"مهنة البحث عن الموت".. ربما يكون هذا هو المسمى الأنسب لمهنة كانت توصف في السابق بأنها "مهنة البحث عن المتاعب"، ولكن مع مرور الوقت تحولت تلك المتاعب إلى مخاطر.. وما لبثت أن تتحول في نهاية المطاف إلى "الموت"، وسط حالة من "الصمت" داخل قلعة الحريات "نقابة الصحفيين"، التي غابت عن المشهد الدموي، واكتفت بالجلوس في مقاعد المشجعين. أبناء الجماعة الصحفية بدورهم أكدوا أن النقابة أصيبت هي الأخرى ب"الموت الإكلينيكى"، وليس الشهداء فحسب، خاصة في ظل انشغال وتقصير معظم أعضاء المجلس السابق، وابتعادهم عن قضايا المهنة، وانشغالهم بالظهور فى الفضائيات واقتناص المصالح الشخصية من وراء كرسى العضوية، ووسط كل هذا الضجيج تبقى مطالب أسر الشهداء معلقة في أعناق "نقيب الصحفيين الجديد" يحيى قلاش، والذى فاز بمقعد النقيب الجمعة الماضي باكتساح على منافسه "ضياء رشوان". "البوابة نيوز" حاولت رصد مطالب أهالى شهداء الصحافة من نقيب الصحفيين الجديد، الذي حملوه مسئولية استرداد حقوق أبنائهم والثأر. "عاوزة حق بنتي مش أكتر".. بتلك الكلمات لخصت والدة ميادة أشرف، شهيدة الصحافة، والتي استشهدت أثناء القيام بعملها في متابعة إحدى مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين بمنطقة الألف مسكن، مأساة أسرة فقدت "زهرتها" دون أن تعود "ميادة" لتروي صدور أم مكلومة تعيش على أمل القصاص لابنتها الشهيدة. والدة شهيدة الصحافة أعربت عن رغبتها في رؤية قتلة ابنتها خلف القضبان، قائلة: "عايزة أشوف اللى قتل بنتى بيتحاكم، مش دمها يروح هدر.. أنا عايزة زي ما قالوا إن الشرطة قتلت شيماء الصباغ وحاكموا المتسببين، يقولوا مين اللي قتل بنتي كمان ويحاكموهم". وأضافت: "أنا فرحانة جدًا بسقوط ضياء رشوان في انتخابات النقابة، وكنت بدعي ليل نهار إنه ما ينجح، معللة لأنه تعهد بأن دم بنتي في رقبته، وفي الآخر معملش حاجة، ودلوقتي دم بنتي بقى في رقبة النقيب الجديد يحيى قلاش، وأتمنى إنه ميعملش زي اللي سبقوا، ويرجع حقوق كل الصحفيين اللي ماتوا". "ميادة أشرف" لم تكن الابنة الوحيدة التي فقدتها الجماعة الصحفية، دون محاسبة المتورطين في إسالة دمائهم، فالحسيني أبوضيف كان أبرز تلك الوجوه التي غابت عن الساحة الصحفية، عقب استشهاده في ديسمبر 2012 على يد أنصار الإرهابية أثناء الاشتباكات التي حدثت بينهم وبين رافضي المعزول أمام قصر الاتحادية. أسرة "أبوضيف"، مازالت تبحث عن القصاص ممن تلطخت أيديهم بدماء شهيد الصحافة المصرية، فمن جانبه وصف سالم أبوضيف، شقيق الشهيد، موقف نقابة الصحفيين خلال الأعوام الماضية بأنه "غير مشرف"، مشيرًا إلى أن النقابة افتقدت الدور المهني والإنساني في التعامل مع أزمة الشهيد، كما تجاهلت بشكل كبير متابعة التحقيقات الجارية من أجل القصاص من قتلته. وأكد سالم، أن الدولة حتى الآن لم تعترف بكون الشهيد الحسيني أبوضيف من شهداء الثورة، ولم تلعب النقابة أي دور في ذلك الشأن حتى الآن. وأعرب عن أمله في أن يعلب مجلس النقابة بتشكيله الجديد تحت رئاسة يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الجديد، دورًا إيجابيًا في ذلك الشأن، من أجل الضغط على الحكومة لاعتبار "أبوضيف" ضمن شهداء الثورة، لافتًا إلى أن أسرة الشهيد تعمدت عدم التواصل مع "قلاش" خلال فترة حملته الانتخابية، حتى لا يعتبر ذلك متاجرة بدماء الشهيد.