للمرة الثالثة.. محافظ المنوفية يوافق على النزول بدرجات القبول في بعض المدارس الفنية    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    إعلان موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 الثانوية العامة خلال ساعات.. الكليات والمعاهد المتاحة (رابط)    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    20 أغسطس 2025.. الدولار يواصل الارتفاع أمام الجنيه لليوم الثالث    20 أغسطس 2025.. أسعار الذهب تتراجع بقيمة 20 جنيها وعيار 21 يسجل 4520 جنيها    توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين اقتصادية قناة السويس وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    إزالة 29 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في الشرقية ضمن الموجة ال 27    «الإسكان» تعلن مواعيد حجز شقق سكن مصر 2025 و«جنة» و«ديارنا» إلكترونيًا (تفاصيل)    تغيير اسم مطار برج العرب الدولي إلى مطار الإسكندرية الدولي من 4 سبتمبر المقبل    بدء تلقى طلبات اشتراكات الأتوبيس الترددى لطلاب المدارس والجامعات 1 سبتمبر    وزير خارجية ألمانيا: هدف الجميع هو حل الدولتين وهذا يعني دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام مع إسرائيل    مدبولي: مصر تعتزم استضافة النسخة الخامسة من منتدى أسوان خلال أكتوبر المقبل لمناقشة أبرز القضايا الأفريقية    مصر ترحب بالجهود الدولية لإحلال السلام في أوكرانيا    وزير الخارجية يؤكد لرئيس الوزراء اللبناني دعم مصر الكامل لاستقرار لبنان    قرية الشرقاوية بكفر الشيخ تستعد لتشيع جثمان والد كابتن محمد الشناوى    اليوم.. الزمالك ينهي استعداداته لمواجهة مودرن سبورت    الدوري المصري والسوبر السعودي.. جدول مباريات اليوم الأربعاء    الزمالك: منفحتون على التفاوض وحل أزمة أرض النادي في 6 أكتوبر    طلاب الدور الثاني بالثانوية العامة يؤدون اليوم امتحان الرياضيات البحتة    تنفيذ حكم الإعدام فى قتلة المذيعة شيماء جمال.. انفوجراف    ضبط شخص يستغل طفلين في أعمال التسول واستجداء المارة بالجيزة    إصابة 16 شخصًا في تصادم سيارتين بسفاجا    إحباط محاولة 4 عناصر جنائية جلب وتهريب مواد وأقراص مخدرة ب350 مليون جنيه في مطروح    حالة الطقس اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025 في مطروح وسيوة والسواحل الشمالية    أحمد وأحمد يحتل المركز الرابع في منافسات شباك التذاكر وريستارت في المركز الخامس    اليوم بروض الفرج.. انطلاق المهرجان الختامي لشرائح ونوادي مسرح الطفل في دورته الأولى    بعد أسبوع عرض.. كم حقق فيلم درويش في شباك تذاكر السينما المصرية؟    اليوم.. افتتاح معرض السويس الثالث للكتاب بمشاركة واسعة من قطاعات الثقافة ودور النشر المصرية    رئيس هيئة الرقابة الصحية: مستشفيات جامعة الإسكندرية شريك رئيسي لنجاح التأمين الصحي الشامل    هل يمكن لمريض السكري تناول الأرز الأبيض دون مخاطر؟ (تفاصيل)    دعما للمنظومة الصحية.. إطلاق حملة للتبرع بالدم بمشاركة رجال الشرطة في الوادي الجديد (تفاصيل)    من القاهرة إلى نيويورك.. الخبز البلدي المصري خيار صحي يصل للعالمية    محافظ الفيوم يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفولة    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    سلامة الغذاء تفحص شكوى ضد أحد المطاعم الشهيرة وتتخذ الإجراءات القانونية ضدها    حمزة نمرة: حلمي بالكمال كان بيرهقني جدًا    بعد تداعيات الجراحة الثانية.. شقيق أنغام يدعو لها بالشفاء    