لا يكاد مخترعو مصر من الشباب يخرجوا من "نقرة" حتى يقعوا في "دحديرة"، فمن بعد مشكلة تسجيل اختراعاتهم والحصول على براءة الاختراع وما يواجههم فيها من مشاكل الروتين والانتظار الشهور الطويلة حتى تقف في طريقهم صخرة "التمويل" الضخمة التي تكاد تقضي على أحلامهم، فبعد براءة الاختراع يجب الحصول على تمويل ضخم لتنفيذ الفكرة أو الاختراع ليخرج إلى النور في شكل جهاز أو ألة، ولا يخرج التمويل إلا من إحدى جهتين، إما الحكومة وهي مغلولة الأيد أمام التزامات كبيرة في اتجاهات أخرى، وإما القطاع الخاص بشركاته ودور رجال الأعمال في تبني الأفكار واحتضان المواهب وتمويل الاختراعات الجادة، وهو ما شكك فيه عدد من شباب المخترعين، حيث وقع بعضهم فريسة للباحثين عن الشهرة في المعارك الانتخابية أو من أجل السمعة ليقال أنهم يدعمون المخترعين، وأخيرا السطو على أفكارهم تحت مسمى "عقد احتكار". أكد المخترع عادل صابر أحمد أن 90% من تنفيذ الاختراع يحتاج إلى تمويل منذ بدايته لأن الفكرة تحتمل الصواب والخطأ وللتأكد منها يجب إجراء تجارب عدة مرات للتأكد من النتائج، وهي مشكلة تواجه المخترعين في مصر خاصة الشباب منهم لأن الدولة لن تمول كل الاختراعات، وكذلك لن تتبناها في شكل منتجات وأجهزة تقوم بتصنيعها، وهو ما يلقي بالكرة في ملعب القطاع الخاص والشركات الكبرى التي يمكن أن تستفيد وتفيد البلد، لكن ما يحدث هو عزوف مخجل منها عن الدخول في مجال تمويل ابتكارات واختراعات الشباب. وأضاف "صابر" أنه التقى بعدد من رجال الأعمال دون فائدة تذكر فبعضهم كان يريد أن يوقع معه عقد احتكار بحيث لا يحق له التعامل مع أي شركة أخرى آو جهة إلا بموافقته وهذا يقتل تفكير أي مخترع مثل د."صديق عفيفي"صاحب جامعة النهضة، والبعض أراد فقط التقاط الصور للدعاية في الانتخابات، وأخريين ليقال عنهم إنهم يدعمون المخترعين ويساندوهم وهذا غير حقيق. وبين المخترع الشباب الذي اخترع جهاز يمكن من خلاله توفير الكهرباء عن طريق التحكم في الإنارة بالهاتف المحمول، أنه لم يلق أي دعم إلا من أحد المخترعين الكبار وهو د. حسين بركات والذي له اختراعات في نفس مجال الكهرباء، وقد ساعده في شراء بعض المعدات التي احتاجها بطريق الصدفة بمبلغ 400 جنيه. وأشار "صابر" إلى أنه بعد أن أتم فكرته حاول ولا يزال يعرضها على وزارة الكهرباء لتبنيها وتنفيذها بحيث توفر على الدولة مليار ونصف سنويا، وتواصل مع المتحدث الرسمي باسم الوزارة د. محمد اليماني ووعده بالمساعدة لكن شيئا لم يحدث حتى الآن، مستنكرا أن يكون هناك 34 مركز لدعم وتطوير التكنولوجيا في مصر يتم توجيه الدعم المالي إليهم لمساعدة المخترعين ويتم انفاق تلك المبالغ الضخمة على انشاء قاعات اجتماعات لا يجوز لأي مخترع أن يستفيد بها أو أن تعقد حتى مؤتمر فيها للإعلان عن مشروعه وهو ما يعني أن الدعم في مجال الاختراعات لا يذهب أيضا لمستحقيه. وضم المخترع "محمد ماهر سليمان" صوته إلى صوت سابقه في شكواه من تخلي الحكومة عن دعمها للمخترعين خاصة في بداية مشوارهم العلمي، مطالبا بوجود ما يشبه القرض الحسن بملبغ يمكنه من تنفيذ اختراعه حتى يرى النور ويقوم بسداده عندما يقوم بتسويقه وتتبناه إحدى الشركات أو يدعمه أحد رجال الأعمال، وأن توفر للمخترع آليات وفعاليات لتسويق تلك الاختراعات، فهي لديها وزارة للصناعة والاستثمار لماذا لا يتم استغلالهما في الترويج للاختراعات وهو ما سيعود على البلد كلها بالنفع. وأشار "سليمان" إلى أن رجل الأعمال دائما خائف من اختراع ابن بلده كعادة المصريين في الشك في أي منتج وطني، وكأنها عقدة الخواجة التي تسيطر علينا، رغم اننا نشجع المنتج الوطني في مختلف المنتجات ونستخدم المواد الخام المصرية في تنفيذ اختراعاتنا، وهذا يحتاج إلى حملات مدعمة من الدولة لتشجيع رجال الأعمال لاقتحام سوق ومجال الابتكارات. ونوه المخترع "محمد" إلى أن هناك من يستغل جهل شباب المخترعين ويقوم بالسيطرة والسطو على حقوقهم الفكرية من خلال توقيع عقد احتكار مقابل مساهمته في تنفيذ الفكرة. كذلك أبدى المخترع "بلال معوض" استياءه من تنكر الدولة لمخترعيها رغم أنهم عماد نهضتها والسبيل إلى تقدمها، قائلا أنه من المفترض أن يكون لدى أكاديمية البحث العلمي أو الوزارة نفسها دليل بالشركات التي لها رغبة في تنفيذ الاختراعات المختلفة كل بحسب مجاله وتخصصه، كذلك يكون لديها ألية للتعاون بينها وبين رجال الأعمال في الترويج لأهم الاختراعات، فلا تترك المخترع يواجه الصعوبات بمفرده خاصة في ظل غياب ثقافة تمويل الاختراعات عند رجال الأعمال. وردا على اتهامات شباب المخترعين تجاه رجال الأعمال بعزوفهم عن تمويل الاختراعات جاء إعلان د. صديق عفيفي الاقتصادي المعروف عن تأسيس أول شركة لتمويل الاختراعات للشباب بمشاركة مجموعة من رجال الأعمال المصريين تحت اسم " إبداع المصريين" والغرض منها تمويل وتسويق الاختراعات والابتكارات، وهو ما أوضحه "عفيفي" مبينا أنه من خلال هذه الشركة سيتم اكتشاف المبدعين من المبتكرين والمخترعين من الشباب والطلاب والاستفادة من قدراتهم الابداعية.