لا شك أن أمريكا والغرب بلاد العلم الحديث،فالفارق العلمى بيننا وبين تلك الدول فى التعليم والبحث العلمى كمن يركب قطار يسير بسرعة الطلقة ومن يركب التوكتوك،إلا أن أهم علوم تدرس فى الخارج هو علم الإدارة-كيفية إدارة الموارد-،ويعتبر الاقتصاد رأس تلك العلوم،وإذا ذهبنا إلى السياسة فنجدها قائمة على أعمدة التخطيط والاستراتيجيات والتنفيذ الدقيق،والمعروف أن اى دولة تضع لنفسها خططاً قصيرة الأجل لا تتجاوز سنة،وخطط طويلة -خمسية وأخرى قد تصل إلى التخطيط للأجيال القادمة-،فى منظومة الإمكانات والاحتياجات،فالتخطيط الجيد المؤدى الى التقدم من يقدر على التوازن بين الاحتياجات المتعددة والمتجددة والمستمرة وبين الإمكانات المتاحة،فكيفية إدارة الموارد هو السبيل إلى إحداث حركة النمو وتقدم المجتمعات وتحقيق رفاهية للشعوب،ولذلك الدول المتقدمة تنفق بشكل كبير على البحث العلمى لإيمانها أن كل دولار يتم صرفه حالياً سوف يكون له قيمة مضافة للاقتصاد وسوف يعود على أفراد المجتمع بالنفع،وهناك دولاً تفتقر للإمكانات لكنها تمتاز بكيفية الإدارة الإستراتيجية مثل إسرائيل والصين والهند وغيرها،بل أن دولة صغيرة للغاية قد لا تتجاوز مساحة شبرا تقوم بتصدير منتجات أكثر من الدول العربية مجتمعة،وان ما تحتاجه مصر الآن هو التخطيط السليم وفقاً لإمكاناتها وقدراتها المتاحة والمتطلبات الملحة،وان ذلك يحتاج لأدوات أهمها العقل الذى يدير تلك الإستراتيجية وهذا التخطيط،فمصر دولة كبيرة فى تعداد سكانها،وتمتاز بتنوع مواردها،إلا أن النظام السابق افسد كل القطاعات فى الدولة وأضاع معالمها الاقتصادية،فلا يمكن وصف اقتصادها بالاقتصاد الحر لتحكم رجال النظام السابق فى مفاصل الاقتصاد واستخدام الاحتكار وانتشار الفساد على نطاق واسع،فقد صنفت منظمة الشفافية العالمية مصر فى مركز متأخر للغاية بعد دول نامية كثيرة لانتشار الفساد فى مصر . أن اختيار رئيس الوزراء الجديد الذى تعلم فى أمريكا عليه مسؤولية كبيرة فى إعادة منظومة إدارة الاقتصاد وموارد الدولة ومحاربة الفساد،وأولى مهامه تغيير القيادات الأقل فى الدرجات،والاستعانة بوجوه جديدة تؤمن بالعمل الجماعى وحب الوطن والعمل من اجله،لكنني سوف أركز على أمر هام وهو لماذا العامل المصرى لا يتمتع بصفات إنتاجية عالية؟اعتقد لأنه يشعر بالظلم وعدم العدالة،فإذا شعر المواطن بان هناك عدالة وانه سوف يستفيد من زيادة إنتاجه،وانه لا يوجد من يسرق نتيجة عمله،فانه سوف ينتج وبقوة،لذلك نحتاج لفلسفة جديدة وهى العمل من اجل أنفسنا،وهى سوف تأتى بثمارها على الوطن،إنشاء قواعد جديدة من النظم الإدارية للحوافز والكفاءات ترتبط بالإنتاج فى وجود حد أدنى من الرواتب سوف يحقق طفرة فى الإنتاج،وإيجاد بدائل أخرى غير سياسة الكوبونات والإعانات لأنها لن تقضى على الفقر وتزيد من الفساد،علينا ان نرى تجارب العالم المتقدم فى كيفية إدارة مواردها وكيف تم إحداث توازن فى المجتمع بين الطبقات،واننى أرى إنشاء جهاز لمكافحة الفساد يراقب الأداء الحكومى ويتمتع بصلاحيات كبيرة سوف يكون مؤثراً أيضا فى القضاء على سرطان الفساد. اختيار رئيس وزراء جديد هو نهاية فترة انتقالية صعبة منذ قيام الثورة وحتى الآن،وعليه أن يرى جيداً مشاكل مصر،وان يقوم بمعالجتها بطرق غير تقليدية،ويلزم ذلك تغيير المحافظين ومديرى القطاعات ووكلاء الوزارات إلى أشخاص جدد يتمتعون بعقلية إدارية وبنزاهة،ليكونوا الساعد فى تحقيق خطط الرئيس ورئيس الوزراء،ولا يمكن ان ينسى رئيس الوزراء أهم مشاكل مصر وهى البطالة والفقر والعمالة المؤقتة والمطالب الفئوية،فلكى يحدث استقرار وتدور عجلة التنمية لابد من القضاء على تلك المشكلات أولا بخلق دولة خالية من العمالة المؤقتة والمطالب الفئوية،وتحقيق عدالة فى الأجور،فنحن لا نزال أمام مفارقة بعد الثورة ان هناك أشخاص يحصلون على راتب شهرى اكثر من مليون وأخر لا يزيد دخله عم سبعون جنيها،بالإضافة الى العاطلين،وأنا اقترح أن يتم تقديم إعانة فورية لكل رقم قومى يعانى البطالة او الفقر بنحو 400 جنية فى الشهر بدل فقر أو بطالة لحين إيجاد فرصة عمل له،وفى حينها يتم منع الإعانة عنه،وهى بداية لمنع المطالب الفئوية ورفع المعاناة عن الشعب،ومصادر تلك المبالغ تأتى من تخفيض أجور الذين يحصلون على مبالغ غير معقولة فى الجهاز الحكومى،وهنا لابد لنا من إتباع سبل جديدة فى البيانات والمعلومات،فلا يمكن تصور ان يكون المواطنيين او التنظيم والادارة ليس على درجة كفء بحيث يكون لديه معلومات او بيانات للعاطلين والفقراء ورواتب الموظفين فى قطاعات الدولية،فنحتاج لحصر شامل لجميع المواطنين وممتلكاتهم وعملهم ثم تقييم ذلك فى خطة واسعة وسريعة لإحداث تغييرات جذرية يشعر المواطن بآثارها،نحتاج لسرعة فى اتخاذ القرارات والتنفيذ ليدرك ويعلم المواطن البسيط ان الثورة قد نجحت وان ثمارها قد بدأت،وهذا هو مسؤولية رئيس الدولة ورئيس الوزراء . سيدى الرئيس على بركة الله فى اختياركم لرئيس الوزراء الجديد ،ونحن كشعب أملنا كبير فى اختياركم فى تحقيق أمالنا وبدرجة ترضى الجميع ..وفقكم الله د.سرحان سليمان الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى [email protected]