بات تسيبراس رئيس حزب سيريزا اليسارى المتشدد قاب قوسين أو أدنى من أن يكون أصغر رئيس وزراء يونانى منذ 150 عاما، وأول رئيس يسارى منذ 1970، وذلك بعد أن حقق تحالف سيريزا تقدما على حزب الديمقراطية الجديدة الحاكم في الانتخابات البرلمانية التي جرت أمس الأحد، في اليونان. انتهت معركة تسيبراس الانتخابية بفوز تاريخى ليدخل بعدها معركة جديدة وهى معركة الوفاء بوعوده الانتخابية، تلك الوعود التي تضمنت خمسة أمال لليونانيين وهى إنهاء سياسة التقشف المفروضة على البلاد منذ خمسة أعوام، وإعادة التفاوض على الديون الضخمة المتراكمة على اليونان والتي تمثل 175 في المائة من إجمالى ناتجها القومى، ورفع الحد الأدنى للأجور، وإلغاء بعض الرسوم للأكثر فقرا، ومنح تأمين صحى لكافة المواطنين مجانا، مؤكدا أنه لا يعتبر نفسه ملزما بمطالب "ترويكا" الدائنين (صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوربي والبنك المركزي الأوروبي). نتيجة الانتخابات البرلمانية اليونانية تمنح الأمل لباقى الدول الأوربية التي تعانى من التقشف، أملا في أن ترأسها أحزاب جديدة تنهى حالة التقشف التي تعانى منها منذ فترة، والتقشف هو مصطلح يشير في علم الاقتصاد إلى السياسة الحكومية الرامية إلى خفض الانفاق وغالبا ما يكون ذلك من خلال تقليص الخدمات العامة، وفي كثير من الأحيان تلجأ الحكومات إلى الإجراءات التقشفية بهدف خفض العجز في الموازنة، وغالبا ما تترافق خطط التقشف مع زيادة الضرائب. لقد مارست العديد من الدول تلك السياسة ومن أبرزها اليونان، التي شهدت الكثير من موجات الغضب الشعبي العارمة حيال تطبيق تلك السياسة وحرمان الشعب من جزء من الرفاهية المطلوبة، حيث تبقى سياسة التقشف هي الحل الوحيد أمام أي دولة تعانى من مشكلة اقتصادية مثل العجز في الموازنة وانخفاض الايرادات مقارنة بالنفقات العامة للدولة إلى أن تقوم تلك الدول بزيادة الإنتاجية وبالتالى زيادة ايراداتها حتى تخرج من تلك الأزمة. رئيس الوزراء اليونانى المنتهية ولايته أنتونيش ساماراس أقر بخسارته وقال إنه غير نادم على شكل إدارته للبلاد في السنوات الخمس الماضية، مبررا ذلك بأنه تلقى بلدا على شفير الدمار، وطُلب منه محاولة إنقاذها، وأضاف أن "معظم الناس لم يصدقوا أنه بوسعنا الوقوف صامدين، ولكننا صمدنا، والآن اليونان آمنة، وتسير ببطئ نحو الخروج من الأزمة". وقد عانت اليونان منذ خمس سنوات من تخفيضات حادة في ميزانيتها مقابل خطة الإنقاذ التي جرى التفاوض بشأنها مع ما يطلق عليه "ترويكا الدائنين"، وهي لجنة دولية ثلاثية تضم الاتحاد الأوربي وصندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوربي، وشهد اقتصادها انكماشا حادا منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وهو ما فاقم من معدلات البطالة وزج بالكثير من اليونانيين إلى دائرة الفقر. هذا هو الوتر الحساس الذي عزف عليه أليكسيس تسيبراس، زعيم سيريزا "40 عامًا" خلال حملته الانتخابية إذ وعد اليونانيين بأن يعيد حزبه "الكرامة" إلى اليونان من خلال إلغاء خطط التخفيض على الوظائف والأجور والمعاشات، التي ألحقت الضرر بالملايين في أنحاء البلاد، ويأتى هذا على الرغم من تخفيف سيريزا حدة موقفه منذ اندلاع أزمة منطقة اليورو، حيث قال إنه يريد لليونان البقاء عضوا في اتحاد العملة، لأنها أقدم دولة عضو في الاتحاد الأوربي واليورو. ولكن فوز سريزا أثار المخاوف من تعثر اليونان في سداد ديونها وخروجها من منطقة اليورو، والعملة الموحدة الذي يضم 19 دولة من دول الاتحاد الأوربي، نتيجة فشله، وتباينت رود الفعل حيث قال رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون إن الفوز الذي حققه اليسار الراديكالي في انتخابات اليونان التشريعية هو مبعث قلق في أوربا حيث ويرفض حزب سيريزا، الفائز في الانتخابات معالجة الوضع الاقتصادي لبلاده عبر سياسة التقشق التي فرضها الاتحاد الأوربي. وقال كاميرون في تغريدة على تويتر إن "الانتخابات اليونانية سوف تزيد القلق الاقتصادي في أوربا"، فيما أعربت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل المتمسكة بانتهاج سياسة متشددة في الميزانية عن ثقتها في إيجاد حلول جديدة هادئة، قائلة أنها تريد أن تستمر اليونان على الرغم من التعارض والخصومات جزء من تاريخنا0 وقال تسيبراس بعد تأكد فوز حزبه في الانتخابات التشريعية إن "الحكومة الجديدة ستكون مستعدة للتعاون والتفاوض للمرة الأولى مع شركائنا حول حل عادل ودائم وقابل للحياة يصب في مصلحة الجميع"..ويأمل تسيبراس في أن يرفع الحد الأدنى للأجور في اليونان وإلغاء بعض الرسوم للأكثر فقرا، كما أكد طوال الحملة الانتخابية أنه يأمل من دائني البلاد خفض دين اليونان الذي يشكل 175 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي ويبلغ 300 مليار يورو. وأشار إلى أنه ومع احترام المؤسسات الأوربية وعدم السعي إطلاقا إلى إخراج اليونان من منطقة اليورو، لا يعتبر نفسه ملزمًا بمطالب "ترويكا" الدائنين (صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوربي والبنك المركزي الأوروبي).