"إني لا أعترف بأي نتاج أدبي فني ناتج من سكر أو خمر، لأني أعُلي من قيمة العقل، والذي لا يجوز العبث به أو المساس به".. هكذا قال يحيى حقي عن نفسه. صاحب "قنديل أم هاشم" و"البوسطجي"، ولد في السابع من يناير عام 1905 لأسرة لها جذور تركية في القاهرة ببيت صغير متواضع من البيوت التي أقامتها وزارة الأوقاف بدرب الميضة خلف المقام الزينبي في حي السيدة زينب بالقاهرة، وكان والده محمد إبراهيم حقي قد حرص، كعادة أسرته، على الزواج من سيدة تُركية الأصل تجيد القراءة والكتابة وتُدعى سيدة هانم حسين، حيث التقت أسرتاهما في بندر المحمودية بالبحيرة، وبالفعل تزوجا ليُنجبا ثمانية أبناء كان ترتيب يحيى منهم الثالث، وكان قصير القامة، لايزيد طوله عن المتر إلا "بِلُكَّمِيَّة"، حسب وصفه لنفسه، وكان ذو وجه وردي اللون، ورأس كبير زحفت جبهته حتى منتصفه، وله فم لا تفارقه البسمة الخجول الغامضة، واعتاد على ارتداء النظارة منذ الطفولة، وكان زملاء حقي يتندرون عليه لأدبه الزائد، واستخدامه كلمة أفندم التركية، دائمًا، وكانت نشأته في بيت لم يعرف الفروق الطبقية أو الجنسية، جعلته قريبًا من الجميع، رغم أنه كان خجولًا.