذي يعد بمثابة فرع الاخوان في تونس برئاسة راشد الغنوشي ، وهو ما حصل فعلا عندما نجح الخداع الذي مارسه هذا الحزب في تضليل اغلبية الشعب التونسي عن حقيقة اهدافه السلطوية التي كانت مغطاة بأقنعة دينية براقة ، تخفي حقيقة الوجه المتطرف والارهابي لكل فصائل الاسلام السياسي رغم تعدد وتنوع اسمائها وما ترفعه من شعارات دينية براقة.. هي كلمات حق يراد بها باطل على رأسها شعار تطبيق الشريعة.. فسمعنا عن "القاعدة في المغرب الاسلامي" و"انصار الشريعة" و "كتائب عقبة بن نافع" و"المبايعون بالموت" و"اسد ابن الفرات" و "داعش" .. وغيرها، وقد ثبت أن جميعها تنهل من منهل واحد هو (النبع الاخواني) وتهدف الى القضاء على اية تجربة سياسية ناجحة تسمح بانتقال السلطة بطريقة سليمة ، والى قتل الامل بقيام مجتمع مدني ينعم بحياة سياسية ديمقراطية، واقتصاد ناجح، ومجتمع يسوده الامن والاستقرار، والرفاهية، حيث ثبت أن النجاح في تحقيق ذلك هو عدو هذه التنظيمات المتأسلمة لأنه يحرمها من بسط هيمنتها على المجتمعات العربية والاسلامية التي تسعى لغزوها، ذلك أن نشر التخلف والفقر والفشل وانعدام الامن والاستقرار هو المناخ الذي تزدهر فيه اعمال هذه التنظيمات من خلال ما تشيعه من خوف ورعب وارهاب، فذلك هو عنوان انشطتها الحقيقية .
وكما نجحت جماعة الاخوان في مصر في سرقة ثورة يناير 2011، وفي خداع الشعب المصري بما رفعته هذه الجماعة من شعارات دينية .. مثل اقامة دولة الخلافة، و"تطبيق الشريعة" فضلا عن ادعاءات الجماعة بأنها ظلمت من قبل الانظمة الحاكمة في مصر عبر اكثر من 80 سنة، حيث تم الزج بكوادرها في السجون لسنين طويلة، فضلا عن نجاح اجهزة الدعاية الاخوانية في اخفاء جرائم القتل والتخريب والتدمير الذي ارتكبته في حق المصريين لاكثر من خمسين عاما ، كذلك نجح حزب النهضة التونسي في خداع التونسيين (عن حقيقة وجهة الارهابي، وأنه يشكل غطاء لكل السلفيين الجهاديين والتكفيريين في تونس، وأنه على اتصال وتعاون وتنسيق مع كل التنظيمات المتطرفة في العالم العربي ، خاصة في ليبيا ومصر والجزائر والمغرب، ولكن عندما اكتشف الشعب التونسي حقيقة حزب النهضة، وأنه ليس اكثر من غطاء سياسي لجماعات ارهابية اخرى تعمل داخل وخارج تونس ، اسقط ايضا مرشحه للرئاسة ، وهنا كشفت القوى الارهابية العاملة في تونس عن وجهها القبيح باغتيال اثنين من زعماء المعرضة التونسية وهما شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، ثم كانت الجريمة الاخيرة التي قام بها ثلاثة من الارهابيين التوانسة الذين قتل منهم اثنان ولايزال البحث جاريا عن الثالث، وقد راح ضحية هذه العملية الاجرامية 23 قتيلا منهم 20سائحا أجنبيا و3 تونسيين، واصيب 47 جريحا .
وباسترجاع الاحداث التي مرت بها تونس قبل الحادث الاخير تبنى من احصائية نشرتها صحيفة لوموند الفرنسية أن المدعو ابو عياض التونسي زعيم انصار الشريعة في تونس كان قد نجح في جذب عشرات الآلاف من الاتباع الذين خدعهم بخطبة الرنانة التي لم تكن تخرج عما جاء في كتاب (معالم في الطريق) لسيد قطب، حول تكفير كل المجتمعات الاسلامية القائمة اليوم في الارض بدعوى أن حكامها لا يطبقون الشريعة، ومن ثم فإن جميع اهلها كفرة.. وان ادعوا بأنهم مسلمون ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويصومون رمضان ويحجون الى البيت الحرام، وبعد تكفير المسلمين يصيروا في شرع الاخوان والسلفيين حلال الدم والمال والعرض، اما مهمة جماعة الاخوان فهو السعي لتقويض هذه المجتمعات (الكافرة) ليقيموا على انقاضها الدولة الاسلامية التي تحكم بالشريعة، او ما يطلقون عليه (دولة الخلافة) .
اما إذا فشلوا في تحقيق ذلك بسبب قوة الاجهزة الامنية في الدول العربية، فإن عليهم أن يهاجروا الى ارض الشام، ومن هناك يقيمون دولة الخلافة بعد ان يستقوا ، ثم الزحف بعد ذلك الى باقي الدول العربية لاسقاط انشطتها الحاكمة وادخالها بالمبايعة في دولة الخلافة، وهذا بالفعل ما فعله المتطرفون في تونس عندما هاجروا الى سوريا والى ليبيا حيث تم تدريبهم هناك تحت اشراف عناصر داعش، بعد مبايعتهم ابو بكر البغدادي خليفة عليهم، ثم عادوا الى تونس حاملين تكليفاته بنشر العنف والقتل والارهاب في ربوعها، وكانت ابرز الثمار السامة لذلك عملية متحف باردو .
وتذكر صحيفة لوموند أن ابي عياض التونسي كان يصلي وراءه في صلاة العيد حوالي 93.000 تونس، يكبرون مع ارتفاع نبرة صيحاته، رافعين اعلام القاعدة وداعش السوداء، بل يكادون – يسجدون له.
وان خطة ابي عياض التونسي في الاساس كانت العمل على القيام بانقلاب على نظام الحكم، يتم بموجبة الاستيلاء على السلطة واعدام كل اركان النظام القائم ، إلا أنه حدث انقسام داخل جماعته انتهى بتفضيل الهجرة الى الشام حيث يقيم مدعي الخلافة ابو بكر البغدادي .
