أن تقيم سيدة في العقد الخامس من عمرها دعوى «خلع» على زوجها فهو شيء طبيعى ومكرر في محاكم الأسرة يوميًا، ولكن أن تقيم «السيدة وابنتها» العشرينية دعوى «الخلع» في نفس المحكمة، وأن تنتظر كلاهما الأخرى حتى تنتهى من جلستها، فتلك هي المفارقة. على أعتاب إحدى قاعات المداولة بمحكمة زنانيرى للأسرة، التقت «البوابة» ب«أسماء. ع» الفتاة العشرينية التي جاءت للمحكمة حتى تقيم دعوى «الخلع» على زوجها «الأنانى» الذي لا يرى في الوجود إلا نفسه وكفى، منتظرة والدتها «زينب.م» التي تخطت عامها الخمسين، وقررت الحصول على حريتها، مقاومة جميع الظروف التي تقف عقبة في طريق انفصالها عن زوجها منذ زواجها منه قبل «35» عامًا، بعد زواج جميع بناتها، ولم يتبق سوى ابنتها الصغرى، وبعد تفاقم الخلافات مع زوجها، الذي قرر الاستعانة ببلطجية للاعتداء عليها، وقام بإحداث جرح قطعى في وجهها بالسكين، فتركت المنزل له ومعها ابنتها الصغيرة التي تخطت سن ال«16»، وذهبت للإقامة في منزل ابنتها الكبرى مع زوجها وأطفالها، وبحثت عن وظيفة للإنفاق على ابنتها، وعندما وجدت جميع الأبواب مُغلقة لم تجد سوى فرصة عمل ك«خادمة» في أحد المنازل، وقالت: «لم أجد سوى الخلع، فرصة للخروج من السجن الذي كنت أعيش فيه مع زوجى، والد بناتى الست الذي طالما تحملته منذ أن تزوجته قبل 35 عامًا، وتحملت إهانته لى واعتداءه الدائم عليّ، وعلى بناتى بالضرب وباللفظ قبل زواجهن، لدرجة إنه كان يعذبهن أحيانًا حرقًا بالنار. وتابعت «زينب» حديثها: «ولكن بعد أن زوجت خمسا من بناتى ولم يتبق لى سوى ابنتى الصغرى زادت الخلافات بيننا، وأصبح يضع لى «السكين» تحت الوسادة حتى أسمع كلامه في كل شيء، وفى آخر خلاف بيننا حاول قتلى ذبحًا بالسكين، وعندما تدخلت بناتى لإبعاده عنى، قام بإحداث جرح قطعى في وجهى، وقام بضرب البنات «بالحزام»، ثم استأجر عددا من البلطجية لضربى وطردى من المنزل». بعد تلك المشاجرة قررت عدم العودة إلى منزلى، وأخذت ابنتى منه خوفًا عليها وعلى مستقبلها، وأقمت دعوى الخلع عليه. أما حكاية «أسماء.ع» ابنة «زينب» فلم تختلف كثيرًا عن مأساة والدتها، حيث قالت: «تحملت والدى كثيرًا وتصرفاته، حيث لم أجد منه حنية الأب التي تريدها كل فتاة في سنى من أبيها، ولكن وجدت أبشع أنواع المعاملة السيئة والمُهينة، حيث كان يضربنى أنا وأشقائى دائمًا «بالحزام»، أو يقوم بالاعتداء علينا «بالحرق»، وعندما تقدم لى أول عريس، وافقت عليه للخلاص من جهنم المعيشة مع والدى». وتستطرد الفتاة العشرينية حديثها: «ولكن نار أبويا كانت أرحم»، بهذه الكلمات عبرت «أسماء» عن خيبة أملها في الخلاص من البؤس الذي ترعرعت فيه: «بعد زواجى اكتشفت أن زوجى مدمن للحشيش، ولا يرى سوى نفسه في كل شيء بالحياة، فحياته أولًا ومأكله أولًا ومزاجه أولًا، ومن بعدها الطوفان». تحملت في البداية تلك الظروف، وتحملت أيضًا تصرفات والدته معى وتدخلها في كل أمر يخص علاقتنا الزوجية، ولكن بعد عام ونصف العام، اكتشفت أن الجنة تحولت لجحيم، وأن الإدمان دمر علاقتى به، كأزواج ودمر أيضا علاقته بابنه الصغير، فلم يعد يكترث بالإنفاق علينا، وأصبح يتركنى بالأسابيع في المنزل وحيدة بدون أي أسباب، وعندما كنت أسأله عن أسباب اختفائه كان يقول لى: «إنت هنا خدامة وبس». ولكن قرار والدتى بالانفصال عن أبى، جعلنى أتخذ قرار الانفصال بكل شجاعة، فلن أستطيع أن أتحمل «35» عامًا ك«والدتى»، حتى أتخذ هذا القرار، فعام ونصف العام يكفى من الإهانات والإهمال لحقوقى كأم وزوجة. من النسخة الورقية