"إني لا اعترف بأي نتاج أدبي فني ناتج من سكر أو خمر، لأني أعُلي من قيمة العقل والذي لا يجوز العبث به أو المساس به.. من حسن الحظ ألا ينقطع عن ذكرك أناس، ولا ينقطع عن نسيانك أناس، وأن ينساك أناس ثم يذكروك". هذه بعض الكلمات التي خلدها التاريخ للروائى الكبير يحيى حقى، أحد رموز هذا الوطن ومعالج معظم فنون القول، الذي نحتفل اليوم 7 يناير بميلاده - عام 1905 -. ولد "حقي" في أسرة ميسورة الحال في القاهرة وقد حصل على تعليم جيد حتى انخرط في المحاماة حيث درس في معهد الحقوق بالقاهرة وكان تخرجه منه في عام 1925، ويعتبر علامة بارزة في الأدب والسينما، وأحد كبار الأدباء المصريين بجانب نجيب محفوظ ويوسف ادريس. كما يُعد رائدًا لفن القصة القصيرة العربية، فهو أحد الرواد الأوائل لهذا الفن، وخرج من تحت عباءته كثير من الكُتاب والمبدعين في العصر الحديث. قضى "حقي" عمره كله في الخدمة المدنية، وعمل بالسلك الدبلوماسي المصري، وتم تعيينه في منصب مستشار بدار الكتب والوثائق القومية. وعن مجاله الأدبي فقد نشر أربعة مجموعات من القصص القصيرة، ومن أشهر روايته "قنديل أم هاشم"، وكتب العديد من المقالات والقصص القصيرة الأخرى، وترأس تحرير مجلة "المجلة" من عام 1961 إلى 1971. عالج "حقي"، معظم فنون القول، من قصة قصيرة ورواية ونقد ودراسة أدبية وسيرة ذاتية ومقال أدبي، كما ترجم عددًا من القصص والمسرحيات، وإن ظلت القصة القصيرة هي هواه الأول. وبعد آخر كتبه "ناس في الظل" عام 1974، صمت ورفض ممارسة الكتابة بأنواعها، صائحًا دون خجل: "قلت كل شيء ولم يعد عندي ما أقوله، حتى لا يتناقض مع نصيحته للقارئ أن يتأمل لنفسه بنفسه كيف يدب الخداع والكذب في المؤلفات التي تسعى لاسترضاء الجمهور". وهكذا نال التقدير بصدقه ورؤيته، كما قالت حيثيات جائزة الملك فيصل العالمية في منحها له عام 1990، إن "الفن لا قيمة له إن لم يكن إيمانًا وتواصلًا يدفعان الحياة ويضيفان الجمال والأمل". كان "حقي" صادقًا مع نفسه أولًا، فتواصل القراء والمبدعون معه، وكان ينشر كتاباته في صحف بسيطة مثل جريدة العمال والمساء والتعاون، خاصة تلك التي وقّعها تحت أسماء مستعارة منها: عبد الرحمن بن حسن، المؤرخ المصري الشهير "الجبرتي"، لبيب شاكر فضل الله، أبو شنب فضة قصير، يحيى حقي. بعد توقف يحيى حقي عن الكتابة لعدة سنوات، أصدر عام 1991 كتابه الرائع "خليها على الله"، قبل وفاته في 9 ديسمبر 1992. .