وقدرت اعداد المهاجرين بحوالي 20.000 تونسي ، ومعظمهم سجل نفسه باعتباره انتحاريا ، حتى ان وسائل الاعلام الغربية اطلقت على انصار الشريعة في تونس مصطلح (خزان التكفيرين) .
وقد ذهب بعض (المهاجرين) الى الجزائر حيث تتواجد الجماعة الاسلامية الجزائرية في جبال الشعانبي، وشكلوا كتيبة (عقبة بن نافع) واعلنوا مبايعتهم لزعيم داعش ، كما ذهب (مهاجرون) آخرون الى مالي وليبيا ، على ان يتم تدريبهم والاستقواء هناك لينطلقوا من قواعدهم في هذه البلاد ، ومن تونس ايضا الى البلاد المجاورة لينشروا القتل والخراب والدمار في ربوعها .
إلا أن الخلافات قد دبت داخل هذه الجماعات خاصة جماعة انصار الشريعة ، فضلا عن الصراع الرئيسي بين القاعدة وداعش ممال تسبب في مقتل كوادر قيادية في هذه الجماعات مثل جمال زيتوني ، وعنتر زواربي من قادة الجماعة الاسلامية في الجزائر، ومحمد علي الزهاوي امير انصار الشريعة التونسية .
وقد حرص البغدادي على ارسال عدد من كتيبة البتار التي تتشكل عناصرها من ليبيين الى درنة لتهديد مصر من حدودها الغربية، وعناصر آخرى من كتيبة عقبة ابن نافع في رأس جديد على الحدود بين تونس وليبيا للانضمام الى ولايته المزعومة في درنة .
ولم تتوقف عمليات الارهاب في تونس منذ قيام الثورة، حيث راح ضحية هذه العمليات الارهابية حوالي 31 قتيلا من الضباط والجنود و120 جريحا من قوات الامن.
تجنيد الخلايا الإرهابية في بلدان المغرب
اعاد الهجوم الارهابي الاخير في تونس فتح ملف التنظيمات الارهابية في كل بلدان المغرب العربي، وليس تونس فقط، وكيفية التعامل معها على كافة المستويات بما فيها المستوى الشعبي .
على عكس ما يذهب اليه البعض فان التنظيمات الارهابية ليست ظاهرة جديدة في بلدان المغرب العربي، ومن بينها تونس، بل هي اقدم من الناحية التاريخية من حركات الاسلام السياسي ، ولكنها اليوم ازدادت قوة لتشكل اهم رافد للمقاتلين الاجانب المنتشرين في سوريا والعراق وليبيا.
ولقد انتشرت الظاهرة في تونس بعد ثورة 2011 ، إذ انخرط المئات ممن كانوا يقاتلون في العراق وافغانستان وموريتانيا وليبيا والجزائر .. وبعض المناطق الساخنة في العالم في تنظيمات الاسلام السياسي ذات الطابع الارهابي ، وقد عزز من حضورهم وجود قناعة لديهم بأن (حركة النهضة) التي يقودها راشد الغنوشي –عضو التنظيم الدولي للاخوان –لا يمكن ان تؤدي الى اقامة الدولة الاسلامية وتطبيق الشريعة ولكن الجهاد المسلح هو السبيل الوحيد لتحقيق هذا الهدف.
ولقد تأكد المحللون لطبيعة التنظيمات المتشددة في تونس أنها ليست حزبا سياسيا ولا تيارا منظما ينشط في العلن وتحت اعين القانون ، بل كان افراد هذه التنظيمات منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي ، ينخرطون في تنظيمات على شاكلة تنظيم يطلق عليه "الجبهة الاسلامية" وهنا تجدر الاشارة الى ان منطقة المغرب العربي عرفت اقبالا على كتب سيد قطب وابو الاعلى المودودي وناصر الدين الالباني، واضيفت لها لاحقا اشرطة اسامة بن لادن وايمن الظواهري زعيمي القاعدة ، فضلا عن كتب عمر عبد الرحمن وعبد الله طلال القاسمي، وابو عاصم القدس، وابو قتادة، وبو الوليد الانصاري، وابو مصعب السوري .. وغيرهم .
وحاليا يتزعم كبرى المنظمات المتشددة في تونس التي تعود في الاصل الى الجبهة الاسلامية المتأثرة بانكار جماعة الاخوان في مصر، والتونسي الخطيب الادريسي المقيم في منطقة بني عون من محافظة سيدي ابو زيد ، فهو الثورة التونسية ومن ابرز شيوخها .
وكان الادريس هذا قد امضى سنتين في السجن بتهمة التحريض على الجهاد في عهد زين العابدين بن علي، قبل أن يطلق سراحه في اوائل 2009، ولقد اتهم باصدار فتوى حمل السلاح ضد الحاكم ، مما ادى الى احداث ثورة مسلحة في منطقة سليمان القريبة من العاصمة التونسية .
وقد انقسم المتشددون في تونس مثلهم مثل بقية اقرانهم في العالمين العربي والاسلامي الى قسمين اساسيين : نظري ، وحركي متطرف.
وحقق القسم النظري انتشارا سريا متزايدا في منطقة الغرب العربي منذ منتصف عقد الثمانينات من القرن الماضي واجهته السلطات بالسجون .
ويقدر عدد الشباب المهتمين بالارهاب في العهد السابق بنحو 3000 شاب ، ثم ارتفعت اعدادهم بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 ثم الغزو الامريكي للعراق 2003
وبعد ثورة 2011 في تونس نزلت التنظيمات المتشددة الى الشارع بشكل استعراضي، وكان افرادها يؤدون الصلاة جماعية في شارع الحبيب بورقيبة ، كما خاضوا الاعتصامات والاحتجاجات لمواجهة قوات الشرطة والامناو كما يحلو لهم ان يسموهم "جلادو الامس" وكان هدفهم كسب تعاطف التونسيين كونهم من ضحايا نظام بن علي ، الا أن هذا الامر لم يحصل مغادروا الى العمل السري، وانضم لهم المئات من الانصار في ظل ضعف الدولة وتراجع مستوى الامن والعمل الاستخباراتي.
وقد برز خلال هذه الفترة قوة تأثير الفكر الاخواني التكفيري في دعوات واعمال هذه التنظيمات المتشددة، حيث اخذوا يرددون مقولات سيد قطب حول تقسيم العالم برمته الى قسمين " دار اسلام ، ودار حرب ، وان الحل يتمثل في تفعيل عقيدة الجهاد في سبيل الله في اي مكان ، كما اعلنوا ان طموحهم الوحيد هو التطوع للقتال من اجل نصرة الاسلام، ومحاربة اعداء الله .
