لم يعد من شكٍ إذًا ألا عداوة حقيقية بين الإسلاميين و العلمانيين، وأن العداوة مصطنعة لخداع السذج، وأن الحقيقة التي لا تقبل الشك أن بينهما علاقة مودة وتراحم ، لا بل أخوة ، بل توأمة ... فالحقيقة التي لم تعد تقبل الشك أن القاعدة الأساسية هي "التوأمة بين الأسلمة و العلمنة"! واعتبر –غير مأمور- بحال "حسن البنا" وأخيه "جمال البنا"، فإنهما يمثلان وبوضوح شديد جدًا حالة التوأمة الحقيقية بين الأسلمة والعلمنة. فالأخ الأول الأكبر هو زعيم التطرف والمتطرفين من الإسلاميين على مستوى العالم طوال القرنيين الماضيين بلا منازع إلا تلميذه البار "سيد قطب" والذي هو فرع من شجرته. والثاني من أعظم متطرفي العلمانيين وأشدهم غلوًا في العلمانية في مصر وعلى مستوى العالم أيضًا. ومع ذلك فلم يكن بينهما أي عداوة بل ولا خلاف قط على مدى حياتهما، وهو ما يثير الشك والريبة إلى أبعد الحدود ومما يؤكد نظرية "التوأمة". لقد كان ل"جمال" غرفة مخصوصة في مكتب الإرشاد ذكر "محمود عبد الحليم" في كتابه "الإخوان المسلمون وأحداث صنعت التاريخ " -و هو التأريخ شبه الرسمي للإخوان - أن حجرة "جمال" كانت مأوى ووكرًا لكل تارك و متهرب من الصلاة وأنه كان يتعاطي فيها الدخان بعلم أخيه الأكبر "حسن" بل و برضاه، ولما اشتكي بعض الإخوان (إخوان حسن البنا) مما عليه حجرة "جمال" أخبرهم "حسن" بأن ل "جمال" طريقة خاصة به! و هو أمر لا يمكن أن يكون مفهومًا من شخصٍ (حسن البنا) هو أكبر إرهابي ومتطرف عرفته البشرية في القرنيين الماضيين، وأول مؤصل ومحييٍ لفكر الخوارج في العصر الحديث والذي يكفر الناس بمجرد ارتكاب الذنب، فكيف يقبل بأن يكون في عرينه ومكتب إرشاده "وكر" لكل هارب من الصلاة أو متعاطٍ للدخان أو واقع في أنواع المعاصي التي يكفر بها الناس ولا ينكر ذلك بل و يرضى به ، ويتركه إلا إذا كان في الأمر سر ! والعجيب أن "حسن البنا" والذي كان يعارض و يختلف مع الدنيا كلها بفكره المنحرف ، لم يعترض يومًا على أفكار أو أفعال أخيه الصغير، لا لأنه لا يعرفها ولكن لكونه لا ينكرها ولكن لأنه يعلم أنهما إنما يكمل أحدهما عمل الآخر وأنهما يمثلان معًا جناحي المقص الذي يُفصل به عنق الدين عن جسمه، وأنهما معًا يمثلان السندان والمطرقة التي يحطم بها و يهشم رأس الدين فلا يبقى ! (ألا خيَّبَ اللهُ سعيكما) و كذلك لم يعترض "جمال" يومًا على أخيه الأكبر "حسن" بل دافع عنه و كتب كتبًا تؤرخ له و تمدحه و تثني عليه بكل ما هو جميل، وما زال كذلك حتى مات غفر الله له. فأي تناغم و تقارب غريب ومريب بين الشقيقين والذي لا تجده أبدًا بين مواطن عادي لا ينتمي للعلمانية ولا لغيرها وبين أخيه أو أبيه الإخواني أو العكس، ولعل الحادثة الأخيرة الشهيرة للإخواني الذي رفض طلب أبيه المحتضر بزيارته بالمشفى وذلك فقط لكون الوالد يحب "السيسي" لتعد أكبر دليل على غرابة العلاقة بين البنا الصغير وأخيه الكبير. ولا يمكن فهم ذلك إلا في إطار كونهما معًا يمثلان فرعين من فروع الماسونية العالمية، ولذلك فقد غيرا معًا اسميهما وانتسبا معًا ل"البنائين الأحرار" وتبرءا من أبيهما الشيخ "أحمد عبد الرحمن الساعاتي" فصارت نسبتيهما الجديدة على الكبر "البنا" بديلة عن "الساعاتي" والتي ذكرهما بها العقاد عفا الله عنه، ليكون انتسابهما إلى الماسون أقرب إليهما من انتسابهما إلى أبيهما. فهذا مثال واضح غاية الوضوح على "التوأمة بين الأسلمة و العلمنة" وإن كانت الأمثلة أكثر من أن يتسع لها مقالة أو اثنتين، إلا أن الإشارة تغني اللبيب ولنا عودٌة -إن شاء الله- ذلك. ولا يزال في الجعبة المزيد.