قبل الانتخابات وأثنائها كان يسمى (برلمان الثورة)، ولكن بعد ظهور النتائج النهائية، وتباين نسبة القوى السياسية المتمثلة في البرلمان؛ فالأولى تسميته (برلمان الإثارة)وما أقواها من إثارة! فقد جاءت نتيجة الانتخابات بنسب للتيارات السياسية ستجعل البرلمان القادم على صفيح ملتهب، ودعونا نتكلم قليلا بلغة الأرقام؛ حتى نقف على سبب هذه الحالة في البرلمان المقبل. فقد حصلت أحزاب التحالف الديمقراطي تحت اسم حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسي لجماعة الأخوان المسلمين) على نسبة تبلغ تقريبا 48% من البرلمان القادم؛ هذا إن سلمنا باستمرار هذا التحالف الانتخابي داخل البرلمان مما يجعله أكبر القوى السياسية تمثيلا في البرلمان، ولكن وكجزء من الإثارة فهو بهذه النسبة لا يمثل أغلبية برلمانية. ولذلك اتجه الحرية والعدالة مؤخرا إلى استمالة بعض القوى السياسية للتحالف معه في البرلمان؛ حتى يستطيع أن يصل إلى الأغلبية، فعمد إلى حزب الوفد الذي حصل تقريبا على 10% من مقاعد البرلمان (وهذه النسبة كفيلة للوصول للأغلبية البرلمانية إذا تحالفت مع الأخوان). ومع أن هذه الصفقة مغرية للوفد إلا أن حزب الوفد يعلم جيدا أنه لو وافق على هذا التحالف؛ لن يكون بأكثر من مجرد تابع مع التنازل عن كثير من ليبراليته ومشروعه الأيدلوجي. ولكن - مجبر أخاك لا بطل- فماذا سيبقى لحزب الوفد إن لم يتحالف مع الإخوان ؟! فحزب النور السلفي يراه الوفد أكثر تشددا من الإخوان، ويمثل الدولة الدينية بعينها- بحسب اعتقادهم- أضف إلى ذلك أن تحالف النور مع الوفد لا يعطيهم الأغلبية بل يعطيهم نسبة المعارضة وهي الثلث، وأكاد أجزم بأن النور السلفي والوفد الليبرالي لن يتفقوا مطلقا في معارضة؛ بل نستطيع أن نقول أن مشروع الوفد الأيدولوجي مع بقية الأحزاب الليبرالية هو: التصدي لمشروع النور السلفي؛ فتحالف الوفد مع النور قد يصل لدرجة الاستحالة، ناهيك عن تحالف النور مع الكتلة . يبقى تحالف الوفد مع شركائه في الأيديولوجية، كالكتلة المصرية التي حصلت تقريبا على 12% من التمثيل في البرلمان، وكذلك بقية الأحزاب الأخرى التي لم تتعدى نسبتها 5%. وهذا التحالف أن أكتمل فهو لا شئ تقريبا؛ لأنهم بتلك النسب مجتمعة لن يمثلوا حتى ثلث البرلمان؛ وبالتالي فهم غير مؤثرين في أي قرار يتفق عليه البرلمان بدونهم يبقى حزب النور الذي يمثل تقريبا 25% من البرلمان وهو أيضا لا يمثل بتلك النسبة ثلث البرلمان بمعنى آخر لن يستطيع أن يقوم بدور المعارضة لان الفيتو البرلماني يقتضي نسبة ثلث البرلمان كما هو معلوم. أما عن تحالفه مع الحزب الأول في البرلمان ليمثلوا الأغلبية المطلقة فهو شئ وارد لكنه بعيد نوعا ما. فالسلفيون لهم منهجهم الخاص الذي لا يداهنوا فيه، ولا يتنازلوا عن مبادئه، فهم أصحاب مواقف ثابتة، ولن يرضوا بالتبعية لمنهج الأخوان وما يروا فيه من أخطاء؛ وسيزيد من تمسكهم بهذا الموقف: نسبتهم الكبيرة- فهم القوة الثانية في البرلمان- فليس هناك داعي للتنازل من أجل التحالف مع الإخوان؛ على عكس الوفد مثلا الذي يريد أن يجبر نسبته الصغيرة. وقد أدرك الأخوان هذه الحقيقة؛ لذلك لم يسعوا جديا في التحالف مع النور، وإن كنت أظن أن تحالفهما متوقف على مواقف الأحزاب الليبرالية من القوانين التي تتصل بالشريعة داخل البرلمان، فالخلاف بين النور والحرية والعدالة فيه سعة في ظل تضاؤل القوى الليبرالية؛ أما في حالة تأسد هذه القوى على المشروع الإسلامي؛ فليس هناك بد من تحالف الحرية والعدالة والنور لتمرير مشروعهم؛ إذ أن تحالفهما يقضي تماما على أية فرصة للأحزاب ذات المرجعيات المختلفة. أما الكتلة المصرية فهي على الجانب الأخر من حزب النور، هي ضد المشروع الإسلامي للدولة سواء صرحوا بهذا أم لا؛ ومن الصعب جدا أن يتحالفوا مع أحد الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية؛ التي ما دخلوا البرلمان من الأصل إلا لمعارضتها. بالإضافة إلى أن تحالفهم مع شركاء الأيديولوجية الواحدة لن يسعفهم كما ذكرنا آنفا فالبرلمان المقبل أغلبيته مبهمة كما أن معارضته مبهمة, فهل يستطيع الإخوان التحالف ليحقق الأغلبية ؟؟هل سيوافق الوفد على التحالف ويتنازل عن أيديولوجيته وينضم للمعسكر صاحب المرجعية الإسلامية؟! هل يتحالف النورمع الحرية والعدالة ليقضوا على اي مناوشات في المجلس ضد مشروعهم؟!هل ينجح النور في التحالف مع غير الحرية والعدالة ليأخذ دور المعارضة ؟!هل يتحالف الوفد مع الكتلة المصرية وبقية الأحزاب الصغيرة في ظل عدم تحالف النور مع الحرية والعدالة ليكون برلمانا بدون أغلبية أو معارضة؟!هذا ما ستكشفه لنا الأيام القليلة القادمة داخل برلمان الإثارة.