جملتان توقفت عندهما كثيرا أثناء قراءتي لإخبار الصباح فى وسائل الإعلام:- الجملة الأولى وهى قول سوزا الرئيس الحالي للبرازيل : بدأنا من لا شئ، وحققنا الكثير. عندما ذهبت إلى ساو باولو لم يكن لدي حذاء انتعله، والآن أعود إلى بلدتي وأنا املك ثلاثة منازل ولدي سيارة ومال يكفي لبدء مشروع وأسرة جميلة . هل تصدق أنها كلمات لرئيس البرازيل؟. ارتجفت من دقة التعبير والصدق فى العرض للحال فى الماضي ، والصدق أيضا لعرض الحال الميسور الذى هو عليه الآن الرئيس البرازيلي, والذى لم يفكر فى تغيير الدستور للاستمرار فى الحكم لمده تاليه, أو لمدى الحياة, ولا توجد له حسابات سريه فى بنوك سويسرا، أو اغتصب أرضا، أو باع أرضا ,أو مصنعا بسعر بخس, وإنما كان حريصا على أموال بلاده وشعبه وحريص على تنميتها، ولذلك أصبحت البرازيل قوه صناعية واقتصادية يحسب لها ألف حساب, وفى فتره قصيرة ارتفع مستوى الدخل للشعب كله وهو منهم, واستطاع أن يمتلك ثلاثة منازل وسيارة, وهذا هو لب النجاح, فما فائدة أن تصبح غنيا فى دولة فقيرة وضعيفة وتمتهن كرامتها, وأنت بداخلها فانك من نفس السفينة التى تهان فى البحار المتلاطمة بأمواجه العالية، والتى قد تغرق بك وبأموالك معا،والتى أفنيت فيها عمرك لتجمعها ولتعددها ولتكنزها على صدورك وصدور حاشيتك, مما قد تكون سببا فى غرق الجمل بما حمل. والجملة التالية عندما كانت خليفة الرئيس البرازيلي تتحدث عن التحديات المستقبلية ، الرئيسة المنتخبة ديلما روسيف، التي كان شعار حملتها الانتخابية مواصلة مجهود الرئيس لولا. فيالها من جمله براقة، ولم نعهدها أو نسمعها فى بلادنا إلا وهى استكمال ما بدأه أسلافنا, ولكننا تعودنا على هدم انجازات أسلافنا وتسفيه انجازاتهم، وقد يصل الأمر إلى هدمها للبدء من الصفر الذى لم نبارحه حتى الآن ولا زلنا نستورد غذائنا وملبسنا ومعداتنا وأجهزتنا الطبية والعلمية من الدول التى تتبع منهج البدء من حيث انتهى أسلافهم, والبناء عليها وإصلاح أخطائهم إن وجدت, وليس من الصفر كما نفعل نحن, لنثبت أننا بنينا كل شيء نحن ،وليس هناك أحد أخر غيرنا فى الكون قد يكون ساعد، أو بدء ولو جزء يسير من البناء. فيا ترى متى نبدأ من حيث انتهى أسلافنا لنتقدم ونعلوا على أسلافنا، بدلا من أن نظل خلف أسلافنا إنني أتحدى ان سبب تخلفنا عن أجدادنا القدماء المصريين, انه أتى جيل من أجيال الصفر وفضل أن يبدأ من نقطة الصفر, متجاهلا انجازات أجدادنا, وظل عند نقطة الصفر لا يبارحها, وان أنجز أتى من بعده من يهدم ما أنجزه سلفه وظل عند الصفر.
إن الانجاز والتقدم يعتمد على البناء والانجاز والتواصل بين السابق واللاحق وإلا ستكون آلامه مثل آلامه المصرية التى لها تاريخ عظيم, ومجد عظيم, وحاضر متعثر لا يستطيع حتى أن يصل إلى نقطة الصفر، ويعرف كيف صنع أجداده أمجادهم وكيف توصلوا إلى أسرار التحنيط لأننا لم نتواصل مع ماضينا وسفهناه وفضلنا أن نبدأ من الصفر فنسينا علومنا التى برعنا فيها.
فهل سيأتي اليوم الذى نستكمل فيه ما بدأه أسلافنا، ونستكمل مشروعات من سبقونا فى العمل، ونستكمل ونصحح فقط ما بدأه أسلافنا ورؤسائنا ، ولا نهدم كل شىء لمجرد حب التملك والظهور بمظهر بناة الكل وليس الجزء الذى بدأه أسلافنا؟