قافلة "زاد العزة" ال19 تعبر ميناء رفح لإيصال المساعدات إلى غزة    سنقاتل لتحقيق بكأس.. محمد صلاح يعلق على فوزه بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    أحمد ياسر: زيزو لا يستحق الحصول على 100 مليون وإمكانياته أقل من ذلك    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    رعاية القلوب    ذات يوم 20 أغسطس 1953.. إذاعة صوت العرب تحرض المغاربة ضد نفى الاحتلال الفرنسى للسلطان محمد الخامس.. و«علال الفاسى» يبكى أثناء تسجيل كورال أطفال نشيد «يا مليك المغرب»    ويجز يحيي حفلا بمهرجان العلمين الجمعة 22 أغسطس (اعرف شروط الدخول)    الرهائن ال20 والإعمار، ويتكوف يكشف وصفة إنهاء حرب غزة    أول تعليق من محمد صلاح بعد التتويج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025 بالصاغة بعد آخر انخفاض    مصطفى قمر يهنئ عمرو دياب بألبومه الجديد: هعملك أغنية مخصوص    الإليزيه: ربط الاعتراف بفلسطين بمعاداة السامية مغالطة خطيرة    مصدر أمني ينفي تداول مكالمة إباحية لشخص يدعي أنه مساعد وزير الداخلية    محافظ شمال سيناء يلتقى رئيس جامعة العريش    المقاولون العرب يهنئ محمد صلاح    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهاني الجبالي:حوار مع قيادة إخوانية.. "تمصير الإخوان" أم "مراجعة واجبة"
نشر في البوابة يوم 15 - 08 - 2013

المستشارة تهاني الجبالي رئيس حركة الدفاع عن الجمهورية
* د. الهلباوي صوت للتفكير العاقل في زمن شهوة سلطة الجماعة
* “,”الهلباوي“,” تواصل بعد ثورة 25 يناير مع القوى والشخصيات الوطنية وأنا منهم
أكن تقديرًا خاصًا للقيادي الإخواني د. كمال الهلباوي، فقد حاول الرجل التواصل منذ عودته من لندن بعد ثورة الشعب المصري في 25 يناير 2011 مع العديد من القوى والشخصيات الوطنية و“,”أنا منهم“,”، وحاول أن يكون صوتًا للتفكير العاقل في زمن شهوة السلطة والنكبة التي أضاعت فيها “,”الجماعة“,” أي فرصة لبناء توافق وطني، بعد أن منحها التسامح الثوري فرصة تاريخية بعد ثمانين عامًا من الصراع بينها وبين مصر الدولة والسلطة والشرعية، فمارست الاستعلاء والتمكن للمشروع الخاص على حساب المشروع الوطني المأمول، انتظر الشعب المصري أن تبني وطنًا فتآمرت على خرابه، حتى خرج الشعب المصري إليها باحتشاده التاريخي ثائرًا على نظام الجماعة، ليسحب منها ما منحها إياه وبقرار شعبي لا بالسلطة، وبحظر تاريخي لأن يسمح “,”لتنظيم دولي متعدٍ لفكرة الوطنية ذاتها“,” أن يحكم مصر.
ولسوف يبقى لهذا الشعب العظيم الحق في محاسبة التنظيم وقياداته أمام دولة القانون والمحاكمة العادلة، ولن يقبل تنازلًا ولا مساومة على هذا الحق، فمَن ارتكب جريمة تحالف مع أعداء وطنه أو خيانة عظمى لشعبه أو فسادًا سياسيًا أو اقتصاديًا أو ثقافيًا أو استغل نفوذه في جمع المال الحرام لا يجب أن يفلت من العقاب، أما غير هؤلاء ففي الوطن متسع للجميع بل يجب أن نسعى معهم لبناء توافق مجتمعي يعصم الأمة من حالة إفشاء الكراهية والرفض والإقصاء.
هذه المقدمة كانت واجبة قبل أن أحاور القيادي الإخواني د. كمال الهلباوي فيما نشره بمقالين لسيادته على صفحات جريدة “,”الدستور“,” الغراء في زاويته “,”محاولة للفهم“,” وبعنوان “,”تمصير الإخوان“,” وقد تابعت بكل اهتمام من أقوال حسن البنا مؤسس الجماعة استدلالًا على مفاهيم بعينها “,”الوطنية - القومية العربية - الأمة الإسلامية“,” في مراجعة تاريخية حاول فيها أن يفصل بين مرحلة التأسيس وما آل إليه الأمر على يد القيادة التي انهارت على يديها الجماعة في هذه المرحلة.
