تأتي تصريحات الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله عن البحرين، والتي وصفها ب"إسرائيل الثانية، وما يجري فيها شبيه بالمشروع الصهيوني، استيطانا واجتياحا وتجنيسا"، كما لو كانت تجربة الحكومات الإسلامية في المنطقة قد نجحت وآتت أكلها ولم تخلف دمارا وفوضى وحروبا في الدول التي شهدت تجارب حكم الإسلاميين، وأولها لبنان "واحة العروبة" التي تحولت بفضل نصر الله إلى دولة مفتتة هزيلة. تصريحات السيد نصر الله تأتي ردا على التحقيق مع أمين عام جمعية الوفاق البحرينية علي سلمان، الرجل الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تكرار تجربة حزب الله في البحرين، لكن بفضل تصدي الحكومة البحرينية لمخططه وتوقيفه والتحقيق معه حول الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب البحريني من عمليات إرهابية ومحاولة لإفساد المشهد السياسي في المملكة، تم وقف المشروع الشيعي في البحرين، وهو ما أقلق الأذرع الشيعية في المنطقة وجعلها تلقي الاتهامات جزافا على حكومة البحرين والتي بسبب مواقفها المتزنة والحكيمة نجحت في كسب تأييد كل الحكومات العربية ومجلس التعاون الخليجي الذي عبر عن وقوفه بجانبها في الهجمة الشرسة التي تتعرض لها. تصريحات نصر الله يقصد بها تحطيم البحرين وإخضاعها لسلطان الولي الفقيه كما أخضع الجنوب اللبناني عنوة لإيران، كما تكشف عن حقد دفين وطائفية عفنة يحاول نصرالله تصديرها لمملكة البحرين، وهو ما سيفشل فيه حتما لثلاثة أسباب: أولا: أن تجربة الإسلاميين بصفة عامة أو "الحكم الأصولي" لم ينجح أبدا في المنطقة العربية، التي تكشف خصائصها عن وعي حقيقي لشعوب ترفض مفهوم الدولة الدينية أو الاثنى عشرية التي يحاول نصر الله فرضها على البحرين، فلم تنجح التجربة الإسلامية أو مدعية الإسلامية، لا في السودان، الذي قسمته لدولتين، ولا في الصومال الذي يعيش في دولة فاشلة ومثلها اليمن، وكذلك لم تنجح في القرن الماضي في الجزائر وأخيرا في مصر أحدث نموذج لنقمة الشعوب العربية على الأنظمة التي تستند إلى مرجعيات دينية في الحكم، حيث تم إسقاط نظام الإخوان بواسطة الشعب وليس الجيش بعدما تبين فشلهم وبعد عام واحد من الحكم، فهل يتصور نصر الله أن الشعب البحريني سينخدع مرة أخرى في الوفاق" وينصت لما تقوله؟ ثانيا: إن تجربة زرع الخلايا الشيعية في الدول لإضعافها هي تجربة قديمة بدأت في لبنانوالعراق ولم تتمكن من تحقيق أي انجاز على تنوعها في الدولتين، ففي حالة لبنان يظل "حزب الله" مجرد شوكة في ظهر الحكومة اللبنانية تعمل دائما على إعاقة أي عملية تنمية أو تحول سياسي حتى أصبحت لبنان دولة ثكلى بفضل جرائم نصرالله في حق اللبنانيين والذين أقام ضدهم عدة مذابح في الحروب الأهلية هناك، أما في العراق التجربة الأقرب للبحرين، فلا يغيب عن متابع أن العراق لم يعد عربيا ولا حتى دولة ذات سيادة بعد أن خربت الطائفية العراق العربي، وحولته إلى دولة فاشلة في كل المجالات تتلاعب بها القوى والتيارات الإرهابية حتى صار المواطن العراقي يستحق الشقفة بعد أن وجد نفسه بلا دولة وبلا حكومة تحميه من الإرهابيين، فهل ينتظر نصر الله مثل هذا في البحرين. ثالثا: أن تصريحات نصر الله يمكن لأي عاقل أن يدرك طائفيتها منذ الجملة الأولى، فما معنى أن البحرين هي "إسرائيل الثانية، وما يجري فيها شبيه بالمشروع الصهيوني، استيطانا واجتياحا وتجنيسا"، فعل تحتل البحرين أرضا ليست عربية كما تفعل إيران في أقليم الأهواز العربي؟ ثم إن حديث نصر الله عن التجنيس يبدو كما لو كان المجنسين في البحرين يأتون على ظهر الدبابات ليتم تسكينهم بالقوة في البحرين وبناء مستطونات لهم، وليسوا مجرد عمالة قديمة وافدة اقتنعت بالمملكة وحققت شروط عملية التجنيس كما يحدث في أي دولة في العالم، حيث يقول نصرالله "هناك استيطان واجتياح في البحرين، ويؤتى بالناس من كل أنحاء العالم ويعطون جنسية ووظيفة، وابن البلد الأصلي تسلب منه أبسط الحقوق، وأمام أي موقف يسجن أو تنتزع منه الجنسية"، فمن قال أن أي بحريني سلبت منه وظيفته أو تم تهجيره من منزله لصالح الوافدين، الذين معظمهم جنسيات عربية مسلمة؟ ثم يتحدث نصر الله عن بحرين أخرى في وهمه المستقبلي الذي ينتظر فيه أن "يأتي يوم ويسكن البحرين شعب آخر كما يعمل الصهاينة في فلسطين ليسكنها شعب آخر" فأي شعب يتصوره نصر الله ليسكن مكان الشعب البحريني؟ الحقيقة أن تصريحات نصر الله وإن كانت تسيء فهي تسيء إليه وحده وتجعل جميع شعوب الوطن العربي، التي ربما اغتر بعضها بنصر الله في حرب تموز 2006، لكنها اليوم أصبحت على يقين من بغضه وكرهه لأي مواطن عربي ليس تابعا لولاية الفقيه، كما تأكدت من طائفيته في حديثه الكريه عن البحرين التي هي بفضل حكومتها الرشيدة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، قدمت الكثير والكثير للعالم العربي حيث لا يجد الوافد العربي نفسه غريبا في البحرين العربية بل يعتبرها بيته ووطنه الثاني، والتي تقدم اليوم نموذجا في الإصلاح السياسي والتنمية لصالح المواطن لم يعد موجود حتى في إيران، التي يستند إليها نصر الله في حديثه الطائفي!