غير ان التنظيمات المتطرفة الارهابية في المغرب العربي لا يجمعها تيار واحد، بل هم مجموعة من الاتجاهات، منها ما يتصل ب"حزب التحرير" او ب "جماعة التبليغ" او ب "التنظيمات المسلحة" كما تختلف علاقاتهم بنظرائهم في اوربا ولكن من المؤكد أن لهم امتدادات تنظيمية في صفوف المهاجرين في البلدان الاوربية ، حيث ينشطون داخل خلايا مغلقة وانتقائية ومحدودة العدد ،، كما تسود علاقاتهم بالخلايا المتطرفة في اوروبا السرية المطلقة نظرا لارتباطها بتنظيم القاعدة .
ووفق عدة دراسات ميدانية ، فإن ملامح المنخرط بالتيارات المتشددة يكون في الاغلب شابا دون الثلاثين سنة من العمر، محدود الثقافة والمستوى الدراسي ، ومن المهمشين اقتصاديا واجتماعيا.. وقد وجدت هذه التيارات في الاحياء الشعبية بتونس.. مثل هيشر، وحي التضامن، وبقية الاحياء الفقيرة القريبة من المدن الكبرى، حيث وجد فيها قادة التنظيمات المتطرفة مادة دسمة تمكنت من خلالها النفاذ الى عقول البسطاء من الشباب.
ووفقا لدراسات ميدانية فإن استقطاب الشباب تم عبر مراحل متعددة.. من بينها انتقاء الامراء الذين لديهم ميول متشددة مثل التكفير والهجرة والجهاد وتغيير المنكر باليد ، فيصير توجيههم الى دراسة كتب ومراجع لائمة الفكر المتطرف مثل ابن تميمة والمودوي وحسن البنا وسيد قطب ، كذلك يتم امدادهم بكتب المحدثين من ائمة الفكر المتطرف امثال اشرطة بن لادن والمقدسي وابو قتادة، كما يطلب من المنخرط حديثا في الخلايا المقاتلة المتطرفة حفظ سورة "الانفال" لما تحويه من آيات تحث على قتال الكفار او عندما تتأكد القيادات من وجود استعدادات جدية في التفاعل مع هذه الخطب والاشرطة يوجهون العناصر الى خلايا تنظيمية سرية ويطلب منهم آداء البيعة ، ويتضمن نص البيعة:"قسما على السمع والطاعة للامير في المنشط والمكره وقتال اعداء الله مثلما تم ضبطه في الكتاب والسنة".
وتؤكد عدة دراسات ان الجزائر تمثل (الدينامو) المحرك للتيارات المتشددة في منطقة الغرب العربي ، وذلك من ناحية ثقلها العددي واللوجيستي .
ولذلك تشكل الجماعات الجزائرية النواة الصلبة لهذه التيارات في منطقة المغرب العربي بما يقارب 90%من العناصر، وكانت السباقة الى العمل المسلح من خلال جماعة مصطفى بويعلي عام 1982 .
وتتجه المواجهة الميدانية بين سلطات دول المنطقة والجماعات المتشددة هذه الايام الى منطقة الصحراء الكبرى لاعتبارات متعددة امنية واقتصادية.
وتكتسب منطقة(مثلث) الصحراء اهمية خاصة بالنسبة للمتشددين المقاتلين في المغرب العربي ، تنبع من كونها منطقة شاسعة المساحة تصعب مراقبتها بدقة ، ولهذا السبب تتحالف القاعدة مع زعامات قبلية في هذه المنطقة، وكذلك مع محترفي التهريب خدمة لمصالحهم المشتركة.
هذا فضلا عن وجود عامل اقتصادية واجتماعية واعلامية ساهمت في نشء افكار هذه الجماعات.
وقد اثمرت المواجهات الامنية في المغرب ضد الجماعات الارهابية الى تفكيك خلية ارهابية موزعة على 9 مدن لها ارتباط بتنظيم داعش، وكان بحوزتهم اسلحة استعدادا لتنفيذ مخطط ارهابي كبير يستهدف زعزعة امن واستقرار المملكة.
وكانت المغرب قد تعرضت لعدة تفجيرات ارهابية عام 2003، واثبتت التحقيقات ان التنظيم الارهابي المسئول عن هذه التفجيرات يغطي كامل التراب المغربي من طنجة اقصى الشمال الى مدينة العيون بالصحراء بالجنوب .
أربعة تنظيمات إرهابية رئيسية في تونس
اعاد الهجوم الارهابي الاخير في تونس فتح ملف التنظيمات الارهابية وكيفية التعامل معها ، بعد ان ظلت حكومة تونس تعارض موقف القاهرة في التعامل مع هذه التنظيمات ، وترفض مد الجيش الليبي الوطني بالسلاح ، وتدعو الى حل سياسي في ليبيا باعتبار ان الخلاف هناك سياسي في المقام الاول ، كما دل هذا الحادث على مدى توغل التنظيمات الارهابية التي تعمل تحت راية داعش داخل تونس ، خاصة بعد تبني كتيبة عقبة ابن نافع الهجوم على متحف باردو .
وقد زاد من وتيرة هجرة انصار الشريعة الى الشام وليبيا ومالي ، ما اسمته تلك العناصر ب"الاختراق" الذي اصاب تنظيمهم ، حيث كان يتم شهريا القبض على عناصر منهم وتفكيك خلايا تابعة لانصار الشريعة او على علاقة بداعش ، مما ادى الى انشقاق جديد في انصار الشريعة كان على رأسه مراد جراسلي الذي ذهب الى الجزائر مع نعمان ابو صخر لتأسيس كتيبة عقبة ابن نافع ، وكان مقرها في جبال الشعانبي ومنطلقا لتنفيذ عملياتها بعيدا عن الاختراق ، واعلنوا مبايعتهم لداعش وبراءتهم من ابي عياض .