ولأنني ممن يعتقد أن حق الشعب المصري في قراءة نقدية تاريخية لمسار “,”جماعة الإخوان“,” التي خرجت منذ ثمانين عامًا بمشروعها وتنظيمها وممارسات قياداتها المتعاقبة ثم بتحالفاتها في الداخل والخارج هو استخلاص مهم لمصر شعبًا ومستقبلًا، وأن القراءة الدقيقة لأدبياتها المسجلة والمقروءة في توازيها مع الحركة الوطنية المصرية بل وصراعها معها بتنويعاتها المختلفة ثم تكرار محاولات الاستيعاب ثم الصدام معها في ظل سلطة حكم الملكية ثم الجمهوريات المتعاقبة وما آل إليه هذا الصراع في هذه المرحلة هو أمر بالغ الأهمية لربط الماضي بالحاضر والمستقبل، خاصة أنها تقف بتنظيمها وتحالفاتها في هذه المرحلة الدقيقة بعد وصولها للسلطة وحكم مصر في مواجهة مع الدولة المصرية والشعب المصري الذي قاوم بسلطاته ومؤسساته مشروع الاجتياح بالتمكين والأخونة طوال عام من حكم الجماعة حتى خرج في موجته الثورية في 30/6/2013 لإسقاط نظام الإخوان ذاته، متطلعًا لنجاح الدولة الوطنية المصرية وطموح شعبها لبناء الجمهورية الثالثة على أسس من ركائز الاستقلال الوطني والدولة الديمقراطية الحديثة ونظام الحكم المحصن ضد الفساد والاستبداد وفي وطن عادل يقف على مسافة واحدة من أبنائه بتعدديتهم السياسية والدينية والثقافية والاجتماعية.
وإن النقد الذاتي والنقد المجتمعي لتاريخ ودور الجماعة، هو خطاب للعقول لا لأصحاب المناورات والمؤامرات ومن يمارسون الزيف والاستلاب العقلي لقواعدهم الشعبية باسم “,”الشرعية والشريعة“,” بينما كل ما يطمحون إليه هو الخروج الآمن مع حلفائهم في الخارج حتى لو كان ذلك على حساب حرق الوطن وضياع أمنه القومي وتمزيق شعبه ووحدته.
ربما لهذا كله رأيت أن أحاور القيادي الإخواني الكبير د. كمال الهلباوي فيما ورد بمقاله فقد نقل عن الشيخ حسن البنا قوله “,”إن دعاة الوطنية لا يعنيهم إلا تلك البقعة المحدودة الضيقة من رقعة الأرض وأن الوطنية قد تقسم الأمة إلى طوائف تتناحر “,”بالوطنية الحزبية“,” وقد اعتبر حسن البنا حدود الوطنية تتحدد بحدود العقيدة، وأن هذا كان مكمن الفتوحات القدسية التي أدهشت الدنيا بالسلف الصالح بما عرف فيها من عدل ونبل وفضل“,”، ثم اختتم د. الهلباوي مقاله من هذا الاستدلال باستدلال آخر من قول حسن البنا في رسالة وجهها للشباب “,”أنه يرى الوطنية في مصر ثم في الإسلام، وكان الرئيس ناصر يراها في القومية العربية، وأنه اليوم يراها البعض في جزء من مصر فقط“,”.
إن هذه النتيجة الخطيرة هي ما دفعتني لحوار كاتب المقال ربما لأننا بحاجة لأن نذكر بعضنا البعض بأن جزءًا من ضياع هذه الأمة ارتهن بعدم دقة المصطلحات وعدم دقة نقل الوقائع والمعلومات، وعدم شجاعة مراجعة الخطأ والاعتراف به!
