أفيقوا قبل أن تأكلوا من رماد أوطانكم تركت كل أعمالي اليومية واعتكفت بالمنزل متأملا جمله عارضه فى أحد المقالات عن ضبط أحد الأفراد يبيع كتاب محروق استحوذ عليه السارق من المجمع العلمى بعد حرقه, وبرغم خطأ الفعل ولكننى ذهبت إلى التأمل فى خطأ المفعول به وهو السارق , فأى مبلغ سيعود عليه من كتاب محروق ثمنه لن يكفى رغيف خبز واحد ليسد جوعه لبضع سويعات؟ انه فعلا لإنذار خطر نحن على شفاه بالغد القريب إن لم نتدارك جميعا خطورة ما نحن مقدمين عليه والذى سبق وأن نوهت إليه فى مقالات عديدة فتعالوا نستعرض حصيلة ما اطلعت عليه من أخبار فى هذا اليوم الكئيب الذى شعرت فيه بعدم قدرتى على تناول اى طعام حتى ولو الخبز الذى حصل عليه سارق الكتاب المحروق. الخبر الأول: وهو وفاة رئيس المجمع العلمى عن عمر يناهز المائة عام, نعم أيها السادة موظف حكومى على رأس أهم مجمع علمى فى العالم وعمره تسعه وتسعون عاما مع احترامي لتاريخه العلمى ماذا فى استطاعته تقديمه بعد هذا العمر الطويل وضعف ووهن قدراته الذهنية والعضلية بعد أن تقدم به السن وعدم قدرته على القيام بواجباته الادارية واليومية والأدهى من ذلك أنه جمع بين رئاسة المجمع العلمى ورئاسة مجمع اللغة العربية. فهل عقرت مصر عن إبراز قدرات إدارية ليتناوب عليها شباب أو شيوخ فى عمر قادر على العمل وتقديم القدرات الخلاقة. فهل عقرت مصر ليجمع رجل فى هذا العمر هاتين الوظيفتين الكبيرتين وغيره من الوظائف التى كان من الممكن لو تم توزيعها بعدالة ونظره مستقبليه لامكن تجنب خلق هذه الفئات الفقيرة والتى وصل بها الحال الى أن تأكل من رماد أوطانها؟! فأنا هنا لا أعترض على شخص العالم الجليل ولكنى أعترض على عدم القدرة على نقل وتداول الوظائف للأجيال التالية. فهل تعلمون أن أحد أسباب تنحية عمر ابن الخطاب لخالد ابن الوليد فى أوج انتصاراته هو تداول الخبرة وإظهار أجيال تاليه لخالد ابن الوليد خوفا من عدم قدرة الدولة الإسلامية من إدارة شئون المعارك من بعد خالد ابن الوليد فسعى إلى تسليم قيادة الجيوش للأجيال التالية من بعده. فلو كان تم تداول السلطة للمجمع العلمى, بالتأكيد كان سيأتي شاب قادر على العطاء ويفكر فى تامين مداخل ومخارج المجمع حتى لا تكون مستباحة فى موقف مثل موقف التجمهر حوله وحماية أبوابه ومنافذه بمواد مقاومه للحريق حتى لا تنتشر الحرائق كالنار فى الهشيم لجميع طوابق المبنى , وكان بالتأكيد سيفكر فى إنشاء شبكة إطفاء ألى وكان سيقوم بتسجيل جميع محتويات المبنى فى سجلات دقيقه وحفظها على الحاسب الالى وترقيمها وتصويرها بالوسائل الالكترونية الحديثة والميكروفيلم , وحفظ السجلات والكتب والخرائط الهامة فى خزن ضد الحريق يتم إغلاقها بإحكام والاطلاع عليها بأسلوب علمى حديث , وللعلم سبق لى أن نوهت الى ذلك فى إحدى مقالاتى منذ عامين وتناولت الأسلوب العلمى لتسجيل وتأمين المقتنيات التاريخية لدحر الأخطار. الخبر الثانى: وهو الحصول على كتابين من المجمع العلمى يباعان على الرصيف فى شارع القصر العينى, وبعد فشل السيدة التى وجدتهم فى إقناع بائعهم بإعادتهم إلى المجمع العلمى, اشترت الواحد بخمسه وعشرون جنيه, وهو مبلغ بالكاد يكفى للنذر اليسير من الخبز. فبالتأكيد هذا الشخص لم يستطع الحصول على ما يسد به رمقه حتى ولو الخبز من مصدر حلال, ولكن هناك فشل فى إدارة مشاريع وخلق مشروعات قوميه تدر العائد الكافى لسد رمق عامة الشعب. فمع احترامي