ولأن للقاعدة وجودا قويا في بلاد المغرب ، ارسلت ابا عياض التونسي امير انصار الشريعة التونسية لمقابلة محمد علي الزهاوي امير كتيبة انصار الشريعة –وعدد من قادتها في محاولة لإثنائهم عن مبايعة ابي بكر البغدادي باعتباره خارجيا وتكفيريا سيعرض الجهادين في العالم للفناء ، وانه يكرر تجربة حماد زيتوني وعنتر زواربي.. وهما من قادة الجماعة الاسلامية المسلحة الذين عاثوا فسادا في الجزائر حتى لقيا حتفهما ، وكان الزهاوي اكثر ميلا لمبايعة البغدادي باعتباره رجلا قويا يقود تنظيما قويا سيكون بديلا عن تنظيم القاعدة الذي اصابته الشيخوخة ، لذلك تعرض لمحاولة اغتيال توفى على اثرها .
وبعد وفاة الزهاوي اجتمع قادة داعش في الموصل لوضع خطة لبلاد شمال افريقيا ، واجمعوا على ان مصر هي المفتاح ، فإذا اندلعت الفوضى في مصر فإن اوراق الدومينو جميعا سوف تسقط .
ولكن لأن جيش مصر قوي ومتماسك وغير طائفي ، فلا حل سوى الانتظار لحظة الفوضى والعمل على التسريع بها ، وذلك بمحاولة تشتيت جهود الجيش المصري واضعاف مصر من خلال ليبيا .
ولذلك ارسلوا بالفعل احد قادتهم ومعه عدد من مقاتلي التنظيم الى ليبيا ، واجتمعوا بقيادات من انصار الشريعة ، ووافقوا على الانفصال وتكوين جماعة جديدة تعلن مبايعتها للبغدادي .. وقد كان وقد ارسل البغدادي على الفور عددا من عناصر كتيبة البتار التي تتشكل عناصرها من ليبيين الى درنة ، كذا ارسال عدد من افراد كتيبة عقبة ابن نافع التي تتمركز في منطقة رأس جدير على الحدود بين تونس وليبيا للانضمام الى ولايته المزعومة في درن بشرق ليبيا لتكون قريبة من الحدود المصرية .
والجماعات الارهابية المسلحة في تونس عددها اربعة هي على النحو التالي :
1- المبايعون على الموت: تعتبر اخطر الخلايا الارهابية ، وتعتبر الاولى في انتهاج اسلوب الاحزمة الناسفة والعمليات الانتحارية .
وقد نفذت عدة عمليات منها تفجير كنيسة جنوب تونس عام 2002 ، ومحاولة تفجير قبر الرئيس الاسبق الحبيب بورقيبة ويرأس هذه الخلية احمد الرويس وهو من اخطر قيادات انصار الشريعة وكان مسجونا بتهمة تجارة المخدرات .
2- انصار الشريعة: اعلنت عن نفسها رسميا في 28اغسطس 2014 ، وبعد هذا التنظيم الذي يقوده التونسي سيف الله بن حسيني المعروف باسم (ابو عياض) اهم الجماعات المتطرفة المقاتلة في تونس وابو عياض هذا مقاتل قديم شارك في الحرب الافغانية .
وهذا التنظيم كان اول الجماعات التي ظهرت في تونس بعد ثورة 2011 وهو متهم باغتيال القيادي اليساري المعارض شكري بلعيد في 6 فبراير 2013 ، ومحمد البراهمي عضو البرلمان في 25يوليو من العام نفسه ، كذلك وجهت لهذه الجماعة تهمة قتل 8جنود تونسيين على الحدود مع الجزائر .
ويعتبر محمد العوادي المقبوض عليه رئيس الجناح العسكري لهذه الجماعة ، وانضم الى تنظيم القاعدة في العراق ، ومن ابرز قادتها عادل السعيدي ، وابو بكر الحكيم ، واحم المالكي ، وشهر الصومالي .
وقد حظرت حكومة علي (القيادي في حزب النهضة عندما كان حاكما لتونس) نشاطات جماعة انصار الشريعة في اغسطس 2013 وبعد حظر هذا التنظيم لجأت معظم قياداته الى ليبيا المجاورة وهو على علاقة قوية ومباشرة بتنظيم انصار الشريعة في ليبيا.
3- كتيبة عقبة ابن نافع: تم الاعلان عنها في ديسمبر 2012 بالمنطقة الغربية من تونس ، وتشكلت من بضع عشرات من الارهابيين ، وتمركزت بالمناطق الجبلية على الحدود مع الجزائر ، ويقودها الجزائري خالد الشايب الملقب ب"لقمان ابو صخر" وهي جماعة صغيرة تتخذ من جبل الشعابني قرب الحدود الجزائرية منطقة تمركز لها . وقد نجحت هذه الكتيبة في ضم عدد من المقاتلين الاجانب الذين ما لبثوا ان غادروها لقتال القوات الفرنسية في مالي ،وترجح مصادر امنية ان يكون من بين اعضائها جزائريون وموريتانيون ونيجيريون وهم امراء وقياديون وكانت هذه الكتيبة تستعد لتنفيذ عمليات تخريبية تحت عنوان "احياء الجهاد وفرض الشريعة الاسلامية" وتم الكشف عن هويتها عندما قام احد عناصرها باغتيال احد رجال الامن بمنطقة فريانه من محافظة القصرين غرب تونس ، وكانت قد خضعت في البداية لاشراف 3 جزائريين ،ولها علاقه بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب تحت قيادة ابي مصعب عبد الودود .
4- جند اسد ابن الفرات: ظهرت هذه الجماعة بشكل علني بعد الثورة التونسية بجبل الشعباني في تونس قرب الحدود مع الجزائر ولهم علاقة قوية مع كتيبة تحمل نفس الاسم ل"اسد بن الفرات" ، ومن اخطر عناصرها عبد الوهاب حميد الذي قام بعملية قتل فيها عدد من العسكريين والمدنيين ، وكان عدد منهم قد خرج من السجون على اثر العفو التشريعي العام وانضموا الى جماعة انصار الشريعة .
اما قيادات (حزب التحرير) فتصر على انها غير معنية بالتصنيفات السياسية المتصلة بالتشدد ، وتنفي اي روابط فكرية او تنظيمية ، وتصر على ان (حزب التحرير) لا يحث على القتال ولا يحرض على ممارسة العنف ، مع انه يؤمن ايماناً جازماً "بدولة الخلافة" وتطبيق الشريعة الاسلامية وكان هذا الحزب الذي تعود نشأته الى اواخر السبعينات من القرن الماضي يعمل بشكل سري وكانت له خصومات طويلة مع نظامي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي وتاريخياً تعرض كثيرون من عناصره للمحاكمات وابرزها محاكمة نحو 300 عنصر من بينهم عسكريون بتهمة الانتماء لحزب سياسي غير مرخص له ومخالفة القانون الاساسي للعسكريين .
