لا شئ كامل ولا مثالى فى الحياة ، وما نحن إلا بشر نتسم بالنقص ولا نخلو من العيوب لا محالة .. ويبقى دائماً الكمال لخالق الكون وخالق البشر .. لله وحدة عز وجل ... وعلى هذه القاعدة العقلية ، علينا عندما نقييم الأشياء بالمنظور السليم ، يجب أن يكون لدينا نوع من التوازن ونتحلى بالأنصاف ، وعلينا أن ندرك أن لكل عمل قائم جانبين ، جانب مضئ وجانب مظلم ، ميزة وعيب ، فهناك ما يغلب عليه الجانب المشرق وتعلو ميزاته وتنير حسناته ويثقل كفته ، فتسعى أنت بالتالى لترجيحه وتحشد لتأييده ، وعلى الجانب المعاكس هناك ما تتغطى عليه المفاسد وتشوبه العيوب ويكسوه القصور ويجلب الضرر والفوضى ، فتتلاشى تطبيقة وتسعى لتنحيته بعيداا. وها نحن ذا مقبلين على مرحلة هامة وواعده فى تاريخ الوطن ، ونتطلع من خلالها عالياً لبدء مسيرة جديدة لحياة ديموقراطية ودستورية لدولة مدنية حديثة ، بها ضمانات لمقومات الدولة والمجتمع ، وترعى الحقوق والحريات الخاصة والعامة ، وتكفل حرية الفكر والإبداع والعبادة والاعتقاد ، وتوازن بين السلطات. وما نحن بصدده الآن هو طرح المسودة النهائية للدستور المصرى للاستفتاء الشعبى العام ، والذى جاء وسط عواصف من الأحداث المتلاحقة و المعطلة المعيقة للإنجاز ، وفى ظل المؤامرات الداخلية والخارجية والزخم الشعبى والجدال القائم من النخبة الصالحة والطالحة، ومع الممانعة الدامية المخربة من المعارضة الغير شريفة والخائنة للوطن. فيبدوا أن الدستور الجديد الذى منحه الشعب لنفسه ، قد أنهى مرحلة السلطة المستبدة وهيمنة النخب على وضع الدساتير ، مما أثار حفيظة البعض من التيارات العلمانية واليبرالية والكنيسة وفلول النظام السابق ، فأظهر ما يبطنوه من غل ، وما يخفونه فى قلوبهم من حقد ، وما يحملونه فى أنفسهم من عداوة تجاه الشريعة الإسلامية . فتلاعبوا بمصير الوطن وعملوا على إحراقه وتمزيقه ، واتحدوا ووقفوا جنباً إلى جنب مع رموز النظام السابق وزعماء الثورة المضادة واصطفوا خلف المشبوهين، يعاونهم القضاء الفاسد ، للانقضاض على الشرعية المتمثلة فى رئيس الجمهورية المنتخب .. رافضين قراراته السيادية والثورية . فمعارضتهم هذه كاذبة وحججهم تلك واهيه ، فلم يكونوا على قدر المسئولية ، فضلا عن أنهم لايعملون إلا لمصلحتهم الشخصية ، ويسعون لتحقيق طموحاتهم السلطوية والأحلام الرئاسية فيصعدون على أكتاف الأبرياء مستغلين دماء الشهداء ، و إلا ما كانوا يتقوون بالغرب ويطالبونهم بالتدخل فى شئون مصر الداخليه ، و إلا ما كانوا يرفضون الحوار الوطنى . فلو كانوا حقا أوفياء مخلصين للأمة كما يدعون ، لعملوا على صلاحها واستقرارها .. وعاونوا السلطة الشرعية المنتخبة ، وكانوا معارضين بشرف ، يبحثون ويناقشون المشكلات و القضايا المطروحة والأزمات الاقتصادية والسياسية ووضعوا لها التصورات و الحلول العملية والطرق الصحيحة المتاحة والفاعله للخروج ببلادنا لبر الأمان .. فلو فعلوا ذلك .. لكان خيراً ... وشئ يحمد لهم. لكنهم يعارضون ... ويعارضوون ... ويعارضووون .. ثم يعارضووووون ... ويسعون للفوضى والتخريب ، لإختلافهم مع القيادة السياسية ليس إلا.... فلوا أن تشكيل أعضاء اللجنة التأسيسية والدستور لم يعجبهم كما قالوا ، لما شاركوا فى تلك اللجنة منذ البداية ، ولما أقروا المواد المنصوصه به والتى أتموا مناقشتها حتى النهاية ... لو كانوا محبين للوطن حقاً.. لفندواالمواد الخلافية ودونوا النقاط السلبية والملاحظات وقاموا بعرضها على اللجنة الدستورية وحاولوا تغييرها، وأن لم يستطيعوا تحقيق ذلك تنازلوا عن طلباتهم الفئوية فى سبيل المصلحة العليا للبلاد ، ورضخوا لقواعد الديموقراطية وصمتوا أحتراما لرأى الاغلبية. ولو كانوا معارضين