"إيقاع" تتناول مطربي المهرجانات بوصفهم مبشرين ب "الغناء الجديد" -"الشللية" تسيطر على كل شيء.. ولا حلول جاهزة لدينا -غياب المدارس النقدية تسبب في ضياع التصنيف لأشكال الكتابة الأدبية -الثورة طرحت تحديات جديدة على الكتابة الأدبية يبرز اسم "وجدي الكومي"، بين أدباء جيل الشباب، باعتباره واحدًا ممن قدموا عددًا كبيرًا من التجارب المتنوعة، بين القصة والرواية، خلال فترة زمنية قصيرة، حيث صدرت روايته الأولي العام 2008. وخلال حواره مع "البوابة" يعدد "الكومي" أبرز علامات كتابته ويشرح أجواء كتابته لروايته الجديدة، كما يلقي الضوء علي أبرز المشكلات التي تواجه إبداعه ليلفت في النهاية إلي أن غياب المدارس النقدية تسبب في أزمة ضياع التصنيف الواضح لأشكال الكتابة الأدبية. -تناقش في روايتك الجديدة "إيقاع" ظاهرة الأغاني الشعبية، حدثنا عن أبعاد العمل؟ من العجيب أن الفن غير المألوف دائما، ينجح بالحظر، ويتفوق بالمنع المستمر، كلما أمعن المحافظون في حصار الأنواع الجديدة من الفن، كلما منحوه المشروعية والوجود، هكذا منع عباس العقاد مبدعي قصيدة التفعيلة ممن رغبوا في الثورة على الشكل الجامد من الشعر، ثم لم يلبث هؤلاء الممنوعين أنفسهم، أن لعبوا نفس الدور المحافظ الجامد، مع مبدعي قصيدة النثر، وهكذا تناولت مطربي المهرجانات في روايتي الرابعة بوصفهم المبشرين لمد جارف ومتطور من أشكال الغناء التي ستطغى خلال الفترة القادمة، لأنه لا يمكن تهميشه وحصاره. -أصدرت مجموعة قصصية واحدة فهل لديك اهتمام باستكمال ما بدأت أم أنك ستكمل ككاتب رواية فقط؟ لا أعرف فعلا، وليس لدى خطط مسبقة، أكتب القصة القصيرة متي رغبت في ذلك، وأكتب الرواية كلما رغبت أيضا في ذلك، وأعشق كليهما، القصة القصيرة والرواية، ولا أعجز عن كتابة أي منهما، وأظن أنني سأعاود كتابة القصة القصيرة بعد وضع اللمسات الأخيرة على الرواية التي انتهيت من كتابتها. -حصلت علي منح أدبية فهل ساعدتك علي الانجاز الروائي وصياغة تصور مختلف عن العالم؟ أنا محظوظ لأنني حصلت على منح أدبية من الصندوق العربي للثقافة والفنون، وكذلك منحة إقامة أدبية جعلتني أتفرغ ثلاثة أشهر كاملة في سويسرا، بعيدا عن هموم وأشغال الحياة حيث أتاحت لي تفرغا كاملا، أعتقد أنه ساهم في إنجاز هذا العمل بقدر كبير من التركيز والفعالية، لذا الأديب بحاجة للدعم الأدبي والفني، لكتابة أعماله الأدبية. -نلمس في أعمالك اتجاها صريحا نحو الواقعية فهل لنا تصنيفك اديبا واقعيا؟ من السهل أن يصنفني البعض بأنني أكتب أعمالا واقعية، وللأسف غياب المدارس النقدية الحقيقية أسهم في وضع أشكال الكتابة في غير موضعها الحقيقي، من السهل أن تقول حينما تراني أكتب عن الثورة مثلا، أو عن أحداث حقيقية وقعت قبل 2011، أن تقول إنني أكتب أعمالاً واقعية، كأن الكتابة الواقعية تخلو من الفانتازيا، وكأن الفانتازيا هي فقط حكايات السلاحف والأسماك التي تقذفها السماء، ولكن أعتقد أن من الأفضل للحكم على كل كتابة، أن نتفق أولا على معايير نقدية، ما هي الكتابة الواقعية؟ هل هي الكتابة التي تخلو من الاسماك الطائرة، والبشر ممن تتدلى من ظهورهم زعانف، لا أرغب أن أكون مثيرا لاستفزاز البعض، لكن بالتأكيد هذه ليست فانتازيا، أو واقعية سحرية، لقد تخطينا هذه المفاهيم، وصار الواقع كله فانتازيا الآن، وفى الحقيقة من الصعب أن نصنف الكتابة التي تنطلق من قصص واقعية بانها كتابة واقعية، بينما نكرر في أريحية عبارة "الواقع محض الخيال". -هل ترى أن واقع ما بعد الثورة في طريقه لتشكيل كتابة جديدة؟ بالفعل طرحت تحديات جديدة على الكتابة الأدبية بعد الثورة، نحن الآن أكثر حرية من ذي قبل خاصة فيما يتعلق بتناول تيمة الديكتاتور، وأصبحنا أحرارا أكثر لتناول موضوع الثورة في كتبنا، الأهم هو أن مبارك صار رئيسا سابقا في أعمال لم يتم كتابتها بعد بواسطة كتاب شبوا وشابوا في عهده. -لديك 4 أعمال أدبية ولك عمل خامس جاهز فكيف تنظر الآن لأعمالك القديمة؟ أنظر لها بكل حب، أرجع إليها فأشعر بالغبطة من طزاجة التجربة، وهو ما يمنحها بعدا أدبيا عزيزا، أحبها من أجله، وأنظر أيضا بحسرة إلى بعض الأدوات التي أفسدها تحولي إلى الحرفية، صرت الآن روائيا محترفا، وهذا أفقدني للأسف روعة التجربة الأولى، جرأة اختيار الموضوعات، الرغبة السريعة في إنهاء الكتاب. -ما هي أهم المشكلات التي تواجهك في الواقع الثقافي؟ أشعر بالضيق مثل كل الكتاب لغياب التقدير، والنقد الجيد، وسيطرة شلل بعينها على كل شيء، هذه مشكلات تواجه الجميع، الكل يشكو منها، ولا حلول جاهزة لدينا، ولكن أنساها تماما بمجرد العمل على مشروع جديد، وهو ما يمنحني قوة وبأسا للمواصلة.