كما تعرض افراد من هذا الحزب للمحاكمة في عام 1985.
ولكن مع كل هذه المحاكمات كان حزب التحرير ينشط داخل الاوساط الشعبية والجامعية.
وعقد عدة مؤتمرات حول موضوع الخلافة خلال اعوام 1988،1989،1990، ثم تلت ذلك مرحلة صعبة كان الامن يلاحق فيها شباب الحزب في الجامعات وخارجها ، ولكن ذلك لم يثن هذا الحزب عن التحرك والكتابة في الصحف الوطنية واصدار مجلة ناطقة باسم الحزب وهي "الخلافة" .
اهداف العملية الارهابية في تونس ،ودلالاتها :
لقد كان واضحا لكل الراقبين ان ما اطلقت عليه داعش "غزوة تونس" ، كانت تستهدف من ورائه اصطياد عصافير كثيرة من خلال ارتكاب جريمة اغتيال السياح الاجانب.
1- وكان على رأس الاهداف المتوخاة اسقاط هيبة الدولة التونسية وعدم الاعتراف بها ، حيث تم الهجوم في ذكرى الاحتفال بعيد الاستقلال ، وبجوار احدى مؤسسات الدولة المهمة وهو البرلمان التونسي اثناء انعقاده ، الامر الذي جعل المحللين يعتقدون ان هدف الارهابيين لم يكن قاصرا فقط على المتحف والسائحين ، بل والهجوم ايضا على النواب اثناء انعقاد جلستهم ، خاصة وانهم استخدموا في هجومهم الباب الخلفي للمتحف الذي يطل على البرلمان.
2- كما يدخل في اطار اهداف الهجوم ضرب وتدمير الاقتصاد الذي يعتمد بدرجة كبيرة على عائدات السياحة التي تشكل 7%من الدخل القومي في تونس ، وفي وقت ترتفع فيه نسبة البطالة بين الشباب التونسي ، وبلغت خسائر الموسم السياحي هناك 700 مليون دولار.
3- هذا فضلا عن اخذ رهائن من السياح للافراج عن مسجونين.
4- كذلك من اهداف هذه العملية ضرب العملية الديمقراطية ورفضها ، وهو ما لا تخفيه داعش حيث ترفض وتهدد اي نظام حكم يتبع المنهج الديمقراطي في الحكم.
5- اثبات وجود داعش في قلب تونس ، بل وفي قلب بلدان المغرب العربي ، بعد نزول عناصرها من الجبل الى العاصمة والمدن الاخرى ، واصبحوا اشبه ما يكونوا بالذئاب الجائعة.
6- توتير العلاقات بين تونس والدول التي ينتمي لها السياح خاصة فرنسا.
7- اثبات فشل تجربة التحول الديمقراطي حتى وان تولت جماعة الاخوان السلطة هناك . 8- دفع السلطات التونسية الى الدعوة لعسكرة المجتمع من خلال اطلاق يد الجيش في المداهمات الامنية ، ومما يؤدي الى استقطاب الناقمين على الحل الامني .
اما دلالات هذه العملية الارهابية فتتمثل في الآتي :
1- ثبوت ان اساس هذه المشكلة هو خلط الدين بالسياسة ، ورغبة من يتحدثون في الدين في ان يرثوا الحكم ، وما يستتبع ذلك من تصنيف المواطنين الى معسكرين (معسكر ايمان ، ومعسكر كفر)
2- وجود حاضنة اساسية للإرهاب تمثل وجهين :وجه معتدل يستهدف جذب الاتباع ، ووجه آخر يستبيح قتل المسلمين وغير المسلمين على السواء من اجل الوصول الي السلطة والحكم ، وفي احيان اخرى تحصيل فريد من الشهرة الاعلامية والدعائية كما تفعل داعش حاليا .
3- ارتباط الهجوم الذي وقع بالفوضى الامنية التي تشهها ليبيا اليوم ، والتي تحولت الى مصدر تصدير الارهاب الى الدول المجاورة لها ، وهو ما يؤكد ان الارهاب لا وطن له ، وضرورة القضاء على الفوضى في ليبيا بالقضاء على التنظيمات الارهابية فيها وتعزيز قوة الدولة الليبية ، خاصة الجيش والشرطة والقضاء .
4- لقد اصبح واضحا وجليا للعيان ، بسقوط المبرر والذريعة التي يتشدق بها الاخوان ، وان الامر لا يتعلق بالديمقراطية ، ولا بالمصالحة مع الاخوان واشراكهم في الحكم .. وهو ما تزعمه جماعة الاخوان في مصر كمبرر لتنفيذ عملياتها الارهابية في الداخل ، وان اشراك الاخوان في الحكم سيقضي على الارهاب .
فقد ثبت بطلان هذا الزعم الدعائي وان حجة المشاركة بعد المصالحة واهية ، لأن فرع الاخوان المسلمين في تونس والممثل في حزب النهضة يتمتع بنسبة 40% من مقاعد البرلمان ، وله في الحكومة ثلاث وزراء (المالية والصحة والاستثمار) ومن ثم فانه رغم المشاركة في تونس الا انها لم تمنع الارهابيين من ارتكاب جريمتهم ، هذا رغم استكمال مستحقات المرحلة الانتقالية (وضع الدستور، الانتخابات الرئاسية، الانتخابات البرلمانية ،حكومة وطبية) الا ان الارهاب الاسود لم يتوقف ووقعت مجزرة متحف باردو .
ومن ثم نستنتج من هذه العملية الارهابية ان حجة مشاركة الاخوان في الحكم بعد المصالحة سيمنع الارهاب ، هي حجة واهية وتدخل في اطار ما دأب الاخوان على ممارسته من خداع وكذب وتضليل ، واتباع اسلوب (التقية) حتى يتمكنوا ويفرضوا سلطتهم كاملة على الحكم بعد التدرج في الوصول اليه ، انه مهما شاركت جماعة الاخوان في الحكم –كما يشارك حزب النهضة في حكم تونس اليوم بوزراء ونواب في البرلمان –فان فصيلها الارهابي سيستمر يضرب حتى يسيطر تماما على الحكم ويستأصل كل ما سواه من قوى سياسية في المجتمع .
