يوجد فى المنطقة العربية والإسلامية نموذجان للدولة، أو ما يطلق عليه نظام الحكم، الذى يجب أن يختاره المسلمون لشكل دولتهم، التى يجب أن تتعامل مع الغرب . النموذج الأول: نظام شكله إسلامى، ويحكم بالشريعة، ولدية قبول كبير؛ لأنه يتستر بالدين لكى ينفذ الأهداف الأمريكية؛ وهذا النموذج هو نظام الحكم الملكى فى السعودية، فهى تقدم لنا صورة للحكم يرضى بها المحتل الأمريكى، والمغتصب الصهيوني؛ فالملك عبد الله هو صاحب المبادرة العربية فى لبنان- حين كان ولياً للعهد أنذاك- وهى المبادرة التى تعترف بحق اليهود فى اغتصاب الأراضى الإسلامية العربية، وتلغى حق العودة لعرب 48 المشردين فى العالم . النموذج الثانى الذى تقدمة لنا أمريكا: هو النظام التركى، فتركيا التى كانت متعثرة إقتصاديا على مدار عقود من الزمن، وفشل النظام العلمانى العتيد فى حل مشكلاتها، إذا بها تتحول خلال سبع سنوات (وبدعم مالى أمريكى) إلى دولة مكتفيه ذاتياً! مما جعلها مثال رائع، يتطلع له كثير من الدول العربية والإسلامية؛ لأجل التغلب على عثراتها ومشكلاتها الإقتصادية والتنموية . فتركيا لم تتخلى عن العلمانية بصورة كاملة، فحزب العدالة والتنمية، الذى خرج من رحم حزب الرفاه ( نجم الدين اربكان) التركى ذو التوجه الإسلامى، هو الذى قام بالنهضة التركية،وجعل من تركيا دولة محورية، مؤثرة فى المنطقة العربية، ولاعب أساسى فى دول جنوب تركيا، وهذا الحزب ذو التوجه الإسلامى قام بدعم القضية الفلسطينية، وقضية غزة، وأسطول الحرية؛ وكذلك فى مؤتمر دافوس الإقتصادى، كان رجب أردغان يقدم للعالم العربى والإسلامى صورة للبطل القومى . كان الاختبار لصدق تركيا هى قضية : ( تسليح الثوار الليبين ) ضد نظام ديكتاتورى، يقتل المدنيين فى ليبيا؛ وحين بدأت الآلة الإعلامية الغربية ضد القذافى، فى تقليب الرأى العام العالمى ضده؛ كان طبيعى أن ينظر العالم الإسلامى لدور تركيا، والبطل المسلم الفاتح(رجب أردغان) كمنقذ للشعب المسكين؛ لكن المفاجأه هى: أن العرب والليبين وجدوا تخازلاً من الأتراك، وأصبح الدور التركى باهت، ولا يتناسب مع الصورة التى قدمها لنا أردغان ( أنه يحمل هموم المسلمين فى كل مكان؛ وأنه لولا بعد الحدود مع اسرائيل، لشن عليها حرب تحرير القدس) . فما هو سر تخازل الأتراك ونظام دولة اردغان ؟ الواقع ان الغرب والأمريكيين من مصلحتهم الاستراتيجية إطالة آمد الحرب، وبالتالى فهم لا يريدون الإسراع بإسقاط القذافى الأن، ويقومون بدعمه بالسلاح سرا وبطرق غير مباشرة، وتتباطئ قوات الناتو فى توجيه ضربات تُنهى المعركة لصالح الثوار . إن الغرب قد استغنى عن نظام القذافي، ولكنه يريد نظاماً جديداً فى ليبيا يكون تابعاً لهم، وحتى تضمن أمريكا تبعية هذا النظام الجديد؛ فيجب تدمير كل مقدرات ليبيا وتحويلها أكثر تخلفا وفقرا، مع إنها دولة غنية بمواردها الطبيعية، وبالتالى يضطر أى نظام حكم جديد فى ليبيا أن يبدأ علاقته مع أمريكا وهو مستسلم، ضعيف، لا يملك قراره وحريته، وربما يتحول مع الوقت إلى قذافى جديد ! . لقد تخلت تركيا عن مساعدة شعب ليبيا، فى الاسراع بالتخلص من القذافي بما يضمن الحفاظ على المنشأت،والبنية التحتية الضعيفة أصلا؛ وعرضت تركيا فكرة هزيلة للصلح بين طرفى النزاع فى ليبيا؛ وهذا ما أثار شعب ليبيا ضدها، وهى فكرة تساوى بين الضحية والجلاد، وتعطى مشروعية لنظام ديكتاتورى، قصف الاطفال والنساء وقتل شعبه . لقد كشفت الثورة الليبية الدور التركى (الحليف الاستراتيجى للغرب) لأجل تحقيق الأهداف الأمريكيةوالغربية فى المنطقة، وظهر للشعب الليبى والعربى أن تركيا ليست هى الحلم والأمل الذى يحلم به المسلمون، للدفاع عن حقوقهم ضد الأهداف الأمريكيةالغربية .
وهذان النوعان من نظم الحكم ذات التوجه الإسلامى اللذان ترضى عنهما أمريكا وتريد فرضهما على المسلمين .