بينما تسجل الاستثمارات في قطاع النفط والغاز في كل من قبرص وإسرائيل تقدما، فإن انطلاقها لا يزال ضعيفا وبطيئا في جارتهم لبنان، في الوقت الراهن، نظرا لحالة عدم اليقين السياسية والتوترات الأمنية التي تسود المشهد هناك . وحتى مطلع العام الجاري 2013 لم يكن بوسع بيروت وضع أرقام تقديرية حقيقة لاحتياطاتها من الغاز والنفط برا وبحرا، لتأخرها الشديد في استقطاب تكنولوجيا المسح الغربية . ويرى الخبير النفطي اللبناني، ربيع ياغي، أن لبنان يمتلك كميات كبيرة من الثروة النفطية والغاز، إلا أنه لا يمكن حصر هذه الكميات بأرقام مؤكدة قبل البدء بحفر الآبار التجريبية التي يمكن أن تكشف عن الكميات التقريبية للثروات النفطية الموجودة . وأضاف، في مقابلة هاتفية مع مراسل الأناضول، أن العديد من الشركات الراغبة بالحصول على رخص لاستخراج النفط اللبناني أجرت مسوحات زلزالية ثلاثية الأبعاد، حيث غطت هذه المسوحات نحو 90% تقريبا من المياه الإقليمية اللبنانية البالغة مساحتها أكثر من 22 ألف كم مربع أي ضعف مساحة لبنان البرية . وتابع “,”هذه المسوحات أثبتت أن لبنان غني بالثروات النفطية، وأن الكميات الموجودة تفوق ما تم اكتشافه في إسرائيل وقبرص البالغ حجمها نحو 40 تريليون متر مكعب، وتتخطى قيمتها ال 250 مليار دولار “,”. ولفت ياغي إلى أن تأخر بيروت في الخطوات التنفيذية للاستفادة من ثرواتها النفطية يرجع لشئون إدارية بحتة . وأطلق لبنان في مايو المرحلة الأولى من تقديم العروض لبدء التنقيب عن النفط والغاز والتي تأهلت إليها 46 شركة عالمية . وعن إمكانية وجود النفط في البر اللبناني، أشار ياغي إلى أن شركة “,”سبيكتروم“,” العالمية تقوم ببعض المسوحات في خمس مناطق في البر اللبناني، وعندما تنتهي من البحث سيتبين إذا ما كان النفط متوافر أو غير متوافر، مرجحا وجود كميات منه في البر . وحول إمكانية قيام إسرائيل بسرقة النفط اللبناني عبر الحفر الأفقي، قال ياغي إنه في ظل غياب الرقابة على المساحات البحرية يمكن ان تصل إسرائيل الى أبار قريبة من الحدود وسرقتها، خصوصا مع تطور التكنولوجيا الأميركية في تقنية الحفر الأفقي للآبار . وفي يوليو الماضي، قال وزير الطاقة والمياه اللبناني، جبران باسيل، إن اكتشاف إسرائيل حقلا جديدا للغاز على بعد 4 كم من الحدود اللبنانية، وهو حقل “,”كاريش“,”، يعني نظريا أنه بات لدى إسرائيل إمكانات للوصول إلى النفط اللبناني، مضيفا: “,”هذا أمر خطير ولا بد من الوقوف عنده “,”. وأوضح ياغي، أن الحل الوحيد لحماية ثروة لبنان النفطية، هو الإسراع والبدء فعليا بالتنقيب عن النفط في منطقة “,”جنوب الجنوب“,” المحاذي لإسرائيل واستخراجه، وقطع أي طريق على إسرائيل لمحاولة الوصول إليه وسرقته . وأشار إلى أن الوقت ليس في صالح بيروت، مشددا على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة وإضافة وزارة نفط وغاز مستقلة إلى الحقائب الوزارية . ومن جانبه يؤكد الخبير النفطي جورج براكس، وجود ثروات نفطية كبيرة في المياه اللبنانية، لافتا الى أن الفرق بين بيروت وبين الدول المجاورة لها كقبرص وإسرائيل هو بطء القرار السياسي، والخلاف الكبير الموجود في البلاد وتعطيل مؤسسات الدولة . وأضاف “,”إذا استمر التحرك في ملف استخراج النفط والغاز بهذا البطء فلن يستطيع لبنان بدء الإنتاج قبل العام 2020 “,”. وأشار بركس، إلى ضرورة اهتمام السلطات اللبنانية بملف النفط والغاز، وحل الخلافات السياسية التي تعطله، أو النأي به بعيدا عن تلك الخلافات، مشددا على ضرورة اتخاذ القرارات اللازمة لتسهيل الطريق أمام الشركات التي تقدمت بالمناقصات، والبدء بحفر الآبار سريعا لاستغلال هذه الثروة التي ستجعل لبنان من الدول المصدرة للنفط . الأناضول