وهو بالضبط ما تفعله داعش في سوريا والعراق ، وانصار الشريعة في ليبيا ، والحوثيون في اليمن بعلم من ايران ، ولا علاقة لذلك بأن يكون الاخوان في الصورة ام لا ، فالمصالحة والمشاركة السياسية موجودة في تونس ، ولكنها لم تمنع الارهاب .
5- ما ثبت من ان جماعة الاخوان تستشعر امنها في ظل وجود قوى اكثر تطرفا ، حيث ترى الجماعة وجود مثل هذه القوى امرا ضروريا من اجل كبح جماح التيار العلماني وتخويف دعاة الدولة المدنية ، حيث يستخدم الاخوان هذه القوى الارهابية بمثابة هراوة ثقيلة وعامل ردع لتثبت اوضاعها في المجتمع ، وذلك في اطار توزيع الادوار على نحو سري .
6- ورغم ادانة حزب النهضة للعملية الارهابية فهو خاسر ، حيث ادرك الشعب التونسي ان كل الجماعات الارهابية التي تقوض الامن والاستقرار في كل الدول العربية والاسلامية انما خرجت من عباءة جماعة الاخوان التي يعتبر حزب النهضة احد فروعها ، وان ارهابي تونس تربوا على المفاهيم التكفيرية التي نشرها سيد قطب في كتبه واعتنقوها وهو في احضان هذا الحزب في تونس ، وتدربوا على السلاح والعنف والارهاب في ليبيا ، ثم عادوا الى تونس لتطبيق ما تدربوا عليه ، وهو ما يؤكد وجود تلازم شديد بين الاخوان وقوى الارهاب ، لانهم جميعا خرجوا من منبع واحد .
7- ان ما يسمى باعتدال جماعة الاخوان وانصارها وهو ما تدعيه امريكا هو محض خيال سقيم يسعى لتحرير المشروع الامريكي في التسلط وبسط الهيمنة على شعوب المنطقة ونهب ثرواتها وتحطيم قدراتها ووسائل الدفاع عن النفس ، وفي ذلك لا يختلف اخوان تونس عن امثالهم في مصر او في اي دولة اسلامية اخرى ، بل لا يختلفون عن السلفيين في توظيف الدين من اجل السياسة والسلطة والحكم .
8- لا يمكن تجاهل مسئولية حزب النهضة في السماح لاعداد كبيرة من المتطرفين التونسيين بالسفر الى سوريا وتركيا للقتال مع الجماعات الجهادية ، وذلك اثناء فترة حكم حزب الله .
وقد قال الغنوشي عندما تحدث كثيرون عن خطورة هؤلاء وهو عضو التنظيم الدولي للاخوان "انهم في النهاية ابناء تونس ، ويجب التحاور معهم وليس اقصاؤهم" وقد كان نتيجة سياسة الحوار الذي دعا اليها الغنوشي وقوع هذا الحادث الارهابي الخطير .
لذلك يعتبر بيان ادانة العملية الارهابية الصادر عن حزب النهضة مجرد تسديد خانة ، حيث لم يتوقف امام الاساس الفكري لمرتكبي هذا الحادث ، ولم يدخل في جوهر الموضوع وعمقه بيكشف ما تحمله هذه الجريمة من مخالفة صارخة للشريعة الاسلامية ، وتعارض تام مع مبادىء الاسلام ، ولكنه استخدم –كالعادة –ذكاؤه وتكتيكاته ومناوراته لابعاد المسئولية عنه .
9- كما ان الاعتداء على متحف باردو بما يحمله من معالم الحضارات السابقة التي سادت المنطقة عبر التاريخ بما فيها الحضارة الاسلامية ، انما يؤكد على المفهوم الباطل الذي تربت عليه هذه الجماعات ، بدءً من جماعة الاخوان في عهد حسن البنا وسيد قطب وحتى القاعدة وداعش ، باعتبار هذه الآثار وما نحويه من تماثيل وجداريات وصور هي في مفهومهم اصنام واوثان ينبغي تحطيمها ، ولا يختلف اخوان تونس في ذلك عن اخوان مصر والسلفيين فيها وفي غيرها من البلدان الاسلامية الذين يطالبون بهدم الاهرام وتمثال ابي الهول .. وغيرها من الآثار المصرية القديمة ، حتى لا يبقى سوى التراث اليهودي وخزعبلات الاخوان وداعش .
رؤية تحليلية
لا يمكن اعفاء الولايات المتحدة من مسئوليتها عن انتشار الجماعات الارهابية المتأسلمة في البلدان العربية والاسلامية ، وتفشي ظاهرة الارهاب الدموي والتخريبي في ربوعها ، فهي التي رعتها لتكون وسيلتها للسيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها وتقسيم دولها الى دويلات عرقية وطائفية ومذهبية ، وكذلك جيوشها لاضعافها وتحويلها الى دول فاشلة على النحو الذي تراه في ليبيا وسوريا والعراق والصومال واليمن ، اما اسلوب تحقيق ذلك فهو اغراق دول وشعوب وجيوش المنطقة في فوضى الصراعات المسلحة لانهاك الجميع وتسهيل فرصة الولايات المتحدة في التحكم بدول المنطقة ، وهو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كونداليزا رايس عام 2006 ب"فوضى الخلافة" .
لذلك فان كل ما حدث هو تحقيق دعوة وزير الخارجية الامريكية الاسبق هنري كسنجر عام 1975 عندما كتب مطالبا بتحويل الصراع العربي الاسرائيلي الى صراع عربي عربي وجاء في افكاره التي اعتبرت ركيزة استراتيجية في ثوابت الادارة الامريكية تجاه المنطقة "ان هذا التعريب للصراع يستلزم احداث تقسيمات رأسية وافقية في المجتمعات العربية" .
ولا يختلف كلام كسنجر في هذا الشأن عن افكار المستشرق الامريكي برنارد لويس التي عبر عنها بقوله :"ان العالم العربي سوف يتحول في الفترة ما بين 2025و2030 من 22دولة الى 50دولة على الاقل" .