فالمعلوم أنه فارق كبير بين الأمة “,”بمفهوم سياسي“,” والأمة “,”بمفهوم عقائدي“,”، فالإسلام بعد سقوط نظام الخلافة العثمانية تحول إلى “,”أمة عقيدة“,” تجمع كل مسلم بالمسلم أينما وجدوا وهي في رأي “,”أمة أقوى“,” من تلك التي قامت سياسيًا على التشبث ب“,”الملك العضود“,” الذي سخر فيه بعض الحكام “,”حتى باسم الخلافة“,” الدين من أجل مصالح استمرار الحاكم ولو كان فاسدًا أو مستبدًا، فبعد عبور الإسلام مراحل تقدم الدولة القائمة على الإسلام الحضاري الذي لم يروع شعبًا في خصوصيته وتاريخه وثقافته وتنوعه، وإنما انطلق تعليم الدين الحنيف الذي عانق هذه الشعوب تحريرًا للإنسان عقلًا وقلبًا، وبنى منهجًا للحياة استفادت منه تجارب الحضارات والشعوب لا ملكًا ولا سلطانًا، هذه المراحل الحضارية في التاريخ لم تنف مراحل أخرى من الانحطاط السياسي والحضاري استخدم فيه الدين لمساندة “,”حكم عضود“,” لا “,”خلافة راشدة“,” بعضها كان من الضعف والفساد والاستبداد حتى أضاع الأندلس قديمًا وأضاع فلسطين حاضرًا.
إن التناقض بين رؤية حسن البنا لحدود الوطنية بأنها حدود العقيدة مع ما نؤمن، يستند إلى أن مفهوم الوطنية المصرية لدينا يمتد بالذاكرة الوطنية لدولة حضارة هي الأسبق؛ لأنها ابنة السبعة آلاف عام، وهي المكان الذي اختاره الخالق سبحانه معبرًا للحكمة ولكل الأديان والأنبياء في دلالة على أن مصر كل وليست جزءًا.
وكانت الوطنية المصرية هي التي قدمت إسهامًا ذاتيًا وحضاريًا في ستة قرون سادت فيها المسيحية فأضاءتها بتجليات تحمل خصوصية مصر حتى في ممارسة العقيدة المسيحية، ثم تكرر المشهد إسهامًا في بلورة وبناء منهج الوسطية الإسلامية لتصبح رمانة ميزان في ظل ما بعد الفتح الإسلامي لها، حيث خرج هذا الدين الحنيف بعصارة مصر فأضاءت بأزهرها الشريف في رحابة فكرية إسلامًا لا يعرف التصنيف الطائفي بداخله وقدرة على التعبير الأسمى عن وسطية إسلامية حضارية وسط تيارات التشدد حولها يمينًا ويسارًا.
ولم تكن الوطنية المصرية مقطوعة الصلة بذلك في ظل بناء الدولة الحديثة التي بدأت مع ثورة علمائها الذين سلموا السلطة لقائد عسكري هو محمد علي باشا ليبدأ مشروع رد الاعتبار للذاتية المصرية استقلالا عن سلطة الاحتلال العثماني وما اعترى دولة الخلافة من تحلل وضعف، فكان استقلال مصر انطلاقًا لأداء دورها الجغرافي والتاريخي لولا تكالب أعداء هذا الوطن على المشروع وعليها.
ثم كانت الوطنية المصرية في رؤية عبدالناصر وثورة يوليو 1952 وهي حلقة جديدة غير منقطعة الصلة بعمقها التاريخي هي التي أعادت اكتشاف دوائر الهوية وتكامل المرور معها بلا تناقض فلم تقتصر كما ورد بالمقال على ربطها ب“,”القومية العربية“,” بل أسست وحددت دوائرها الثلاث، “,”الدائرة العربية“,” حيث مقومات أمة سياسية “,”ممكنة“,” التوحد بمقومات الجغرافيا والتاريخ والثقافة المشتركة والمصالح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في عالم يتشكل على الكيانات الكبرى لا على شظايا التقسيم الاستعماري، ثم حددت الدائرة الإفريقية انتماءً جغرافيًا يحتوي على أمن مصر القومي في شريان حياتها “,”منابع النيل وروافده“,” فوصفت مصر “,”الدور في خدمة الهدف“,” ثم حددت “,”الدائرة الإسلامية“,” وفيها انتمت مصر للعالم الإسلامي احترامًا لأمة العقيدة لا “,”أمة السياسة والدولة الواحدة“,”.