شرفاء منصفين أمناء مع الشعب ومع أنفسهم حقاً ، لعقدوا المقارنات بين الدستور الحالى والدستور السابق وما يماثله من الدساتير القديمة والحديثة على المستوى المحلى والدولى للوقوف على مدى ما حققه الدستور الجديد من مميزات .. إلا إنهم لم يفعلوا .. وقاموا برفض الدستور جملتاً.. ونحن كشعب مصر الأبى ورغماً عن أنف من يحتقرون بساطته وفقره وكونه لا يقرأ ولا يكتب ، نلفظ تلك المعارضة الخبيثة ، ونعلن بأننا سندعم الشرعية وسنشارك فى الاستفتاء سواء ب " نعم " أو ب " لا " أيا كانت نتيجتة . من أجل مواطنة جادة تعرف الواجب كما تمارس الحقوق ، من أجل الانتقال من الفوضى إلى الاستقرار. ومن هنا أحب أن أشيد وأثمن الموقف الوطنى المتعقل للقوى والتيارات الإسلامية من الدستور ، والتى قررت أغلبيتها المشاركة فى الاستفتاء والموافقة والتصويت ب " نعم " على المسودة النهائية للدستور ، والتى قبلته برغم ما فيه من عوار ، وأن كان لا يلبى رغبات الإسلاميين وما يرنون إليه من تطلعات ويسعون لتحقيقه بعد كفاح وجهاد ومعتقلات عقود طويلة فى سبيل تطبيق الشريعة الإسلامية. وذلك من باب المصلحة القومية للبلاد والتكيف مع الواقع الحالى والظروف المحيطة فى التعامل مع المأمول والمتاح درأً ًللمفسدة ، فما هو إلا دفع شر الشرين واحتمال أخف الضررين. " فليس أمام المستفتَين من المسلمين إلا هذا أو ما هو أسوء منه، وليس من الحكمة عقلاً ولا شرعاً اعتزال الأمر بما يتيح الفرصة لأهل الباطل من الكفار والمنافقين من تحقيق مرادهم" (1). وعن رأى ككاتبة مسلمة تحب تطبيق شرع المولى عز وجل وتحب وطنها وتتمنى له السلام والأمان :... أعلن بضمير مستريح و بكل ثقة واطمئنان " موافقتى " ، وترجيح ما مالت إليه القوى الإسلامية فى مصر .. وأقرر التصويت ب " نعم " على الدستور ، وبرغم اعتراضى على بعض ما فيه إلا أنه في جملته من أفضل الدساتير التى كتبت فى تاريخ مصر ، وهذه الاعتراضات لا تؤثر على بنية الشريعة ولاتصل به إلى حد الرفض ، وكل شيء نعترض عليه يمكننا تغييره مستقبلا. ولذلك سأقول " نعم للدستور " لأدعم الرئيس الشرعى المنتخب للبلاد ، الذى لا يقدر أن يصنع فى الوقت الحاضر أفضل منه ، بسبب المعارضة الخبيثة وقوى الفساد الخائنة للوطن . سأقول " نعم للدستور " حتى لا أهدر ساعات غالية فى عمر الوطن قد تصل الى ثلاثة عشر شهرا أو يزيد دون دستور ولا مؤسسات ، حتى نتمكن من انتخاب لجنة تأسيسة جديدة ويتم اعداد دستور جديد ومجلس شعب جديد ، ونظل فى دوامة لا تنتهى وحالة من عدم الاستقرار والصراع والوضع الداخلى المشتعل. سأقول " نعم للدستور " لأسرع فى بناء مؤسسات الدولة ، فتبدأ عجلت الأنتاج فى الدوران ويرتفع الاقتصاد ونحقق لشعبنا الاستقرار. سأقول " نعم للدستور " لأنهى المرحلة الانتقالية ، ونلغى معا .. جميع الإعلانات الدستورية السابقة. سأقول " نعم للدستور " حتى لا يبقى لدينا رئيساً ديكتاتورياً ، وتصبح صلاحياته وممارساته رهناً لجهات أخرى فى الدولة. سأقول " نعم للدستور " حتى يسود الأمان فى ظل الدستور والقانون ، فلا يقوى أحد أن يغتصب حقى ويهيننى ، أو يحاكمنى عسكرياً.
فإلى جموع المصريين فى كل بقاع الدنيا هلمووا بالخروج والمشاركة فى الاستفتاء على الدستور .. وكل مواطن مصرى اقرأ دستورك بنفسك ولا تسمع لكلام أحد من المضللين والمخربين ، وحذارى كل الحذر من النسخ المزورة المنتشرة لتشويه المواد الدستورية. وعندما تنتهى من القراءة و لا تجد مواد ضدك أو ضد دينك أو ضد بلدك أو ضد أمتك ... حينها خذ قرارك وقول : " نعم للدستور " ... [email protected] ------------------------- (1)- فتوى الشيخ عبدالرحمن البراك فى مسألة الاستفتاء على الدستور المصرى الجديد ..