وزارة التخطيط، تعتبر الوزارة التي تضع الخطط العاجلة والآجلة بالدولة، وفقا لما تمتلكه من معلومات عن الموارد والإمكانات، والضروريات لكل وزارة، ثم تقوم الوزارات بوضع اليات التنفيذ لهذه الخطط، فهي التي تنسق بين كافة الوزارات حتى يخرج في النهاية خطة عامة للدولة، برؤية واضحة، وفى خلال اخر عقد من السنوات تغير مفهوم التخطيط بشكل كبير، ففي الدول المتقدمة يوجد نوعين من الخطط، قصيرة الأجل وهى عام فاقل، لتتفاعل مع التغييرات السريعة في المجتمعات، وتوفر قدراً من الرغبات السريعة والمستمرة، وأخرى طويلة الأجل من عام فأكثر، لتبنى خطط تأخذ في الاعتبار ما يحتاجه المجتمع وما ستخططه للأجيال القادمة، وهناك دول كإسرائيل تضع خطط تفوق العشرين عاماً وأخرى لخمسين عاماً، خاصة في المجالات العسكرية والتكنولوجية، وتعتبر اليابان وكوريا الجنوبية من افضل الدول القادرة على خلق أساليب وإبداع أهداف لتتناسب مع حالة التشبع في المجتمعين، وينظر للدول النامية بانها لاتزال في حاجة لخطط تنموية توظف مواردها المتاحة، بشكل افضل، وقد حققت دول أمريكا اللاتينية وماليزيا وتركيا معدلات نمو اقتصادية سريعة تدل على نجاح خططها وبرامجها التي وضعتها فى اخر عشر سنوات، إلا انه تعتبر الهند في مقدمة الدول المهتمة بالتكنولوجيا في مجالاتها العديدة التخطيطية، أما سمة الدول العربية غير النفطية ومنها مصر، فتقوم بناء برامجها على كيفية التوازن بين الموارد المحدودة والرغبات العديدة لمواطنيها، والتي تعانى من عجز فى ميزانيتها بصفة عامة، لذا تعتبر وزارة التخطيط من اهم الوزارات التي عن طريقها يمكنك معرفة أهداف الدولة العامة الاقتصادية والاجتماعية، وكيفية تحقيقها، فبناء خطط جيدة يمكنها تحقيق معدلات نمو افضل، ومستوى معيشة للمواطنين، وتقليل نسبة الفقر والبطالة، والعمل على جودة التعليم، والأخذ بأساليب البحث العلمي، وغيرها، فكنت أتوقع فصل وزارة التخطيط عن التعاون الدولي، لكن على ما يبدو أن الظروف الحالية تستوجب ضم الوزارتين لتسهيل وضع الخطط والتفاوض مع المنظمات التمويلية الدولية، كما أن اختيار وزير شاب، يعد اصغر وزير عرفته الأجيال الحالية، لا يعنى اختياراً موفقا إلا بقدرته وكفاءته وإمكانياته فى إدارة الوزارة، فالقياس ليس بالسن أو الانتماء الحزبي بقدر ما سوف يقوم بتحقيقه بابتكارات وأفكار نوعية لإحداث تغييرات في الوزارة. احدث التغيير الوزاري الجديد بالحكومة، بعض علامات التعجب حول بعض الأشخاص، ابرزها اختيار المستشار بجاتو، باعتباره غير محسوب على الثورة، وانه لم يكن في صفوف المؤيدين للرئيس، ولم يعرف ولائه للإخوان، إلا ان اختياره سيكون له فوائد عديدة، باعتباره رجل قانون له خبرة طويلة، لعله يصلح مما أصاب الفترة السابقة من تخبط واختلافات بين القانونيين والسياسيين عن ما يجب، كما انه يمثل توازن بين كافة الاتجاهات السياسية، فهو رجل ذو شخصية قوية، ومقنع ولا يمكن التأثير عليه بسهولة، فاختياره يعتبر اختيار سياسي من الدرجة الأولى، وينبع عن دقة في اختيارات الأشخاص وفقاً للمرحلة، واحتياجاتها، إن التغيير الوزاري الجديد يمثل تجربة اعتقد أخيرة قبل الانتخابات البرلمانية، والتي سينتج من خلالها حكومة من الأغلبية بالبرلمان، إلا أن أداء الوزارة الحالية سيكون مؤثراً فى تلك الانتخابات، فبكل إنجاز سيتحقق سيكون له أثر إيجابي على انتماء الوزير، ونجاح الوزارة ككل سيحقق مكاسب انتخابية للإخوان باعتبار انتماء الرئيس، وأن الإخوان هم الذين يؤثرون في القرار الحالي، ومؤثرين باختيار المسئولين، لذا سيكون هناك رغبة قوية لدى كافة الوزراء فى إحداث تغييرات والقيام بأقصى ما يمكنهم من مجهود، لطرح رؤية الأحزاب فى صراع قادم سيكون الأكثر تأثيرا بعد الثورة، حيث أن الوزارة القادمة ستمتلك على الأقل نصف صلاحيات الرئيس، وستمتلك من القوة والتغيير بالمجتمع المصري وفقا للدستور صلاحيات لم تسبق فى تاريخ مصر .د.سرحان سليمان الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى [email protected]