أصدرت اليوم الاثنين محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة حكما حسمت فيه قضية الحاخام اليهودى يعقوب أبو حصيرة. وطبقت المحكمة كما ورد في حيثياتها الثوابت العلمية والتاريخية والأثرية التي قام بها علماء الغرب في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا قرابة قرن من الزمان التي اتفقت على أن اليهود لم يكن لهم أي تأثير يذكر على الحضارة المصرية، ولم يساهموا بأى قدر في المعارف البشرية لتاريخ الحضارة، كما طبقت فيه أحكام الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى فضلا عن تعرضها لدراسات في القانون الدولى بشأن القدس العربية المطلوب نقل الرفات إليها لبيان مدى مشروعية طلب سلطة الاحتلال المبدى لمنظمة اليونيسكو، وأكدت المحكمة في خمسة طلبات صدر بها الحكم بكل الأسانيد والبحوث العميقة وأفردت لكل طلب منطوق على حدة بما يحدث تكاملا في الموضوع. واعتبرت المحكمة قرار وزير الثقافة الأسبق الصادر في يناير 2001 باعتبار ضريح الحاخام اليهودى أبو حصيرة والمقابر اليهودية حوله من الآثار الإسلامية والقبطية معدوما وينطوى على خطأ تاريخى جسيم يمس تراث الشعب المصرى، وألزمت الحكومة المصرية بشطب ضريح الحاخام اليهودى أبو حصيرة من السجلات الوطنية وإعلان قرار الشطب بالوقائع المصرية، وألزمتها كذلك بإبلاغ قرار الشطب للجنة الدولية الحكومية " لجنة التراث العالمى " بمنظمة اليونيسكو بعد أن أبلغها وزير الثقافة بأن الضريح أثر إنسانى واعتبرت المحكمة أن إيداع الترجمة المعتمدة من الصورة الرسمية من الحكم وثيقة وسند في الإبلاغ لتلك المنظمة، كما رفضت نقل الرفات لإسرائيل لتعارضه مع مبدأ نبش القبور في الإسلام. واعتبرت طلب إسرائيل المبدى لمنظمة اليونيسكو بنقل رفاته للقدس بفلسطين أحادى الجانب وتجاهل للسلطات المصرية المختصة، وقد كشفت المحكمة عن الالتفاف الإسرائيلى لدى منظمة اليونيسكو بطلب نقل الرفات إلى القدس لتكون المنظمة شاهدة على تكريس فكرة يهودية الدولة على الأراضي الفلسطينية وتغيير هوية القدس العربية من خلال طلب ملغوم بنقل رفات أبو حصيرة للقدس العربية وهو ما يجب أن تفطن إليه تلك المنظمة، واعتبرت المحكمة أن الترهيب بمعاداة السامية هو نوع من الترويع الفكرى الجديد وهو أمر ترفضه الأعراف والتقاليد الدولية. وأصدرت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة الحكم في خمسة طلبات هي أولا: إلغاء قرار وزير الثقافة رقم 57 لسنة 2001 فيما تضمنه من اعتبار ضريح الحاخام اليهودى يعقوب ابوحصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله والتل المقام عليه بقرية ديمتوه بدمنهور بمحافظة البحيرة ضمن الآثار الإسلامية والقبطية لانطوائه على خطأ تاريخى جسيم يمس كيان تراث الشعب المصرى. ثانيا: إلزام الوزير المختص بشئون الآثار بشطب هذا الضريح من سجلات الآثار الإسلامية والقبطية، لفقدانه الخصائص الأثرية بالكامل، وإلزامه كذلك بنشر قرار الشطب بالوقائع المصرية. ثالثا: إلزام الوزير المختص بشئون الآثار بإبلاغ اللجنة الدولية الحكومية "لجنة التراث العالمى "بمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو" بشطب هذا الضريح من سجلات الآثار الإسلامية والقبطية تطبيقا للاتفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى والقانون المصرى وإعمالا لمبدأ السيادة على الإقليم المصرى الكائن به هذا الضريح على أن يكون ذلك الإبلاغ مشفوعا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة باعتباره الوثيقة والسند لهذا الإبلاغ رابعا: رفض طلب إلزام الجهة الإدارية بنقل هذا الضريح إلى إسرائيل استنادا إلى أن الإسلام يحترم الأديان السماوية وينبذ نبش قبور موتاهم، ودون الاستجاية للطلب الإسرائيلى المبدى لمنظمة اليونسكو بنقل الضريح إلى القدس إعمالا لقواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى واتفاقية جنيف الرابعة واللائحة المتعلقة بقوانين واعراف الحرب البرية لاهاى باعتبار أن القدس أرض محتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة وتخرج عن سيادتها وتلافيا لإضفاء شرعية يهودية الدولة بتكريس سلطة الاحتلال الاسرائيلى بتواجد هذا الضريح على أرض فلسطين العربية. خامسا: إلغاء إقامة الاحتفالية السنوية لمولد الحاخام اليهودى يعقوب أبو حصيرة بصفة نهائية لمخالفته للنظام العام والآداب وتعارضه مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها، وذلك كله على النتحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وذكرت مصادر قانونية أن هذا الحكم يعتبر جديدا على الفكر القضائى المصرى، حيث استند إلى مراجع تاريخية وأثرية وأسانيد راسخة لا تخضع للاجتهاد أو التأويل أو التفسير. كما أشارت مصادر أثرية إلى أن هذا الحكم أرسى قواعد جديدة تعكس أهمية وقيمة الأثر حضاريا وإنسانيا خاصة أنه استند إلى أبحاث موثوق فيها لعلماء مشهود لهم بالنزاهة والعلم والتجرد ومنهم أسماء لامعة في التاريخ المصرى والشرق أوسطى ومنهم علماء غربيون يعتنقون الديانة اليهودية. وأفادت مصادر بجمعية القانون الدولى، أن هذا الحكم يعكس الأهمية التاريخية والدينية للقدس وأرسى صرحا جديدا في حماية المقدسات مبينا أصولها في التاريخ والأديان، وأنه سند قانوني وفقهي، دعما للحق العربى في فلسطين، وأشارت مصادر فقهية إلى أن هذا الحكم يجب أن يدرس في الجامعات المصرية، ويكون موضع أبحاث ودراسات.