إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة، حرقا ونشر فيديو مروع يبين طريقة إعدامه، جاء امتدادا للسياسية الدعائية التي يحرص تنظيم داعش على نشرها منذ سيطرته على عدة مناطق في العراقوسوريا، حيث يحمل الفيديو رسائل تهديد لكل من يشارك في التحالف الدولي للقضاء على داعش وهدفه واضح وهو ترويع وتخويف كل من يقف ضد هذا التنظيم. صور إعدام الطيار الأردني بطريقة وحشية بإضرام النيران فيه حيا هي المرة الأولى التي يلجأ فيها التنظيم إلى هذه الوسيلة بعد أن نشر في فيديوهات سابقة إعدام الرهائن بالذبح أورميا بالرصاص. الفيديو السينمائي الذي تم تصويره من زوايا مختلفة وبطريقة احترافيه أتاحتها تكنولوجيا العصر في إعداده وتوزيعه فيما لم تكن تلك الوسائل متاحة في العصور الوسطى لتسجل حرق "جان دارك" الملقبة بعذراء "أورليان" التي اتهمتها المحكمة بتهمة الهرطقة وعدم الإخلاص للديانة المسيحية فكانت عقوبتها الحرق حية وعمرها لم يتجاوز 19 عاما لتسجل ملحمة تاريخية في فرنسا هي بطلتها الشعبية. ورغم أن محاكمة جان دارك وإعدامها حرقا تعد أحد المواقف المخزية المحفورة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية التي اعترفت في عام 1455 م بأن حرقها كان خطأ وأعلنتها في عام 1920 م قديسة إذ تحتفل الكنيسة بعيد القديسة جان دارك في يوم موتها في 30 مايو من كل عام . وفي شهر فبراير عام 2015 يدور التاريخ دورته مرة أخرى ليسجل بطلا جديدا ، أعدم حرقا ليس لشيء وبدون جريرة إلا أنه يحمل الجنسية الأردنية . حدد تقرير صادر عن الأممالمتحدة مؤخرا حول داعش ، أهداف الفيديوهات التي يبثها هذا التنظيم في هدفين رئيسيين هما تخويف السكان المدنيين في المناطق الخاضعة للتنظيم، والهدف الثاني هو دعائي لاستقطاب المقاتلين الأجانب وجلب مزيد من الدعم لخزائن داعش .. مؤكدا انه يرغم المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ على مشاهدة عمليات الإعدام في معظم الأحيان كما يرغم أهالى المعارضين له على مشاهدة عمليات إعدام ذويهم في المناطق التي يسيطرون عليها . داعش ليست تنظيم الجهاد الوحيد الذي يحارب في سورياوالعراق وبالتالي فإن ذراعه الإعلامي يمثل سندا قويا لاستقطاب "مجاهدين" بدلا من التحاقهم بتنظيمات منافسة وأبرزها تنظيم القاعدة، ولعل إصرار التنظيم على تصوير جميع عمليات إعدامه لرهائن أجانب نابع من رغبة داعش في تقديم نفسه على انه المحارب الأول للإمبريالية العالمية. ويظهر فيلم سابق لداعش عملية إعدام 22 جنديا من الجيش السوري اعتقلهم التنظيم في محافظة برقة وقدر خبراء أمريكيون تكلفة تصوير هذا الفيلم ومدته 16 دقيقة ب200 ألف دولار بالنظر للمعدات الاحترافية وطريقة الإخراج التي اعتمد عليها بالإضافة إلى أن التصوير تم في مواقع مختلفة وليس في موقع واحد والفيديوهات التي ينشرها تنظيم داعش ليست فقط إلا وسيلة من بين وسائل اعلامية وتسويقية اخرى لجأ اليها منذ نشأته صيف العام الماضي حيث قام في خطوة مفاجئة بنشر كتاب من 400 صفحة على المنتديات الجهادية يضم جميع العمليات التي قام بها في العراقوسوريا ويسخر داعش الالاف من المجاهدين الرقميين الذين لا يقتصر تواجدهم في سورياوالعراق بل يتعداه إلى مناطق في أوروبا واستراليا وكندا لدعم مهمتهم وإدارة حساباتهم الرقمية ودعايتهم الاليكترونية. حرب داعش الدعائية اتخذت بعدا جديدا بعد إعدام معاذ الكساسبة حرقا والذي اتبعه في نفس أسلوب حرق القديسة جان دارك اعظم بطلات فرنسا والتي مازال السينمائيون والملحنون يستلهمونها في العديد من الأعمال باعتبارها اكثر الشخصيات شعبية في أوروبا والتي تم حرقها بسبب بدعة اتبعتها وهي التشبه بالرجال وتنكرها في زي فرسان ومحاربتها للأعداء مثل القادة .