للعالم الجليل أحمد زويل وعلماء الأمة الذين سارعوا بإنشاء المجمعات العلمية من بعد الثورة فلا والله فالخبز يأتي أولا ثم الصروح العلمية لان العالم لن يستطيع أن يبدع وبطون أولاده خاوية تضور جوعا. فيجب الإسراع ببناء مشروعات ولو صغيره لتحتوى العمالة العاطلة وتوفير العمل الشريف لكل مواطن فالخبز يأتي أولا ثم الجامعات والصروح العلمية لان الطالب لن يستطيع التفكير والإبداع وهو جائع وبطنه خاوية أو تحاط به القمامة, فما الفائدة من إنشاء صرح علمى يدخله العلماء ومن حولهم أكوام القمامة وأطفال الشوارع ذوى البطون الخاوية حول المبنى العلمى أو الجامعة, منتظرين لحظة حرقه للحصول على النذر اليسير من المحروقات ليبيعوها فى الطرقات مقابل الخبز. الخبر الثالث: وهو عن القروض التى تتطلبها مصر حتى لا ينهار الاقتصاد وتبادل الآراء حول عدد المليارات التى تحتاجها مصر واشعر إنني فى نفس موقف ضعف الرؤية والإبداع الفكرى للقائمين على إدارة شؤون البلاد والتى يمكن الإبداع عن طريق الأفكار الخلاقة والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة والتى منها مثلا يمكن تهديد الدول الأجنبية الحاضنة للآثار المصرية باستردادها أو دفع أيجار سنوى عنها وسبق لى النجاح فى هذه المهمة فى انجلترا. فأعتقد أن هذه المبالغ ستكون بالمليارات كما حصلت فرنسا على أربعة مليارات من الدولارات بالإضافة للإيجار السنوى للآثار المصرية, وأكرر للآثار المصرية التى تستعيرها أبو ظبى من متحف اللوفر الفرنسى فيال الهول فرنسا هى التى تحصل على إيجار الآثار المصرية ومصر لا. والخبر الرابع والخامس والسادس إلى ما لا نهاية وهو خبر ضرب المتظاهرين وحرق المجمع العلمى والذى ألوم فيه كذلك سوء الإدارة للقائمين على شئون البلاد, فهؤلاء الشباب المتظاهر لديه طاقه كان من الواجب استغلالها بعد الثورة مباشرة فى مشاريع قومية مثل تجميل وتطهير شاطئي نهر النيل وسور مجرى العيون و تطهير الصحراء من الألغام والاستغلال العلمى للأبحاث المتواجدة فى المكتبات ورسائل الدكتوراه والأبحاث العلمية والتى كان مصيرها أرفف المكتبات فى الجامعات بدون تطبيق مثل تطوير زراعة القمح والزراعة بالمياه المالحة وغيرها من الأفكار الخلاقة التى من الممكن أن يكون لها عظيم الأثر فى تطوير البنية التحتية وانخراط الشباب فى مشروعات قوميه وتصرفه عن التظاهر لأنه سيجد أن بلاده فى طريقها للتطور ولا حاجه للتظاهر وسينتظر للتطلع للمستقبل الباهر والذى سيأتي بعد ذلك على أساس التطوير العلمى الذى ستبنى له المؤسسات والجامعات الضخمة ولكن بعد الغذاء. وهنا أود أن أتذكر فى هذه الظروف الحالكة عالم جليل أبى أن يعيش معيشة رغده وبلاده فى معيشة ضنك, وهو العالم الشهيد جمال حمدان , نعم فهو شهيد لظروف موته والتى كان فيها شبهة الاغتيال وشهيد الحياة التى حرمها على نفسه لسوء أحوال بلاده, فرحم الله جمال حمدان صاحب الرؤية المستقبلية والقدرة على التفكير الاستراتيجي حيث لم تكن الجغرافيا لدية إلا رؤية إستراتيجية متكاملة للمقومات الكلية لكل تكوين جغرافي وبشرى وحضاري ورؤية للتكوينات وعوامل قوتها وضعفها، هذا العالم الذى استشهد لعدم قدرة المجتمع المحيط به على استيعاب ما ينتجه، إذ أنها غالبا ما كانت رؤية سابقة لعصرها بسنوات، وهنا يصبح عنصر الزمن هو الفيصل للحكم على مدى عبقرية هذا العالم الاستراتيجي. مؤمن الدسوقى استشاري نظم المعلومات [email protected]