أرسى مجلس الدولة، اليوم السبت، مبداً هاماً فى مجال الحياة الوظيفية يتمثل فى أحقية العاملين والموظفين بالجهات الإدارية والهيئات والوزرارات والقطاعات الحكومية فى تقديم الشكاوى ضد رؤسائهم فى العمل فى حالات وقوع ضرر مباشر عليهم أو فى حالات الإخلال بالواجبات الوظيفية وإرتكاب المخالفات المالية والإدارية. وقالت المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية، إن تقديم الموظفين العموميين شكاوى ضد رؤسائهم فى العمل لا يقتضى العقوبات التأديبية، فلا يوجد ثمة قانون ينص على ذلك ولا أى حكم من أحكام الإدارية العليا. وأوضحت المحكمة أنه إذا تم إحالة ومجازاة كل من يتضرر من رئيسه أو يتقدم بشكوى ضده أو ضد غيره- لإحاطة السلطات المختصة والرئاسية بوجود مخالفات - ولو كانت فقط من وجهة نظره كذلك لأدي ذاك إلي إحجام العاملين عن تقديم شكواهم والإبلاغ عما يصل لعلهم من مخالفات وهو ما يتنافى مع المنطق والعقل وتأباه الحياة الوظيفية وطبيعتها. وفندت المحكمة مبدأها أنه لا يقيد العامل في الإقدام علي الشكوى أو الإبلاغ إلا قيدين الأول إن يكون القصد من ذلك المصلحة العامة، والثاني الالتزام بالقانون وما تفرضه النصوص القانونية واللوائح . وفى هذا الصدد قضت المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية، برئاسة المستشار حسام فرحات نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين حسين ناجي وهاني فتحي بهلول، بحضور ممثل النيابة الإدارية هشام طه وسكرتارية عماد عبد الحميد، ببراءة سمر عبد العظيم عبد العظيم أخصائي رياضي بإدارة شباب حي جنوبالجيزة سابقا، وحاليا بمديرية الشباب والرياضة بالجيزة بدرجة كبير من إساءات استخدام حق الشكوى بأن أسندت لرئيسها المباشر ناصر عثمان حسين مدير الإدارة ولستة عاملين متعاقدين وقائع مخالفة للحقيقة ثبت عدم صحتها وعدم مخالفتها للقانون بقصد الأضرار بهم مع علمها بذلك. وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها أن الوقائع المسندة ل" سمر " فى تحقيقات النيابة الإدارية غير ثابتة في حقها ثبوتا كافيا ويقينيا علي النحو الذي تطمئن إليه المحكمة ولا علي النحو الذي تري معه وجود ثمة ذنبا إداريا أو مخالفة قانونية تعاقب معها المحالة. وأضافت المحكمة أنه بمطالعة الأوراق والتحقيقات والإطلاع علي شهادة الشهود والتقارير والأوراق المرفقة، تبين للمحكمة عدم وجود ذنبا إداريا من المحالة يستأهل مجازاتها تأديبيا ومعاقبتها عليه، لأنه تبين أن أصل الواقعة والتي أحيلت بشأنها المحالة يتحصل في أنها تقدمت بشكوى شفاهية لوكيل الوزارة تضررت فيها من مسلك رئيسها في العمل المدعو ناصر عثمان حسين – مدير إدارة الشباب والرياضة بحي جنوبالجيزة، وطلب منها وكيل الوزارة التقدم بشكواها كتابية ورسميا وهو ما كان، وتضمنت شكواها ضد المذكور سوء معاملته لها لاسيما بعد حصولها علي درجة كبير أخصائيين، وتلفظه بأقوال تنال وتقلل من شانها ومن شان الحاصلين علي نفس درجتها ومن ذلك قوله ( قاصدا الحاصلين علي درجة كبير- كثيرين ومتلقحين ولا عمل لهم )، كما أنه سحب كثيرا من اختصاصات المحالة والذي يعد من صميم عملها وإسناده لغيرها ، وانحيازه إلي شباب العاملين بالإدارة ممن يعملون بمكافأة شاملة، حيث كان يخصص لهم كراسة خاصة للتوقيع فيها حضورا وانصرافا بعيدا عن الدفتر المخصص لذلك والمعتمد من إدارة شئون العاملين والانصراف فضلا عن عدم حضورهم للإدارة. وأوضحت المحكمة أن ما جاء بشكوى وأقوال المحالة على نحو ما تضمنته شكواها لا يعدو كونه شكوى من تضررها من مسلك رئيسها تقدمت بها إلى السلطة الرئاسية المختصة ولم تتضمن ثمة إساءة ولا خروجا عن المألوف ولا يوجد بها مخالفة قانونية تنسب إليها ولم ترتكب ما يعد منها خروجا علي مقتضي الواجب الوظيفي ولا حتى علي اللياقة أو الواجب ألاحترامي للوظيفة وللرؤساء. وبينت المحكمة أن حق الشكوى مكفول دستورياً وأن للعامل أن يبلغ عن المخالفات التي تصل إلى علمه - بل أن هذا الإبلاغ واجب عليه - توخياً للمصلحة العامة، طالما لم يخرج عند قيامه بهذا الإبلاغ عما تقتضيه واجبات الوظيفة العامة من توقير الرؤساء واحترامهم وكان قصده من الإبلاغ الكشف عن المخالفات توصلاً إلى ضبطها".