قرر صندوق النقد الدولي إعفاء ثلاث من الدول المضارة بشدة بتفشي وباء الإيبولا القاتل، ليبيرياوغينيا وسيراليون، من ديون متراكمة عليها قيمتها 100 مليون دولار (بما يعادل 65 مليون جنيه استرليني). البلدان الثلاثة تتعرض لضغوط لا تطاق بسبب الأعباء المالية التي ألقيت على كاهلها لدى مواجهتها وباء الإيبولا الذي تفشى ليضيف المزيد من الأعباء والمصاعب على اقتصاداتها التي تعاني في الأصل ضغوطًا شديدة. وحث صندوق النقد الدولي غيره من المؤسسات الدولية والجهات المانحة باتخاذ خطوات مماثلة لتخفيف حدة الضغوط المالية والاقتصادية على الدول المضارة بالفيروس، مشيرًا إلى أنه أنشأ "صندوق لمحاصرة الكارثة وعلاج آثارها" وتقديم منح للدول التي تعاني الأوبئة وغيرها من الكوارث الطبيعية. ومن المقرر أن يتولى "صندوق الإغاثة" تقديم المساعدات لكل من ليبيريا وسيراليون وغينيا حتى تتمكن تلك الدول الوفاء بديونها المستحقة عليها للمؤسسة الدولية، كما قام صندوق النقد الدولي بتقديم 160 مليون دولار كقروض جديدة بدون فائدة، تخفيفا على بلدان غرب أفريقيا الثلاثة من الأعباء. كانت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد، قالت إن صندوق الإغانة "يستهدف تحفيز الدعم للدول المتضررة بوباء الإيبولا، علاوة على الدول الأقل دخلا التي ربما تتأثر قطاعات الصحة العامة فيها بكوارث مستقبلية، ويمثل ذلك نموذجًا قويًا لمدى مرونة وفعالية صندوق النقد الدولي وابتكاره لاستجابات تلبي الاحتياجات التي يتطلبها أعضاء في عالمنا المشترك". وبحسب التقارير الصادرة عن الصندوق لقي أكثر من 8 آلاف إنسان مصرعه بسبب فيروس الإيبولا، الذي أسقط القطاعات الصحية المتردية أصلا في غينياوليبيريا وسيراليون تحت ظروف عمل قاسية للغاية. كانت أولى حالات لظهور المرض في ديسمبر 2013، غير أن التشخيص لم يتم فعليا إلا في مارس 2014، حين أعلنت منظمة الصحة العالمية في أغسطس من العام نفسه، أن الأوضاع أصبحت خطرة وتستدعي إعلان حالة الطوارئ. وفي الوقت الذي رحبت فيه جهات مانحة بالخطوة، كانت هناك مخاوف بينها من الضغوط والمتاعب التي ستتحملها الدول المدينة جراء تلقيها ديون جديدة ستتراكم على عاتقها مع ما تتحمله من ديون قديمة. وحسب الجهات المروجة لتقديم مساعدات، فإن ديون غينياوليبيريا وسيراليون المستحقة لمصلحة صندوق النقد الدولي سترتفع من 410 ملايين دولار إلى 620 مليونًا خلال السنوات الثلاث المقبلة، لأن ال 415 مليون دولار المخصصة كقروض جديدة تم منحها قبل الإعلان عن مساعدات ومنح للدول المضارة بالوباء. وعبرت حملات مروجة لتقديم منح للدول المضارة عن ترحيبها بما وصفته "إلغاء سداد الديون المستحقة خلال العامين أو الأربعة أعوام المقبلة تعد خطوة مرحب بها في ضوء تأثر الدول بوباء الإيبولا"، وجاء ذلك على لسان تيم جونز، مسئول السياسات في "حملة يوبيل الديون"، غير أنه استدرك الأمر قائلًا: "لكن تقديم قروض جديدة يعني أن ديون غينياوليبيريا وسيراليون سترتفع بصورة حقيقية، فالمنح يتعين أن تقدم لكي تستطيع تلك الدول أن تواجه تأثير وباء الإيبولا، وليس تحميلها بمزيد من القروض التي تترك ديونا ظالمة ينبغي سدادها على مدى العقد المقبل." ودعا تيم جونز البنك الدولي بالقيام بخطوة مماثلة لإلغاء الديون عن كاهل الدول المتضررة بالإيبولا قائلا: "الدول الثلاث من المقرر أن تسدد 11 مليون دولار للبنك الدولي خلال العام المقبل، ولا شك أن قيام البنك الدولي بمطالبة سداد تلك الأموال سيكون أمرًا مخزيًا". وتقدر "حملة يوبيل الديون" أن غينيا ستعفى من سداد مدفوعات ديون قدرها 30.2 مليون دولار من الآن وحتى سبتمبر 2019، وليبيريا ستعفى من 36.4 مليون دولار حتى نوفمبر 2018، وسيراليون 29.2 مليون دولار حتى ديسمبر 2016. وقدر البنك الدولي أن البلدان الثلاثة ستفقد فرص نمو اقتصادي بقيمة 1.6 ملياردولار على الأقل بسبب وباء الإيبولا، الذي يعبر خبراء عن أملهم في البدء في احتوائه والسيطرة عليه في حال تطبيق ممارسات دفن واكتشاف مبكر لحالات المرض في تلك الدول. من جانبها، أعلنت غينيا أنها ستعمل على تعزيز مخصصاتها للإنفاق على القطاع الصحي في موازنتها في حال إعفائها من الديون، الأمر الذي سيوفر لها مبالغ تصل إلى نحو 45 مليون دولار سنويا. وقال رئيس جمهورية غينيا، ألفا كوندي، الذي أطلق دعوة إعفاء الديون وحصل على وعود صندوق النقد الدولي على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" في اجتماع الشهر الماضي، حيث التقى كريتسين لاجارد مديرة الصندوق، ورئيس البنك الدولي جيم كيم. كان صندوق النقد الدولي قدم في نوفمبر الماضي 300 مليون دولار كتمويل إضافي لمحاربة المرض في البلدان الثلاثة عبر "توليفة من الديون المخففة، وإعفاءات دين، ومنح" ومن ناحيتها، أعلنت بريطانيا عن مساعدة إضافية للاقتصاد السيراليوني الذي تضرر بشدة من وباء الإيبولا، وأعلن صندوق استثمار سي دي سي البريطاني الحكومي بالتعاون مع مصرف "ستاندارد شارترد" الدولي، عن توفير ما قيمته 50 مليون دولار في شكل قروض قصيرة الأجل للشركات المتضررة من نقص التمويل، على أن يتقاسم الصندوق مخاطر القروض المقدمة إلى الشركات مع البنك. ويعلق وزير التنمية البريطاني، جوستين جرينينج، قائلا إن "الشركات والمشروعات الخاصة تعد أمرا حيويا لتعافي سيراليون خلال عام، ومن خلال معدلات النمو الجديدة التي أظهرتها تلك الشركات فإنها ستحصل على ما تحتاجه من تمويل من أجل النمو" وخلق المزيد من فرص العمل.