وهذا المنهج له وجهان لديهما ارتباط عضوي ببعضهما البعض : "التكفير" و "التقسيم" .
فالتكفير يؤدي الى الفوضى ، والتقسيم يؤدي الى اسقاط الدولة المركزية في المنطقة وتخريب جيوشها ، وهذا كله بفعل مخطط يهودي قديم عبر عنه الزعيم الصهيوني القديم جابوتنسكي عام 1937 قبل قيام اسرائيل باكثر من عشر سنوات ، عندما قال امام اللجنة البريطانية التي جاءت الى القدس للتحقيق اثناء الثورة الفلسطينية آنذاك بسبب استيلاء اليهود على الجدار الغربي للمسجد الاقصى ، واثبتت اللجنة عدم احقية اليهود في ذلك ، فقد قال جابوتتسكي :"ان دولة اسرائيل ستقام ويجب ان تكون شرق وغرب نهر الاردن ، وستكون دولة اقليمية عظمى في المنطقة يدور في فلكها دويلات عربية مقسمة عرقيا وطائفيا وتتبع اسرائيل سياسيا وامنيا واقتصاديا" ومن ثم فان ما يجري حولنا داخليا انما يستهدف تحقيق هذه الامنية اليهودية ونزع استقلال دولة المنطقة ووضعها بعد تقسيمها تحت الوصاية الامريكية.
ولا سبيل لدى هذه التهديدات المصيرية الا بالقضاء على الارهاب من جذوره، ذلك أنه ينهض على افكار ومبادئ هدامة تعتمد على المتاجرة ائمة الفكر التطرف الارهابي بشعارات دينية براقة، هي كلمات حق يراد بها باطل .. ابرزها تطبيق الشريعة الاسلامية، واستمرار دغدغة مشاعر الشباب المسلم بهذه الشعارات، وأنه لا حل الا بإسقاط الانظمة الحاكمة واستيلاء جماعة الاخوان وحلفائها على الحكم لإقامة ما يسمى بدولة الخلافة الاسلامية.
وخطورة هذا الامر هو استمرار تفريخ ارهابيين جدد في المدارس والمساجد والزوايا يعتنقون نفس هذه الافكار التكفيرية.
ومن ثم مهما نجحت الضربات الامنية في القضاء على رؤوس التنظيمات الارهابية في الصف الاول واتباعهم في الصف الثاني، فإن استمرار عمل (المفارخ) في توليد ارهابيين جدد سيجعل من هذه الضربات الامنية كي يحدث في الماء وبالتالي فلا بديل عن المواجهة الفكرية ونشر الفكر الاسلامي الصحيح القائم فقط على كتاب الله الصحيح سنة رسول اله صلى الله عليه وسلم، وذلك من اجل القضاء على الفكر التكفيري من جذوره، لان الاجراءات الامنية وحدها ثبت عبر اكثر من خمسين عاما من المواجهات الامنية مع التنظيمات المتطرفة.. غير كافية للقضاء عليها.
ومن هنا نؤكد على ضرورة تضافر كل الجهود من قبل الهيئات والمؤسسات التربوية والدينية والاعلامية في مواجهة الارهاب، ومكافحته، ومقاومته، لأنها مسئولية جماعية وليست مسئولية المؤسسات الامنية والعسكرية فقط، وفي اطار هذه المواجهة الشاملة يعتبر تحصين الشباب والناشئة من الافكار الهدامة والمنحرفة والضالة هو السبيل الاوحد للقضاء على الارهاب.
وبالعودة الى العملية الارهابية الاخيرة في تونس، فقد اثبتت هذه العملية ان الارهاب صار خطرا متناميا يأتي على رأس التهديدات المحرقة بالأمن القومي العربي، وان دول المنطقة كافة صارت ملعبا مفتوحا للهجمات الشرسة من العناصر المتطرفة، تستلزم مواجهتها بتحرك عربي دولي منسق وواسع النطاق.
كما يتفق الجميع على أن هذا الهجوم يرتبط بالفوضى الامنية السائدة في ليبيا، والتي اصبحت وتعا للجماعات المسلحة المتطرفة، كذلك يثبت هذا الحادث صدق التحذيرات المصرية في مناسبات عديدة ان الارهاب لا وطن له ولا دين، ويؤكد على ضرورة المواجهة الشاملة والبعد عن المعايير المزدوجة في تصنيف العمليات الارهابية بين دولة واخرى، وهو ما تمارسه امريكا رفضها بتسليح الجيش الوطني الليبي، والاصرار على التفاوض بين القوى الوطنية في ليبيا والفصائل الارهابية المسلحة هناك بهدف اشراكها في الحكم، وعندما تفشل هذه المفاوضات وهو الامر المتوقع كما حدث في اليمن فإن الحل الوحيد هو تقسيم ليبيا بين هذه الفرق المتصارعة، وبذلك تحقق امريكا اهداف مخطط الشرق الاوسط الجديد.
ورغم ادراك الدول العربية لهذه الحقائق الا انه للأسف لا نزال نرى حكومات عربية بما فيها تونس ترفض المقترح المصري لتسليح الجيش الوطني الليبي، والغريب بل والطريف في الامر ان الرئيس التونسي كان قد انتقد الضربة الجوية المصرية داعش في ليبيا، ردا على مقتل واحد وعشرين مصريا، واعتبر الرئيس التونسي ان هذه الضربة المصرية تدخلا في الشأن الليبي !!، بل ورفض الاشتراك في تحالف عربي عسكري ضد التنظيم الذي استفحل في ليبيا، بل ان الرئيس التونسي السابق قد تقمص دور المعارضة الوطنية، وانتفض بعد دقائق قليلة من الحادث يتهم الحكومة بالتقصير، وينفي اي مسئولية على التيار الاسلامي هناك !!
فضلا عن وجود 1500 تونسي يتدربون في ليبيا، اضافة الى حوالي 2000 آخرين توجهوا الى سوريا عبر ليبيا بعد ان تحصلوا على جوازات سفر مزورة، والحديث اليوم عن عودة بضع مئات منهم الى بلادهم او تمركزهم في درنة ومناطق ليبية اخرى.
وتفيد تقديرات امنية بأن حوالي 10.000 تونسي منعوا من السفر للالتحاق بداعش، فيما تعترف السلطات التونسية بصعوبة اصدار مذكرات اعتقال بحق عدد كبير منهم في غياب ادلة كافية على ارتكابهم جرائم موصومة.