وقدمت مصر المشروع الإسلامي العصري “,”الموحد والجامع“,” لشعوب وقبائل ما لم يقدمه أحد حين عكست “,”عالمية الدعوة وليس خندق الدولة“,” فأنشأت منظمة المؤتمر الإسلامي في ستينيات القرن الماضي، وبذلت الجهد والمال والرجال ومبعوثي أزهرها وعلمائها وطاقاتها المبدعة إلى كل ربوع الأرض نشرًا للقيم فكان للدول الإسلامية بنيان عصري لا يتناقض مع طبيعة التكتلات في العصر الحديث ولا يقوم على غزو أو فتح تجاوزته البشرية، وإنما على تكامل وتراحم وتعاون “,”أمة عقيدة“,” وبناء المواقف التي تخدم أهدافها ويليق بمقامها الحضاري في احترام التنوع والمخزون الحضاري لهذه الشعوب ولا يفتعل تناقضًا بين ذاتيتها الوطنية وانتمائها للإسلام كعقيدة.
إن هذا الوضوح للمشروع والهدف هو الذي مكن لمصر الدور بوطنيتها وعروبتها وإفريقيتها وإسلامها لتلعب دورًا رئيسيًا في عالمها بالمساهمة في إنشاء ما سمى بكتلة الميزان “,”دولة عدم الانحياز والحياد الإيجابي والتعايش السلمي“,”.
وفي عالم ثنائية القطبين المتصارعين “,”الغرب والاتحاد السوفيتي“,” في القرن الماضي ومازالت مجموعة ال77 تبحث عمن يبعث فيها روحًا جديدة ودورًا جديدًا في عالم يتنازعه الآن المشروع الكوني للولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها، وتصارع فيه الجميع لمنع تحول العالم لمتعدد الأقطاب فيما هو قادم.
وربما الحرب التي تمارس على مصر الآن عبر أدوات الجيل الرابع للحروب بالوكالة هو أحد تجليات الصراع القائم للحيلولة دون نهوض هذا البلد مصر بدوره القيادي دولة وشعبًا وبمقوماتها الذاتية التي كثيرًا ما غيرت معدلات القوى تاريخيًا.
إن الخلط بين الهويات والأدوار وافتعال التناقض بينها هو أحد أهم أسباب الخلاف الفكري مع مشروع “,”جماعة الإخوان“,” التي ترى بعين تاريخية تناقضًا بين أن نمارس كوننا وطنيين وعروبيين وإسلاميين وأيضًا أفارقة وأصحاب دور في عالمنا ليس عنوانه “,”العقيدة الدينية“,” على قيمتها ورحابتها في ضميرنا الجمعي حضاريًا.. إن المحنة هي في “,”العقل والمفاهيم“,” التي ظلت على مقولات حسن البنا ومن تلاه من قادة الجماعة ولم تمارس نقدًا ذاتيًا لفكرها وتنظيمها ومسارها التاريخي بل سمحت باستخدامها أداة في يد أعداء مصر الوطنية والعربية والإسلامية وتآمرت عليها جغرافيًا وتاريخيًا، ثم تحولت وهي في موقع السلطة والحكم لعبء حقيقي على الدولة والشعب في محنة تعاملها مع مصر من منطلقات أنها “,”جزء“,” وليست “,”كل“,” وبعقلية “,”طظ في مصر“,”!
وإذا كنا نعيش حتى هذه اللحظة تداعيات آثار المحنة والحريق الذي يحيط الوطن بالخطر ويمارس فيه الضلال والخيانة بزراعة الإرهاب المادي والمعنوي، يسعى لزلزلة وطن بتقسيم شعبه وشرذمته وهدم جيشه الوطني ودولته العريقة “,”لا العميقة“,” في جريمة تقديمه لمشروع أعدائه ودائمًا باسم “,”المشروع الإسلامي ونصرة الأمة الإسلامية“,”، فعن أي مشروع وأمة نتحدث؟!
يخطئ من يظن أن مصر قد غادرها وعيها الجمعي، فضمير هذا الشعب يختزن “,”خبرة الزمن“,” وهو ما يستدعي حوارًا إمامته العقل، يختلف عن إعادة إنتاج مفاهيم حسن البنا وجماعته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.