لقد بدأ الارهاب في توطيد ركائزه في تونس، وذلك بعد ان خسر الاخوان الممثلين في حزب النهضة الانتخابات الرئاسية هناك منذ شهور قليلة وعلى الرغم من انه الحالة الامنية هناك لم تعد بالضعف التي كانت عليه في فترة الرئيس السابق، فإن الارهاب اختار ان يضرب ضربته بعد أن ترك حزب النهضة الحكم، وتولى السلطة رئيس ينتمي الى تيار مخالف.
اما ما نستنتجه من ذلك فهو ان حكم الاخوان في اي بلد عربي لم يتركه الا وضربة الارهاب.. سواء كان تركه بطريق ديموقراطية كما حدث في تونس، او برفض وغضب شعبي كما حدث في مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 التي اطاحت بحكم الاخوان.
وهو ما يؤكد ان قرار جماعة الاخوان وحلفائها هو اما ان يكون الحكم لهم، واما ان يحولوا المنطقة بأسرها الى أتون مشتعل، لا تهدأ فيه الاحوال يوما واحدا والذين كانوا ينادون بالانتظار والصبر على حكم الاخوان في مصر، وحتى تنتهي فترة حكم مرسي كاملة، هم انفسهم من يعانون اليوم من تبعات الضربات الارهابية المتتالية، وحيث النتيجة باتت واضحة امامهم الآن، فالإخوان لم يكونوا ليتركوا حكما الا واستخدموا كل حلفائهم المتطرفين في تدمير البلد الذي كانوا يحكمونه.
والارجح أن تونس وغيرها من بلدان المغرب العربي مقبلة على حرب طويلة ومكلفة اقتصاديا وسياسيا وامنيا، مع القاعدة وداعش، وسيكون وقودها العائدين من سوريا عبر ليبيا، حيث معسكرات التدريب ومقر قيادة تنظيم انصار الشريعة الذي يخوض صراعا مفتوحا مع الدولة التونسية منذ سنتين على الاقل.
وتتوقع السلطات التونسية أن نحو 500 تونسي قاتلوا في سوريا والعراق عادوا الى البلاد، كما انه من المعروف وجود مئات من التونسيين يقاتلون حتى اليوم صفوف داعش في سوريا والعراق.. وهو ما يفرض على تونس امران:
الأمر الاول: استيعاب الدروس المستفادة من العملية الارهابية الاخيرة، خاصة فيما يتعلق بتقوية الاجهزة الامنية فيها والحرص على منع اختراقها من قبل تنظيمات الاسلام السياسي، فضلا عن القضاء على مظاهر التراخي في عمل قوات الشرطة التي تحمي الاهداف الاستراتيجية، وهو ما كشف عنه نائب رئيس البرلمان عندما قال "أن الحرس كانوا في مقهى وقت مهاجمة المتحف".
وقد احسن رئيس الوزراء التونسي صنعا عندما اسرع بإقالة سبعة قيادات امنية مكلفة بالأمن في منطقة تونس العاصمة، كما اصدر القضاء التونسي امر اعتقال احد اعوان الامن المكلفين بحراسة مدخل المتحف، وبعد ان كشف كثيرون هناك عن وجود ثغرات امنية عديدة في اماكن اهداف استراتيجية مهمة في العاصمة تونس.
هذا فضلا عن مطالبة كثيرين بفرض رقابة على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي الذي تستخدمه الجماعات الارهابية لتوصيل التكليفات وتحويل الاموال، فضلا عن الدعاية لها واستجلاب المتطوعين من الدول الاخرى.
لقد بات واضحا امام الرئيس التونسي ولكل الحكام العرب أن التحالف ضد التنظيمات الارهابية في المنطقة قد اصبح ضرورة واجبة، بعد ان صارت تهدد ليس فقط امن الدول العربية، ولكن وجودها في الاصل والاساس.
ومن ثم كان البقاء على الحياد لم يعد مجديا، ذلك ان الارهاب قد يصل الى اي مكان في لحظات، ولا احد اصبح في مأمن من الاصابة بهذا الوباء.
قلم يعد الارهاب خاص ببلد وحده، ولم يعد التحدي يرتبط ببلد عربي واحد، وهذا فان التوحد في مواجهته قد اصبح واجبا وطنيا وقوميا في ان واحد.
وقد يرى باحثون عرب متخصصون ان الحركات الارهابية والمتشددة على وجه العموم، سواء في مصر او في تونس او في اي بلد عربي آخر، كانت تستند الى جدار قد انهار في مصر وتونس بسقوط نظام حكم الاخوان في البلدين، فضلا عن الغائها في دول الخليج وكل من تحالف معها وصمها بأنها جماعة ارهابية.
وقد يكون كل ذلك صحيحا.. الا أننا يجب ان نضع في الاعتبار ان هذه الجماعات الارهابية قد ترغب في النهوض من خلال صناعة عدو خارجي او داخلي يجمع الناس حولها فضلا عن ان هذه الجماعة تتلقى دعما ومساندة سياسية من اكبر دولة عظمى في العالم وهي الولايات المتحدة لاعتبارها وسيلة ايضا لتحقيق اهدافها.. واذا فشلت الخطة (أ) في الاعتماد على جماعة الاخوان في تحقيق الاهداف والمخططات الامريكية، فإن الخطة (ب) جاهزة لتحقيق تفس الاهداف بوسائل اخرى مثل القاعدة وداعش وايران، ومما لا شك فيه ان القضاء على الارهاب قد يستغرق وقتا طويلا، وبالتالي علينا ان نصبر ونثابر في مكافحته، وان تكون هذه المكافحة على كافة الاصعدة السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية .. والاهم من ذلك كله المواجهة الايدولوجية التي تعري الافكار المتطرفة وتجردها من الغطاء الاسلامي الذي ترتديه خداعا وتضليلا، فهذا هو السبيل الوحيد لإيقاف (المفارخ) التي تولد ارهابيين جدد، وقد شاهدنا كيف تقوم داعش بتربية الاطفال الصغار وترضعهم مبادئها الهدامة ليكونوا بعد سنوات قليلة ارهابيين جدد يستكملون دورها في تخريب المجتمعات العربية والاسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.